أكد الدكتور محمد فؤاد البرازي رئيس الرابطة الإسلامية بالدنمارك أن الوجود الإسلامي بالغرب، يسير في اتجاهين، اتجاه العنف والانعزالية عن المجتمعات الغربية، واتجاه المشاركة الايجابية والمؤثرة والفاعلة، منتصرا للخيار الاخير الذي استبشر له بمستقبل ناجح، وتطرق البرازي إلى المضايقات التي يعاني منها المسلمون في الغرب والدنمارك على وجه الخصوص، منتقدا سياسة الحكومة اليمينية تجاه المهاجرين، وأفصح البرازي الذي التقته التجديد بالمغرب أن زيارته كانت شبه رسمية، في إطار التوقيع على اتفاقية مع الحكومة المغربية فيما يخص تيسير تطبيق بنود مدونة الأسرة على الجالية المغربية بالدنمارك، وفيما يلي نص الحوار: من هو الدكتور محمد فؤاد البرازي؟ نود أن نقدم نبذة تعريفية عن شخصكم لقراء "التجديد"؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على سيد المرسلين محمد بن عبدالله وآله وصحبه أجمعين، العبد الضعيف محمد فؤاد البرازي من مدينة حماة في سوريا، أتممت المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية في سوريا، ثم بعد ذلك ذهبت إلى مصر حيث تابعت دراستي الجامعية بكلية الشريعة والقانون بالأزهر، وحصلت على اللسانس ثم الماجستير والدكتوراه بدرجة الامتياز ومرتبة الشرف الأولى، ثم أنا طالب علم للقول المعلوم وليس حديث شريف اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، وأستفيد من كل إنسان كيفما كان، فالإنسان يطلب العلم دائما، أما بالنسبة لأعمالي فأنا هاجرت من سوريا عام 1972 لمدة سنتين، ثم عدت لمدة شهر، ثم خرجت من سوريا منذ عام 1974 ولم أعد إليها إلى الآن، بسبب الظروف التي تمر بها بلادنا في سوريا، رغم أني لست متهما بأي تهمة على الإطلاق، وقد حدثت الأحداث(يقصد أحداث حماة 1982) وأنا كنت خارج سوريا، ثم بعد ذلك عملت مديرا لمعهد ديني بالكويت لمدة سنتين، ثم هاجرت بعد ذلك إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث كنت واعظا للقوات المسلحة الملكية لمدة 18 عاما، بعدها خرجت من الإمارات وهاجرت إلى الدانمارك سنة,1991 وأقيم في الدانمارك حتى الآن، حصلت أنا وأسرتي على الجنسية الدنماركية، وشغلت هناك عدة أعمال، منها مدير فرع الكلية الأوربية للدراسات الإسلامية في الدول الاسكندنافية لمدة 10 سنوات، ثم مديرا لفرع الجامعة الأمريكية المفتوحة في اسكندنافية لمدة ثلاث سنوات، كما أنني منذ مجيئي للدنمارك أشغل رئيس الرابطة الإسلامية بها، لدي العديد من المؤلفات من بينها الخطاب الاسلامي في التعامل مع أهل الكتاب و ومعالم في التعامل مع غير المسلمين وهكذا حجابك أيتها المرأة المسلمة وحجاب المرأة المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين هو الآن في طبعته الخامسة ويقع في 600 صفحة، وكتاب المسوغات الشرعية لخروج المرأة من بيتها، وعديد من الرسائل الأخرى، نسأل الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم. من موقعكم كرئيس الرابطة الإسلامية في الدنمارك والتي لا شك أنها وجدت من أجل الجالية المسلمة هناك، هل يمكنكم أن تطلعوننا على خريطة الوجود الإسلامي في الدانمارك، وعن الجالية المغربية منها على وجه التحديد؟ معلوم أن الدنمارك تقع في شمال أوربا، وهي دولة من الدول الاسكندنافية المعروفة، وعدد سكانها حوالي 5 مليون وخمسمائة ألف نسمة، وعدد المسلمين الذين يعيشون في هذه الدولة من المهاجرين، ومن الذين أسلموا من الدنماركيين يبلغون حوالي 180 إلى 200 ألف نسمة، منهم ثمانية آلاف مسلم دنماركي الأصل، أما الجاليات المتواجدة من مختلف الدول العربية، فتعتبر الجالية العراقية أكبرها، وهذا يرجع إلى الحروب والاحتلال الذي حدث في العراق، بينما تعتبر الجالية المغربية ثاني أكبر جالية بين هذه الجاليات، والتي يقرب تعدادها حوالي 10 آلاف نسمة، إضافة إلى جاليات عربية أخرى كالجالية الفلسطينية الحاضرة بشكل معتبر، دون أن ننسى الجاليات الإسلامية غير العربية، كالجالية التركية التي يبلغ عددها حوالي 40 ألف وهي أقدم الجاليات تواجدا بالدنمارك، وكذلك الجالية الباكستانية البالغة حوالي 6 آلاف، وهناك جاليات أخرى منها البوسنيون والبلقانيونون والألبان وكوسوفا وجاليات أخرى من آسيا الوسطى، بحيث يصل عدد مختلف الجاليات الإسلامية إلى حوالي 200 ألف كما ذكرت آنفا. وجود الجاليات الإسلامية بهذا العدد المعتبر، يطرح علاقتهم بالدولة والمجتمع الدنماركي، كيف هي هذه العلاقة؟ في السابق ما كنا نشعر أن هناك أية مشكلة تحكم العلاقة ما بين الجالية الإسلامية والحكومة الدنماركية، وكانت العلاقة علاقة أناس مقيمين أو صاروا من نسيج المجتمع، بحكم تجنيس كثير منهم، فلم يكن بيننا وبين الحكومة أية إشكالات، ولكن بعد ذلك بفترة وقبل السنوات الخمس الماضية تقريبا، بدأت الأمور تأخد مجرا آخر، يعني لما تولى الحكومة أحزاب يمينية والتي غيرت قوانين وشرعت أخرى فيها شيء من التشديد على المهاجرين، بحيث صار المسلمون في دائرة الضوء في حين لم يكونوا كذلك من قبل، وأنا لا أنكر أن هناك تجاوزات حدثت من قبل أناس من الجالية المسلمة، تشكل تجاوزاتهم سببا رئيسيا في التشديدات التي تمت، لكن لا ننسى أيضا الحملة الدولية ضد الإسلام والمسلمين، والتي ولدت الكراهية ضدهم وولدت نوعا من التشنج في البلاد الأوربية، وصار هناك تخوف من الوجود الإسلامي بشكل واضح، حتى صار هناك نوع من الاستعداء ضد المسلمين، وآخر الأحداث أنه في الشهر الماضي(نونبر) نشرت إحدى الصحف (يولان بوستن) رسوما كاريكاتورية فيها هزءا وسخرية وإساءة للرسول صلى الله عليه وسلم، منها أنها صورته بصورة إنسان مجرم بين قوم مجرمين، وتشير الصورة أيهم محمد، وصورة أخرى تشير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد خرجت من عمامته قنبلة، لتبين أن الإرهاب خرج من عقل محمد صلى الله عليه وسلم، طبعا هذه الأمور صارت تبرز بشكل واضح في الإعلام الدنماركي، الذي صار معاديا للوجود الاسلامي بشكل كبير، وبالتالي نحن نتأذى ونستنكر ما حدث ويحدث. لكن كيف تواجهون مثل هذه الإساءات العنصرية، ماذا عن علاقتكم بالدولة الدنماركية؟ نحن بالنسبة لنا حينما رأينا ما حدث حاولنا معالجة القضية بالطرق القانونية، حيث قمنا بمظاهرة احتجاجية ضد الذي حدث، وخرج حوالي 10 آلاف متظاهر رفعوا يافطات منددة، الأمرالثاني رفعنا دعوة قضائية ضد الجريدة المذكورة، ويأخد القضاء مجراه، وإن كنا لا نأمل أي شيء من وراء الدعوى، فرئيس الحكومة يقول بأن الإعلام حر، ومن حقه أن يقول ما يشاء، علما بأن هذه الحرية لا تشمل أي إنسان يمكن أن يتكلم عن السامية مثلا، ويقول رأيه فيها بكل حرية مثلا، فهذه قضية محظورة يطال القانون كل من تحدث عنها ويقدم إلى المحاكمة، فلماذا لا تشمل الحرية هذا الجانب، ما دام باسم الحرية تستطيع أن تتكلم عن الأديان والأنبياء والذات الإلاهية المقدسة، هذا أمر مستغرب تمام الاستغراب، والأغرب منه أن سفراء 13 دولة إسلامية اجتمعوا وكتبوا مذكرة وطلبوا مقابلة رئيس الوزراء للتباحث حول الموضوع، إلا أن رئيس الوزراء اعتذر عن مقابلتهم، ولهذا نقول إن التوجه الحالي في الحكومة ليس توجها يبعث على الارتياح من الوجود الاسلامي، بل يشعرون بالضجر. الملاحظ أن الوجود الإسلامي في الغرب يتطور باتجاهين: اتجاه يعرف تطور تنظيمي ومؤسساتي واندماج إيجابي في المؤسسات والمجتمع الأوربي، بينما هناك اتجاه ثاني يتميز بنوع من الانعزالية وظهور نزعات الغلو بين أفراده، كيف تنظرون إلى هذه التطورات المتعاكسة؟ الحقيقة أن المجتمع الأوربي توجد به حركات إسلامية، وتوجد فيه مؤسسات إسلامية ( مساجد وجمعيات ومراكز ومدارس...)، وبعض هذه المؤسسات معتدل يخاطب المجتمع بمنطق واضح، ويبني علاقته بالمجتمع الأوربي على الحوار البناء الذي يقدم المسلمين لذلك المجتمع تقديما حسنا وطيبا، وهذا الفريق ليس حوله إشكال على الإطلاق، وأقصد من وجهة نظرنا، لكن هناك مؤسسات أخرى تنحو منحى العنف أو تدين بالتطرف، أو تنادي بالجهاد في تلك المجتمعات، ومثل هذه المؤسسات تسبب إشكالات كبيرة للوجود الإسلامي في الغرب، لأن الغرب الآن في حملته ضد العنف والإرهاب يصنف الإسلاميين في هذه الخانة، ويمكن أن يؤدي تصرف مثل هذا إلى أن تستهدف معها الجمعيات والمؤسسات جميعها بما فيها تلك التي تنبذ العنف والداعين إليه، والحقيقة أن هذا الأمر يسبب تخوفا شديدا في تلك الدول، حتى أن الدول الأوربية أصدرت بعض القوانين التي تسمح بمراقبة المساجد وأئمة المساجد، وبعضها استصدرت قرارات لقوات الشرطة بمراقبة هواتف بعض الناس وتحركاتهم، وكل هذا في ظل الخوف من الوجود الإسلامي. في الحقيقة أنا لي كلمة في هذا المجال، أقول إن هؤلاء الإخوة الذين ينتهجون النهج الجهادي في أوربا، هؤلاء يقاتلون في غير ميدان، أنا لا أتهمهم في إخلاصهم أو في دينهم، ولكن أقول أن هؤلاء ما أدركوا فقه الواقع الذي يعيشون فيه، والذي يجب أن يتكيفوا فيه مع واقع غير إسلامي، ولكن من غير أن يفرطوا في ثوابتهم الإسلامية، ونحن حين ندعوا إلى فهم الواقع والتكيف معه وفقهه، لا نعني بذلك أن نتنازل عن ثوابتنا الإسلامية أو عن شيء من مبادئنا، ولكن الذي ندعوا إليه أن نتحرك في هذا المحيط الذي نعيش فيه بالحكمة والموعظة الحسنة وبالجدال بالتي هي أحسن، بالعكس هناك مجال كبير من الحرية متاح لنا بحيث نفتح مساجد ونؤسس مراكز وننظم ندوات ونعقد مؤتمرات وكل ذلك متاح لنا، وهذا المقدار الكبير لا يمكن أن يتاح لنا ولو جزء يسير منه في بلادنا الإسلامية التي هاجرنا منها، ولكن مع هذا المجال الرحب من الحرية