أجمع المشاركون في ندوة قضايا الإسلام والمسلمين في الإعلام التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء يوم السبت 14 فبراير 2009 في إطار فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، على أن الإعلام الغربي يروج في عمومه لصورة نمطية عن الإسلام والمسلمين، وفي الوقت الذي اعتبر فيه الدكتور حميد بسيوني رئيس مركز بحوث الإعلام بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن تحيز الإعلام الغربي يجب أن يفهم في إطار ازدواجية معايير الفاعلين السياسيين في الغرب، ونظرتهم للعالم الإسلامي والمسلمين بمعايير غربية، ومن خلال الاستعلاء الثقافي الغربي إزاء باقي الأمم، قال الفيلسوف نور الدين أفاية عضو المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، أن جذور هذا التبرم الموجود في المتخيل الغربي عن الإسلام والمسلمين تعود إلى زمن بعيد، وخاصة الفترة الوسيطية حيث سادت ثلاث صور نمطية عن الإسلام، تعتبره دينا وثنيا وتربطه بالضرورة بالعنف، وأيضا بمفهوم الشبقية والانحلال الخلقي. وأكد أفاية على أن هذه الصور الثلاث استمرت في المخيال الغربي إلى عهد قريب وكان تتداول كحقيقة ثابتة وبشكل عام وعادي إلى حدود الخمسينات، كما نبه إلى حيوية المتخيل الغربي في استحضار صور متخيلة تصور جوانب واقعية عن المسلمين ليست دائما إيجابية، لكن الإعلام الغربي يضخمها ويصورها بشكل منفر قصد إنتاج ردود أفعال رافضة. مشيرا إلى أن الصور تحل في الغالب محل الوقائع لأن الإعلام في جزء كبير منه اختزالي إذ أن الصورة تقدم وجهة نظر ذلك الذي يوجد خلف الكاميرا. من جهته اعتبرالدكتور نور الدين ميلادي رئيس مركز دراسات الإعلام العربي الإسلامي بجامعة هامبتون ببريطانيا، أن الإعلام الغربي تبنى منهجا استشراقيا في التعامل مع العالم الإسلامي، وأشار إلى أن المتتبع لتعاطي الإعلام الغربي مع هجمات11 شتنبر، وهجمات لندن يلاحظ أن هذه الوسائل الإعلامية كرست صورة المسلم الإرهابي، لتستقر هذه الصورة النمطية في الذهنية الغربية باعتبارها حقيقة ثابتة، نفس الشيئ حدث خلال الحرب على غزة، فكثير من وسائل الإعلام الغربية تبنت وجهة النظر الإسرائيلية في تغطيتها للحرب على غزة، فيما تعمدت المسح الكامل للذاكرة ولسياق هذا العدوان، كما أن تغطية هذه الحرب عرت المفاهيم الفضفاضة مثل الموضوعية والحياد والمهنية، التي كانت تتبجح بها كبريات المؤسسات الإعلامية الغربية.هذا واستحضر الدكتور حمادة بسيوني بعض مظاهر ازدواجية معايير الغرب من قبيل إعلان بابا الفاتيكان مؤخرا على أن محرقة اليهود لا ينبغي تجاوزها في حين تجاهل محرقة غزة. ودعوة العالم الغربي إلى محاكمة الرئيس السوداني عمر البشير، لكنه لا يحرك ساكنا إزاء محاكمة مجرمي الحرب الذي نفذوا محرقة غزة، وكذا تعاطي الغرب مع الرسوم الكاريكاتورية على أنها حرية تعبير ينبغي احترامها، في حين أنه ينتفض إذا انتقد أحد ما الهولوكست. مؤكدا على أن من نتائج التعاطي الإعلامي المتحيز ضد المسلمين، استعداد الرأي العام الغربي لوصم المسلمين والإسلام بالإرهاب في حال حدوث أي جرائم أو هجمات تفجيرية، في حين أنه لا يمكن أن يربط اليهودية أو المسيحية بالإرهاب، إذا ما ارتكب يهودي أو مسيحي حوادث مماثلة.هذا ونفى الدكتور بسيوني امتلاكه وصفة جاهزة لتجاوز هذه الازدواجية الغربية في المعايير، وشدد على أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم الآية، وقال أنه لا يمكنه أن يطالب الإعلام الغربي باحترام الإنسان المسلم، ما دام هذا الأخير غير محترم في بلده، ولا يمكنه أن يطالب الآخر بالعدل في نظرته إلينا وتبني الموضوعية، وواقعنا السياسي والإعلامي بعيد عن هذه المفاهيم.أما الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، فركز على أهمية معرفة ما أسماه تضاريس عقلية المتلقي الغربي، وكيف نصل إلى التأثير فيه مع احترام عقليته وفكره، وشدد على أن عملية الحسم في الصور النمطية التي يقدمها الإعلام الغربي عن المسلمين، ينبغي أن تكون على مستوى أصول ومصادر الإعلام، وهذا بحسبه يقتضي جهدا وتمويلا كبيرين. مشيرا إلى أن الملايير تنفق على تحسين صورة الإسلام في الغرب وعلى إنشاء الكراسي العلمية في الجامعات لكن مفعولها ضعيف، ومرد ذلك، كما يقول، إلى أزمة الخطاب الذي لا يحترم عقلية المخاطب، ويتعامل معه بوصفه وعاء يملأ بالمعلومات، في حين أن هذا الإنسان إذا شعر بأن ذكاءه لا يحترم فإنه لا يتعامل مع المعلومة المقدمة إليه.