ان الجالية العربية والمسلمة بدأت تعرف مضايقات على جميع المستويات. فإن التحدي الذي يفرض نفسه على العرب والمسلمين المتواجدين بأوروبا وخصوصا بألمانيا هو تحديد الهوية داخل المجتمع الذي يعيشون فيه. فمنهم من يعتبر نفسه أنه فقط من الجالية المقيمة في أوروبا لظروف عابرة. أما على مستوى العلاقات الدولية في مجال الخارجية الأ وروبية والعربية والاسلامية كذلك, فإن وجود العرب والمسلمين في أوروبا هو في إطار الإتفاقية المبرمة بين الطرفين من أجل تزويد الاقتصاد الأوروبي الذي يعاني من شيخوخة في هرمه السكاني باليد العاملة الشابة,وتزويد البلد المصدر لليد العاملة بالعملة الصعبة. لكن المشكل المطروح هو أن الجيل الأول لم يرسخ في أبناءه الوعي بالمواطنة في البلد الذي ولدوا فيه, ولهذا ظل شرخ كبير في تحديد الهوية الذي تعرف نوعا من إنفصام في الشخصية, ويظهر ذلك في تحديد الأولويات, بينما أحيانا تستحوذ الثانويات على الضروريات, ويظل المرء حائرا بين ذلك وذاك. فإن الجيل الثاني من حقه أن يعرف من هو؟ و لتحديد الهوية يجب أن يكون مرتبطا بالوعي الفردي وبالمكان والزمان الذي يعيش فيه المرء. ولهذا لايجب أن يخضع الجيل الثاني ولا الثالث لمقولة أنهم جالية أو أجانب أو غرباء أو أقلية مسلمة في مجتمع أوروبي علماني. بل يجب أن تكون الهوية مرتبطة بأنه مواطن أوروبي مسلم كباقي الأفراد الأخرين الموجودين في المجتمع الأوروبي بإختلاف ديانتهم وإنتمائتهم السياسية وألوانهم وأطيافهم كذلك. ولذا فان السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف أكون مواطنا ألمانيا مسلما؟ فالجواب على هذا السؤال يكمن من خلال إندماج المواطن الألماني المسلم فى المجتمع الألماني الذي ولد فيه، ويتم ذلك من خلال المشاركة في الإقتصاد الألماني وإنماء المجتمع الإنساني. ثم المساهمة في المجال السياسي، وذلك بالإنخراط في الأحزاب السياسية التي تتقارب مع المشروع الإسلامي لخدمة الإنسانية، وبذلك يكون فاعلا داخل القرار السياسي،لا مفعولا به؛ إلى حين تأسيس حزب يخدم مصالح المواطن المسلم والإنسانية جمعاء. أما على المستوى الثقافي، فيجب أن تترسخ في عقيدة المسلم الألماني الأوروبي أنه في خدمة الكون بل الإنسانية جمعاء، وذلك إنطلاقا من العمل على فعل الخير وإبعاد الشر والضرر عن الإنسانية. وبهذا يساهم المسلم كيفما كانت جنسيته في التقدم الحضاري، دون أن تؤثر فيه لا الأكاذيب ولا الألاعيب. فإن بيت القصيد هو معرفة الذات والإقتناع بالهوية الإسلامية، وتحقيق الذات على أرض الواقع في كل مكان وزمان. ثم العمل على إقناع الناس قولا وفعلا بما يحمله الإسلام من خير لهم على مستوى الواقع، وكذلك على المستوى الغيبي والأخروي. وبهذا سيساهم المسلم فعلا مساهمة فعالة في الركب الحضاري الإنساني بما يوافق الشرع الإلاهي. عمر بنباضريف صحفي مقيم بألمانيا