التي نشعر بها صارت الأمور اليوم تضيق علينا، وهذا التضييق مرده إلى ثلاثة أسباب: الأول مرتبط بوجود عناصر تنهج منهج العنف والتطرف وخرجت بذلك عن الروح العامة المسالمة التي تسود تلك المجتمعات. والسبب الثاني مرتبط بالتجاوزات الكثيرة التي يرتكبها بعض المسلمين للقوانين المرعية هناك خصوصا في بعض الدول الأوربية، حيث يسود الاحتيال الكثير من أجل التكسب وهذا يسيء للمسلمين كثيرا. بينما يعود السبب الثالث للهجمة الإعلامية الكبيرة في صحف الغرب التي ولدت ما يسمى جو التعصب والكراهية، وأحزاب عنصرية تدعو إلى مزيد من التضييق بل دعت إلى تهجير المسلمين من الغرب. الوجود الإسلامي يواجه كما ذكرتم العديد من التحديات، لعل أبرزها تلك المتعلقة بالجانب القيمي والثقافي والتعليمي، الأمر الذي يلقي مسؤولية كبرى على المؤسسات الإسلامية العاملة هناك، أنتم الرابطة الإسلامية كيف تتعاملون مع مثل هذه التحديات؟ لا شك أن الوجود الإسلامي يواجه تحديات عديدة أهمها مشكلة الهوية،لأن بعض الناس هناك صاروا يفقدون هوياتهم الإسلامية ويتأثرون بالأوضاع السائدة والثقافات المنتشرة هناك، بحيث أن البعض فقد ذاتيته وانتماءه لأمته ولدينه ولبلده، ويضاف إلى ذلك أن التحدي يشمل المناهج الثقافية في المدارس والجامعات وأطر التعليم، فعلا هناك أشياء يستفاد منها جدا، لكن هناك أمور أخرى تؤثر على التكوين الإسلامي للطالب خاصة، وهناك أيضا قضية الأحوال الشخصية في تلك البلاد، بحيث غير مسموح للمراكز الإسلامية أو للأئمة أن يبثوا فيها على الإطلاق ويمنعون ذلك تماما، الشيء الذي يسمح به في الزواج مثلا، هو أنك يمكن أن تعقد زواجا بموافقة الجهات المختصة، لكن لا يقبلون أن تنشئ طلاقا إسلاميا نهائيا، وإن كانت تسمح به عندما يتم الطلاق الرسمي المدني، حيث يأتينا المسلمين الملتزمين لنوقع لهم الطلاق الشرعي، وهذا لايمنعنا القانون منه، لكن لو أننا أصدرنا وثيقة الطلاق الشرعي قبل توقيع الطلاق المدني، فهذا يعرضنا للمسؤولية تصل إلى حد إغلاق المركز، الأمر الثاني أن الزواج قد يسمحون به من خلال أوراق خاصة عندهم نرسلها لهم ليوثقوها، أما ما عدا ذلك من قضايا الإرث وغيره فهذا لا نستطيع أن نفعل فيه أي شيء على الإطلاق، ولهذا نحن نوصي الزوجين بكتابة وصية عند الجهات المختصة توضح فيها ما يترتب على كل واحد منهما في حالة الطلاق أو الوفاة، طبقا للشريعة الإسلامية وليس تبعا للقانون المدني الدنماركي، ونحن نحاول ترتيب ذلك ترتيبا معينا بحيث يكون قانوني من جهة وشرعي من جهة أخرى، ونسدد ونقارب بقدر الإمكان. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاشكالات التي تحدث بالنسبة للجالية المغربية مثلا، أصبح أمرها ميسرا، بحيث سمحت لنا السلطات المغربية، وأبلغنا في ذلك من طرف السفارة المغربية في الدانمارك، بإجراء عقود الزواج من طرف المركز للجالية المغربية في الدنمارك، حيث توثق بشكل رسمي بالسفارة ثم توثق بالمغرب بدون إشكالات، بعدما كانت يفرض على الجالية المغربية أن تهاجر للمغرب لتوقيع العقود، وطبعا الجهات المختصة بالدنمارك ماعمدت إلى ذلك إلا بعد تقارير واردة من السفارة المغربية التي توثقت من مصداقية عملنا، ونحن نحاول تصحيح الأوضاع في هذا الباب وتيسيرها للمسلمين هناك. هناك اتجاه نحو الاعتراف الرسمي لبعض الدول الأوربية بالإسلام وبمراكز ومؤسسات إسلامية، كما أن هناك حركية ووعي بضرورة التكتل بين هذه المراكز والجاليات، ونحن نعرف أن المجتمعات الغربية مجتمعات مفتوحة، هل هناك تنسيق بين هذه الجاليات، وهل هذه الدينامية ترجع إلى الرغبة في تأسيس لوبي إسلامي بالغرب؟ فعلا الوجود الإسلامي في بعض الدول يشكل نسبة ممتازة وكبيرة ولا سيما في فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وإيطاليا، هناك جاليات قوية إذا استطاعت أن تنسق في عملها وتشكل حزبا إسلاميا يستطيع أن يتبنى قضاياها، لكن مع الأسف لا يوجد ولا في أي بلد أوربي على الإطلاق، كما أنه لا يوجد أي تكتل يستطيع أن يكون لوبي إسلامي ضاغط يؤثر في مجريات الأحداث في تلك الدول، وسبب ذلك يرجع للخلاف حتى بين المؤسسات الإسلامية، أنا لا أقول أن الجاليات مختلفة بل حتى المراكز التي يؤمل أن تكون وجه مشرق بسبب انتماءاتها مختلفة، نعم يوجد في بعض الدول مجالس تنسيق ولكن تنسيق للمطالبة ببعض الحقوق، حتى أنها فرضتها الدولة نفسها كما حدث في بلجيكاوفرنسا، فوزارة الداخلية في فرنسا هي التي تدخلت من أجل المساعدة على خلق مجلس إسلامي في فرنسا، في بلاد أخرى يوجد اتحاد لكن بعضها مجتمع على منهج ورؤية في العمل، وبعضها الآخر مجتمع لأن الدولة لا تعطي مساعدات إلا للاتحادات، وبالتالي تضطر هذه الجمعيات لخلق اتحادات، ومن هنا فقدنا اللوبي الإسلامي الضاغط الذي يستطيع أن يؤثر في السياسات العامة أو السياسة الاقتصادية في البلد أو في التوجه العام لدى الشعب. غالبا ما لا نسأل عن المسلمين الجدد من أصل أوربي، وإن كنا نفرح بإسلامهم، ما موقعهم في المراكز الإسلامية؟ ألا تعولون عليهم في أن يلعبوا دورا ما بالنسبة لمستقبل الإسلام في الغرب؟ مع كل الأسف أنا حتى الآن لا أعلم أن المسلمين الجدد لهم دور فعال في المجتمعات الأوربية، أو في المراكز الأوربية على الإطلاق، لهم شيء رمزي تماما، نعم أن يشكل هؤلاء الإخوة مؤسسات ويكون لهم موقع كبير فيها، هذا غير قائم وأعتقد أن هذا قصور ونقص عندنا جميعا. ما السبب؟ السبب هو أنه لا زلنا ندور حول أنفسنا ولم ننطلق حتى الآن الانطلاق الكافي إلى غيرنا، صحيح نحن ننادي بتوطين الإسلام، لكنه تتم بالنسبة للمهاجرين من الجاليات، لكن هل التوطين سنقوم به مع هؤلاء المسلمين الجدد، الذين يدخلون الإسلام ليتسلموا زمام المبادرة ويحملوا لواء الدعوة، حتى الآن ليس الوضع على هذه الصورة، وهذا قصور في عملنا وأعتقد أن من أسباب النجاح أن يعترف الإنسان بقصوره، أنا أعتقد أنه لا يوجد أي تجمع إسلامي فيما أعلم يشكل فيه المسلمين الجدد أثرا فاعلا، مع أنني كنت لسنوات طويلة في المراكز والمؤسسات ولا يوجد بيننا مسلم من أصل أوربي يقود مؤسسة من المؤسسات أو مركزا من المراكز، وهذا أمر يجعل من الضروري إعادة النظر في أسلوب عملنا، نعم هناك نجاحات للعمل الإسلامي بحيث يحافظ على الهوية، لكن أثرنا على الآخرين محدود، وكل الذين يدخلون الإسلام بالعدد الهائل، سببه الإعلام المناوئ أو عن طريق الزواج وغيره، أو بسبب عمل بعض الشباب ببعض المراكز، لكن ليس كل المهتدين هو من عملنا بل جزء منه فقط، لذلك نجد الذين استقطبناهم نحن قلة، وليس لهم التأهيل الدعوي، وهذا لا يؤهلهم ليتحملوا المسؤولية في المراكز والمؤسسات، وهو عائق حقيقي بالفعل. بغض النظر عن كل هذه التحديات، دعنا نتكلم عن مستقبل الوجود الإسلامي بالغرب، هناك من يقول بأن صعود اليمين المتطرف وتعميم ثقافة الخوف من الإسلام، وكذا سياسة التشديد يهدد هذا الوجود، لكن هناك من يقول برأي مغاير، يعترف بالتحديات والصعوبات لكن يصر على أن مستقبل الوجود الإسلامي سيكون زاهرا، من موقعكم كيف تنظرون إلى الأمر؟ أنا باعتقادي أنه ما من ريب ولا شك أن الوجود الإسلامي يواجه تحديات كبيرة، وكلما تزداد هذه التحديات يزداد الحصار على المؤسسات والمراكز الإسلامية، لكن مع هذا كله فإن المستقبل للإسلام، لماذا؟ لأن الإسلام شريعة الله تعالى ويتواءم مع الفطرة ويتلاءم معها، انظر إلى ما أعقب 11 شتنبر بأمريكا، لقد أدى هذا إلى أن ينصرف كثير من أفراد المجتمع الدنماركي إلى الإسلام، لدراسته والتعرف عليه، وتشير الإحصائيات إلى ازدياد الزيارات للمراكز الإسلامية، بحيث نستقبل مدارس كاملة وعلى أفواج، تزورنا في مراكزنا من أجل التعرف على الإسلام، إذا كلما كانت هناك تحديات وإقصاء إعلامي يسيء إلينا فإنه يساهم في شهرة ديننا، ويرغب الناس في التعرف عليه والدخول فيه، وأقول إن المستقبل لهذا الدين، إنه مهما كانت من مضايقات ومهما كانت من تشنجات ضد المسلمين، فإن المستقبل للإسلام، وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، والنبي صلى الله عليه وسلم حدثنا والقرآن الكريم كان يشد من أزر المسلمين ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون)، فالأزمات كلما تشتد فإنها تنبيء عن مخرج قريب، وليس هذا أول حصار على الإسلام والمسلمين، فقد سبقته حصارات أيام الصليبين وأيام التتار، الذين اجتاحوا بغداد وأهرقوا الدماء بمئات الألوف وحولوا مياه دجلة إلى دم أحمر قاني، لكن من كان يظن أن هؤلاء الوحوش المتمردة ستنقلبت إلى قلوب رحمة وتدخل في الإسلام، إن ذلك يدل على أن الأمور بيد الله ينصر من يشاء (ولينصر الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)، ولذلك أنا أتصور هذه الأمور طبيعية، والدعوات الحقة لا بد أن تمر بالأزمات ليميز الله الخبيث من الطيب، وبعده يكون النصرللمسلمين، وأنا أعتقد أن أوربا وشعوبها ستعرف الإسلام من عندها بدون ضغط من أحد، وستعرف عدالة الإسلام ليتغير تعاملها معه. كلمة أخيرة.. لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد (ولا ينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)، وشكرا لإخوتنا في حركة التوحيد والإصلاح على استضافتهم لنا، وإتاحتهم هذا اللقاء كي أخاطب إخوتي في المغرب وفي كل مكان، وأسأل الله تعالى لكم التوفيق، وأنا سعيد بالمنجزات التي حققتها حركة التوحيد والإصلاح في المغرب، لاسيما أنها تدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، كما أن لها سمعة كريمة في المجتمع المغربي وفي المجتمع الإسلامي عامة.