بدأت فضائية "الشرقية" العراقية بثها قبل أيام، بعد بث تجريبي استمر زهاء شهر كامل. و"الشرقية" فضائية جديدة، تحاول أن تشد المشاهد العراقي إليها، عبر برامجها ذات النكهة المحلية، وهي تحاول أن تكون صوتا وطنيا مستقلا بعيدا عن الضغوط والثأثيرات التي أصبحت تحفل بها الساحة العراقية. ويدير الفضائية الوليدة ويشرف عليها الإعلامي سعد البزاز، صاحب مؤسسة الزمان للإعلام، والمستشار الإعلامي السابق في سفارة العراق في لندن، أما القائمون عليها فهم إعلاميون عراقيون معروفون في ميادينهم وتخصصاتهم، وهي النقطة التي تراهن عليها الفضائية الجديدة، على ما يبدو، في شدّ اهتمام المشاهد العراقي. فقد نجحت هذه الفضائية، خلال بثها التجريبي، في أن تشد المواطن العراقي إليها، من خلال العديد من الوجوه الإعلامية العراقية، التي يشعر العراقيون أنها جزء منهم. فقد أطل من خلال شاشة "الشرقية" المعلق الرياضي المعروف مؤيد البدري، الذي كان قد غادر العراق خلال حقبة التسعينيات، واستقر في دولة قطر، للعمل هناك. والبدري شخصية ينظر إليها العراقيون على أنها واحدة من أعمدة البلد الرياضية. كما يشعر العراقيون بحنين لاشعوري لحقبة البدري، عندما كان يقدم برنامجه الرياضي الشهير "الرياضة في أسبوع"، من على شاشة تلفزيون العراق منذ الستينيات وحتى نهاية الثمانينيات، عندما اعتذر عن تقديم البرنامج، مما جعل المواطن العراقي يشعر بحنين جارف له، ربما يعود بالأساس إلى افتقاده لأيام ماضية أكثر من افتقاده للبرنامج نفسه. ومن بين الوجوه التي استطاعت "الشرقية" أن تكسب بها المتابع العراقي، تلك الوجوه الفنية التي اشتاق لها العراقي، وسط أجواء مشحونة، بات يشعر فيها بالغربة، خاصة مع غياب إعلام عراقي قريب إلى نفسه، بعد أن فشلت قناة "العراقية"، التي تديرها قوات الاحتلال في الوصول إلى قبل وذوق المشاهد العراقي، فكان أن شاهد من على شاشة "الشرقية" خلال بثها التجريبي الفنان راسم الجميلي، والفنان قاسم الملاك، والفنان هاشم سلمان، وغيرهم من الفنانين البارزين. وقد بحثت "الشرقية" أيضا عن الوجوه التي ظلت ملازمة طويلا الشاشة العراقية في الفترة الماضية، إذ أعادت وجوه المذيعات اللواتي كن يقدمن نشرات الأخبار من على شاشة تلفزيون العراق سابقا، أو الفضائية العراقية، أو حتى تلفزيون الشباب، الذي كان يشرف عليه عدي نجل الرئيس السابق صدام حسين، وهي بذلك تجنبت واحدة من نقاط ضعف قناة "العراقية"، عندما استغنت عن كل تلك الوجوه السابقة، على اعتبار أنها كانت من رموز تلك الفترة. وقد داعبت /الشرقية/ مشاعر العراقيين المجروحة والمفعمة بالحنين إلى الماضي، في أجواء افتقاد الأمن والأمان والثقة في الوضع الجديد، من خلال بثها للأغاني المعروفة، التي اشتاقت لها الأذن العراقية كثيرا، وكذلك من خلال وصلات منوعة للمقام العراقي الأصيل. وقد عبر عدد من العراقيين عن فرحتهم بهذه الفضائية العراقية الجديدة. وأكد بعضهم ممن التقاهم مراسل "قدس برس" في بغداد عن أمنياتهم أن تكون هذه الفضائية الجديدة فضائية تعبر عن همومهم ومشكلاتهم باستقلالية، بعيدا عن تأثيرات السلطات التي أصبحت متعددة في العراق كما أشار البعض. كما تمنى عدد من العراقيين أن تكون الفضائية الجديدة فضائية وطنية، تحمل قدرا من المسؤولية في المرحلة التي يعيش في ظلها العراق، والتي تعتبر الأخطر في تاريخه الحديث، وأكدوا أنهم يتمنون من هذه الفضائية الناشئة أن تكون الصوت الوطني المعبر عن آمالهم وطموحاتهم، وأن تسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية، بعيدا عن مجاملة قوات الاحتلال، التي يرون أنها لن تنفع. كما لاحظ مراسل "قدس برس" أن الكثير من العائلات البغدادية راحت تتابع باهتمام برامج هذه الفضائية الجديدة، وهو الأمر الذي فسره كثير من المختصين بالإعلام على أنه تعطش لكل ما هو عراقي أصيل، كما أنه رفض لكل ما هو أمريكي، من خلال الاهتمام بهذه الفضائية الناشئة، والصد كليا عن قناة "العراقية" التابعة لقوات التحالف. قدس برس