ثالثاً : مع إيقاع طبول الحرب على العراق أطلقت طهران قناة العالم إلى جانب وجود قناة سحر ثم قناة الكوثر الإيرانيتين المستعربتين لتدعيم ترسانتها الإعلامية الموجهة للعالم العربي، ثم اطلقت السعودية فضائية العربية من دبي التي دخلت بشكل سريع مع قناة الجزيرة في إطار التنافس ثم أطلقت قناة الإخبارية من الرياض وتوالى انتشار الفضائيات الأجنبية الموجهة للعالم العربي أو ما يمكن أن نسميها بالقنوات المستعربة فالولايات المتحدة أطلقت قناة الحرة بعد إطلاقها إذاعة سوا وروسيا أطلقت فضائية روسيا اليوم وألمانيا أطلقت فضائية صوت ألمانيا | Deutsche Welle - «دويتشه فيله» وبريطانيا أعادت إطلاق فضائيتها BBCالعربية ومع احتفالات فرنسا بتدشين الاتحاد الأورو متوسطي في 12 تموز2008 عاد القسم العربي لقناة EURONEWS الأوربية للانطلاق مجدداً إذ توقفت هذه القناة في العام 1997 بعد عامين من البث تحت وطأة أزمة مالية لاعتمادها على الدعم المالي من المفوضية الأوروبية، ومنذ احتلال العراق ،و إسقاط نظام صدام حسين برزت عشرات القنوات العراقية (كالشرقية والعراقية والبغدادية وبلادي ) ، والآن وفي مصر ورغم وجود فضائية النيل للأخبار تجري الاستعدادات لإطلاق فضائية جديدة «الأهرام» المصرية، ومن المتوقع أن تنافس بشكل سريع غير مسبوق قنوات الجزيرة ،والعربية وبي بي سي العربية ،على اعتبار أن المؤسسة صاحبة المشروع مؤسسة الأهرام الأقدم (تأسست عام 1876) والأكثر عراقة في العالم العربي لها تاريخ مهني طويل وتمتلك الإمكانيات اللازمة . وفيما برز على المشهد الإعلامي في المغرب الأقصى حضور لقناة MEDI SAT1 التي تنطلق من طنجة ، فهناك من5 إلى7 محطات فضائية بانتظار الترخيص لها للانطلاق، فيما تستعد ليبيا لإطلاق «الليبية « بعد أن أطلقت فضائية الشبابية . تركيا لم تكن بعيدة عن مسرح الصراع الفضائي العربي، حيث أن فضائية تركية مستعربة جديدة على وشك الانطلاق في أية لحظة عن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية TRTوعلينا أن نضع في عين الاعتبار أن هناك أكثر من 50 فضائية عربية رسمية للنظم الحاكمة في العالم العربي إلى جانب قسم عربي (لمدة ساعتين ) للتلفزيون الإيطالي Rai Med وفي لبنان أطلقت قناة المسقبل الإخبارية والتي واكب إطلاقها الاحتفال بالذكرى السنوية للاستقلال اللبناني في 21 نوفمبر 2007 وعودة MTVبفريق عمل كبير إلى جانب القنوات اللبنانية الأخرى (تلفزيون الجديد وLBC و NBN وOrange Tv وفضائية المنار التابعة لحزب الله ) ووجود محطات شبكة راديو وتلفزيون العرب ومحطات شبكة أوربت وفضائيات سورية( شام والمشرق ودنيا والرأي)وATV الأردنية وفضائية الأقصى على الساحة الفلسطينية والتابعة لحركة حماس وفضائية الوطن وقناة الرأي من الكويت إلى جانب فضائيات مهاجرة مبعثرة في المغتربات كفضائية الحوار وفضائية المستقلة وقناة ANB ثم انطلاق فضائية زنوبيا السورية وبولادة حرجة مازالت متعثرة حتى الآن ،ويدور الحديث الآن عن احتمال إطلاق إسرائيل لفضائية جديدة مستعربة إلى جانب محطتها التلفزيونية، والإذاعية الناطقة بالعربية منذ عدة عقود وهنا سيتبادر للذهن السؤال التالي : ماذا لو أن الشرق الأوسط منطقة مستقرة وهادئة فما هو خبز الأخبار لتلك الفضائيات وعن ماذا ستكون العناوين الرئيسة لنشرات الأخبار ؟!. وسط هذا الزحام ،وربما الفوضى والتخمة الفضائية، بدأت الدبلوماسية الفرنسية تتلمس طريقها وتبحث عن مكان لها لدى المشاهد العربي نتيجة رغبة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي دعا عام 2003 مع معارضة فرنسا للحرب على العراق إلى إنشاء قناة تلفزيونية دولية لفرنسا على غرار CNN وBBC إلا أن المشروع لم ير النور إلا عام 2006 ،ولم يحظ القسم العربي للمشروع باهتمام لدى الرئيس نيكولا ساركوزي . وانطلقت قناة فرنسا الإخبارية France 24 في 6 ديسمبر 2006، كقناة إعلامية دولية تبثّ على مدار الساعة، ومهمّتها تغطية الأحداث بنظرة فرنسية ،وتوصيل الرؤية ،والقيم الفرنسية إلى جميع أنحاء العالم ،وتقدم للمشاهد وجهة نظر غير النظرة الانكلو - ساكسونية وبدأت البث باللغتين الفرنسية والإنكليزية ،ثم انطلق القسم العربي قبل أشهر من الموعد الزمني المعلن ودون إعداد جيد للانطلاقة ،ودون تأمين الفريق الاحترافي والمهني المطلوب، بولادة أشبه بالولادة القيصرية لمولود في الشهر السابع ،وذلك لعدم وجود عناصر النجاح الأساسية ،وا قتصار بثها على اربع ساعات يومياً من الرابعة بعد الظهر حتى الثامنة مساءً، تتخللها نشرات إخبارية كل نصف ساعة مدة الواحدة عشر دقائق وتستعيد مضمون النشرات باللغتين الفرنسية ،والانكليزية (استنساخ) ،وبذلك كان الفشل حليف المديرة الفرنسية السابقة للقسم العربي وفريق عملها (رغم خروجها من تجربة فاشلة مهنياً في مونت كارلو الدولية) لكن القناة تعاني، ورغم ما يقال عن النوايا الحسنة والحماس الفائق لدى مسؤوليها والعاملين فيها من ضعف الدراية، وانعدام التجربة المهنية . أما وجود فئة من المشاهدين في العالم العربي لتلك القناة يعود إلى رغبة المشاهد في متابعة ما ستقدمه فرنسا عبر فضائيتها إلا أنه صدم بالضعف العام مقارنة بفضائيات أخرى توفر لها الإدارة الجيدة والإمكانيات المطلوبة مما وضع القناة في آخر سلم القنوات الفضائية . ويمكن تحديد عوامل فشل وإخفاق قناة France 24 بقسمها العربي في تحقيق الأهداف المنشودة منها بالبنود التالية : انحسار الاستقلالية والموضوعية والمهنية على الأداء العام في الأخبار والبرامج وانخفاض مستوى التحرير والضعف اللغوي الواضح وبجلاء كما أن بروز اللهجات المحلية يتجلى وبوضوح وكأن إدارة القسم جازمة بأن كل من ينحدر من أصل عربي هو بالضرورة فرزدق زمانه. و يتضح من موقع القسم العربي للقناة على شبكة الانترنت الأخطاء المهنية واللغوية .