نشرت جريدة الأحداث المغربية خبرا تقول في عنوانه "في موقف شاذ لم يحدث على مدى 84 سنة؛ مستشارو العدالة والتنمية يعترضون على فقرة ملكة الجمال بموسم حب الملوك بصفرو". لكن سرعان ما أصدر مستشارو المجلس البلدي بمدينة صفرو من حزب العدالة والتنمية ومن أربعة أحزاب أخرى مع مستشار بدون انتماء أصدروا بيانا ينفون فيه نفيا تاما ما نشرته الجريدة المذكورة. أما أن تنشر الأحداث المغربية الكذب والافتراء والتلاعب بالأخبار، فهذا شيء طبيعي ومألوف، وخاصة حينما يتعلق الأمر بكل ما يمت إلى الإسلام وأهله بصلة. وتلك رسالتها الأساس (ولكل وجهة هو موليها). لكن أن يكون في ما تنشره بعض الصحة وبعض الحق، فهذا وارد أيضا، سواء كان ذلك بنية سيئة أو بنية خبيثة. ولذلك فأنا لا أكذب جميع ما تنشره هذه الصحيفة، بل أكذب بعضه وأحتاط من بعضه... وفيما يخص الخبر المذكور، فهو وإن كان مفترى أو محرفا كما أكد ذلك المستشارون المعنيون بالأمر، فإن فيه جانبا من الصواب والمنطق. فمن المعروف والمسلم أن حزب العدالة والتنمية قد عارض واستنكر مرارا هذه العادة الرديئة التي تسمى ملكة الجمال. وللحزب في ذلك مواقف ووقفات مشهودة مشكورة، وكل ذلك تم بمبادرات من قيادته ومن الرئيس المؤسس الدكتور عبد الكريم الخطيب حفظه الله. وموقف العدالة والتنمية هو موقف عامة الشعب المغربي المسلم، الذي لا يريد تطرفا دينيا ولا تطرفا إباحيا، ولا تطرفا لادينيا، وهو موقف جميع العلماء بلا استثناء. على أن شناعة هذه العملية المسماة (مسابقة ملكة الجمال) لا تكمن فقط في فحشها وانسلاخها من كل حياء أو عفة، بل أيضا لما فيها من امتهان وابتذال للمرأة ومن متاجرة بجسدها وتحويلها إلى وسيلة فرجة ومتعة عمومية، خدمة لعبيد الشهوات والثروات. والحقيقة أن الاستنكار لا ينبغي أن يقتصر على صناع هذه العملية، بل يجب أن يوجه إلى المنظمات النسائية وإلى كافة المتباكين على حقوق المرأة وكرامتها والذين يحاربون كل أشكال الميز ضد المرأة، لسكوتهم المريب عن مثل هذه الممارسات المهينة للمرأة. وأنا أسأل هؤلاء جميعا: لماذا هذه العملية تقتصر على النساء دون الرجال وعلى الإناث دون الذكور؟ هل كرامة الرجال لا تتحمل هذا الذي تتحمله كرامة النساء؟ ولماذا لا تدعون في مساواتكم إلى مسابقة ملك جمال الرجال؟ وأعود إلى مدينة صفرو، وإلى ما ذكرته جريدة الأحداث من أن هذه العملية تجري منذ 84 سنة، أي منذ 1920، لأقول لهم متى كانت الأقدمية والاستمرارية تعطي المشروعية لأفعال، وتجعل الشر خيرا أو الخير شرا؟ ثم أليس هذا التاريخ هو الوقت الذي استتب فيه الأمر لقوات الاحتلال ولسلطته بالمنطقة، فكانت هذه النبتة الخبيثة مما زرعوه وحموه ضمن حمايتهم المفروضة؟ وأخيرا أنا أرى أن منطقة صفرو، ومنطقة الأطلس عموما، كلها جمال وكل ما فيها جميل. فالمنطقة برمتها وبطبيعتها هي ملكة جمال المغرب. ولا حاجة لها بمثل هذه الممارسة المستنكرة. نسأل الله تعالى العفو والعافية. أحمد الريسوني