في إطار الحرب النفسية التي تخوضها واشنطن في العراق سربت قوات التحالف أن القوات الأمريكية المحيطة بالمدينة تستعد لاقتحامها، ضمن عملية منظمة للقضاء على جيش المهدي، التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر وقتل الصدر أو أسره. ونقلت وكالة قدس برس عن مصادر من النجف أن قائدا أمريكيا ذكر أن العملية ستكون بعيدة عن مرقد الإمام علي، كرم الله وجهه، ولكنها ستشمل المدينة. وقد كانت القيادات الدينية والمرجعيات الشيعية في النجف وكربلاء المجاورة، قد حذرت قوات الاحتلال الأمريكي من دخول النجف، معلنة أن المدينة خط أحمر، لا يسمح بعبوره، إلا أن القوات الأمريكية أعلنت أنها تريد دخول بعض أنحاء المدينة، للقضاء على عناصر ميليشيات جيش المهدي التابعة للصدر. وفي السياق ذاته، دفع الجنرال الأمريكي مارك هرتلينك بالحرب النفسية إلى درجة أعلى، أول أمس الأحد، بحديثه عن أن دخول القوّات الأمريكيّة إلى مدينة النجف بات وشيكا. وأضاف الجنرال الأمريكي أن ما سماها المعركة المرتقبة في النجف لن تكون على نطاق واسع، لكنه اعترف بأنها ستكون حرجة وحاسمة، مجددا مطالبته للشيخ الشاب مقتدى الصدر إما أن يحلّ جيشه ويغيّره إلى تنظيم سياسي، ويحارب بالفكر لا بالسلاح، أو أنه سيلقى أنصاره مقتولين على حد قوله. وادعى أن هذه الخطوات تأتي لسحق الميليشيا المسلحة التابعة للزعيم مقتدى الصدر، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال ستتجنب الاقتراب من المواقع المقدسة الحساسة، وسط المدينة، اتقاء من إثارة الغضب الشيعي. يذكر أن المدينة كانت في حالة من التوتر الشديد، منذ إعلان سلطة الاحتلال أنها تنوي قتل الصدر أو إلقاء القبض عليه. ووفقا لمعلومات مسربة من القوات الأمريكية، فإن هذه القوات، التي فشلت في اقتحام المدينة، قد أعدت خطة للقضاء على الصدر حملت اسما الضربة الأخيرة. وتعتمد ما سميت بالخطة الأمريكية على استنزاف جيش المهدي، ومحاولة إخراجه من النجف، وجره إلى معركة خارجها، بغية القضاء عليه. أما مقتدى الصدر، قتقول الخطة المسربة أن وحدة من الكوماندوس الأمريكية جرى تدريبها ستقوم باغتياله. وقد تدربت هذه الوحدة، التي تضم ضباطا أمريكيين يتولون قيادة مروحيات أباتشي في تل أبيب، لدراسة عمليات الاغتيال، التي نفذتها طائرات أباتشي إسرائيلية بحق قياديين فلسطينيين من حركة المقاومة الإسلامية حماس. من جهة أخرى، قالت مصادر صحفية أمريكية إن الرئيس الأمريكي جورج بوش وكبار مستشاريه العسكريين ومسؤولي الأمن القومي يبحثون حاليا واحدا من أصعب الخيارات منذ بدء الحرب على العراق، ويتعلق بإمكانية شن هجوم جديد على مدينة الفلوجة غرب بغداد. وتأتي الأنباء عن شن هجوم أمريكي جديد على الفلوجة، في وقت أعلن فيه يوم الأحد هاشم الحساني، أحد أعضاء الحزب الإسلامي العراقي الذي يشارك في الوساطة بين المقاومة بالفلوجة وقوات الاحتلال أنه تم التوصل إلى اتفاق جديد على تمديد غير محدد لوقف إطلاق النار، ومنع حمل السلاح في الفلوجة. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن نوع العملية العسكرية التي تروجها قوات الاحتلال ضد الفلوجة يمثل أصعب الخيارات أمام بوش منذ إعلانه انتهاء العمليات العسكرية الكبرى بالعراق بعد قرابة العام، خاصة أن القرار يأتي في أشد الشهور دمويةً بالنسبة للقوات الأمريكية منذ سقوط نظام صدام حسين. ويدرك بوش وكبار مساعديه جيدا أنه في حال سقوط مدنيين في عملية الفلوجة فإن ذلك قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضات في مدن العراق الأخرى بما فيها المدن الشيعية، حسب المصادر نفسها. وبالتزامن مع هذه التطورات، أعلن هاشم الحساني أحد أعضاء الحزب الإسلامي العراقي المشاركين في الوساطة بين المقاومة بالفلوجة وقوات الاحتلال أنه تم التوصل إلى اتفاق جديد على تمديد غير محدد لوقف إطلاق النار ومنْع حمل السلاح في الفلوجة. وينص الاتفاق الجديد على منع حمل السلاح في المدينة ابتداء من يوم الثلاثاء، وعلى تسيير دوريات مشتركة بين قوات الاحتلال والشرطة والدفاع المدني العراقيين. وحدد هذا الاتفاق الأسلحة الثقيلة الواجب على المقاومة تسليمها بأنها تبدأ ببندقية ذات منظار وتنتهي بصاروخ أرض جو. وتوصل الطرفان لأول مرة لاتفاق حول وقف إطلاق النار يوم 11 أبريل الجاري، لكن تلك الاتفاقات اخترقت كثيرا، خاصة من جانب القوات الأمريكية، حيث استشهد بعد الإعلان عنها العشرات في الفلوجة، في قصف أمريكي. وتحدثت تقارير صحفية عن استخدام قوات الاحتلال القنابل العنقودية المحرمة دوليًّا وقاذفات القنابل الثقيلة بي 52 في دكّ المدينة. وأفادت مصادر صحفية صباح أمس في الفلوجة أن القوات الأمريكية كانت تقوم في تلك الأثناء بهجوم كبير على حي الجولان في المدينة، وقد بدأ الهجوم في حوالي الساعة العاشرة والنصف بتوقيت مكة، وقد تصدت المقاومة للهجوم وكبدت قوات الاحتلال خسائر فادحة، وأفاد شهود عيان عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف قوات الاحتلال فضلاً عن إعطاب وتدمير عدد من الآليات، وقال المصدر إنه شوهدت نيران وسحب سوداء من مسافة بعيدة، وهي لا تحدث في الغالب إلا من جراء تدمير الآليات والمدرعات. ويعد هذا الهجوم الأمريكي على الفلوجة خرقًا آخر للهدنة. ع. الهرتازي