لا يعلق الشعب الفلسطيني في مجمله أية آمال على عقد القمة العربية، لذلك فهو غير مبال لتأخيرها أو إلغائها لأنه يرى فيها تكرارا لقمم سابقة لم تأت بشيء.ويعتقد الفلسطينيون أن قرار إرجاء عقد القمة ناتج عن عجز عربي شامل، وعدم القدرة على مواجهة التحديات التي تعاني منها الأمتين العربية والإسلامية. وبينما أبدى المستوى الرسمي الفلسطيني أسفه على القمة، رأت الفصائل الفلسطينية أن تأخيرها يعتبر بمثابة صفعة جديدة للشعوب. حماس فقد أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن أسفها الشديد لتأجيل القمة العربية إلى أجل غير مسمى في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتوجه إلى تونس حيث كان من المقرر انعقاد مؤتمر القمة فيها. وأضافت في بيان صدر عنها في الأراضي الفلسطينية أنه "كان منتظراً منها أن تتخذ قرارات جريئة بالعمل على وقف العدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني، وبإدانة جريمة اغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين رحمه الله، ودعم صمود الشعب الفلسطيني، إضافة إلى قرارات من شانها تعزيز العمل العربي المشترك". وأكدت حماس أن "المرحلة الراهنة التي تمرّ بها الأمّة تحتاج من الحكومات العربية إلى أن تكون بمستوى التحديات التي تواجهها، وإلى التلاحم مع شعوبها في مواجهة العدوان الشامل على الأمة". ورأى الدكتور محمد غزال، عضو القيادة السياسية لحركة حماس أن تأجيل القمة "أمر متوقع ولم يكن أحد يعول عليها بشيء أصلا". وأضاف: هذا الأمر يدل أصلا على المستوى الذي وصلت إليه الأنظمة العربية والبعد بينها وبين جماهيرها، وهو قد يكون نوع من الاعتراف بالعجز ومنتهى العجز، أو أنهم لم يعودوا يراعوا حتى أن يخفوا مظهرهم الحقيقي أمام شعوبهم". وقال إن سبب التأخير هو أن كثيرا من القيادات أصبحت "مرتهنة بقراراتها للولايات المتحدةالأمريكية ولا تستطيع أن تخالف لها أمرا، في حين أصبح بعضها الآخر أكثر وعيا بخطورتها وساستها وهذا وضع الأنظمة في حرج بينها وبين شعوبها". الجبهة الشعبية من جهتها أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن "قرار تأجيل القمة العربية إلى أجل غير مسمى يعكس أزمة النظام العربي الرسمي، ويظهر بوضوح حجم الإرباك الناجم عن عدم استقلالية وأهلية هذا النظام في محصلته العامة". وقالت عبد العليم دعنا عضو القيادة السياسية للحركة إن "نجاح أو فشل عقد المؤتمر يوضع في نفس الخانة وهي أنهم سيتخذون قرارات لن تنفذ، وبعدم اجتماعهم لن يتخذوا هذه القرارات التي لن تنفذ". وأضاف: المشروع الشرق أوسطي الذي عرضته أمريكا عارضته بعض الأنظمة العربية خاصة مصر والسعودية، لأن أي انتخابات حرة ونزيهة ستطيح بكثير من الرؤوس العربية أو الحكام العرب". وقال إن ادعاء مصر والسعودية وغيرها من الدول أن الانتخابات ستؤدي إلى استحضار المتطرفين المسلمين لاستلام السلطة سيؤثر على المنطقة وعلى الاستقرار فيها، كلام مردود عليهم لأن ذلك يعني مصادر رأي وموقف الجماهير من حقهم في الانتخابات. وأشار دعنا إلى أن "للولايات المتحدة دور في فشل هذا المؤتمر، لذلك أوعزت للقادة الأكثر إخلاصا لها بعدم الحضور لهذا المؤتمر لإفشاله وعدم حضور شخصيات أو رؤساء معينين لهذا المؤتمر يعني استهتار بالحكومة التونسية والرئاسة التونسية، ولا معنى لمؤتمر قمة لن يحضره الكثير من الرؤساء. السلطة أما "رفيق النتشة" عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ورئيسه السابق فأعرب عن أسفه لإرجاء القمة وقال إنه يدل على "المستوى الذي آلت إليه الأوضاع العربية من خلال حكامها". وأضاف أن الجماهير العربية لم تكن تتوقع الكثير من مؤتمر القمة لعدم قدرتها على تنفيذ القرارات التي تتخذها هذه المؤتمرات والتي تعوّد الشعب العربي أن تضاف إلى الكثير من القرارات القديمة". مشيرا إلى أن الجانب الفلسطيني طالب بأن "تتخذ القرارات التي يمكن تنفيذها. وأضاف أن "الزعماء لم يستطيعوا المحافظة حتى على شكل الجامعة العربية.. كنا نتمنى ألا يكون هناك قضية أخرى تطغى على القضية الفلسطينية، وبخاصة قضية الإصلاح الذي نرى أنه يجب أن يكون داخليا فقط من خلال رغبة حقيقية من قبل الحكام لرفع الإصلاح وتسريع تنفيذه لأن في ذلك مصلحة حقيقة للشعب العربي في كل بلد عربي وللأنظمة العربية في كل بلد عربي". ورأى النتشة أن "السبب الحقيقي للتأجيل هو حسابات الأنظمة فيما يتعلق بجدول الأعمال والمواضيع المطروحة". وأضاف: نحن طلبنا من جميع مؤتمرات القمة السابقة أن تتخذ القرارات التي يمكن تنفيذها وأن يكون التنسيق جديا فيما بين الدول أمام الهجمة على الشعب العربي والأنظمة العربية في كل مكان". فتح من جهته وصف "أمين مقبول" القيادي في حركة فتح تأجيل القمة بأنه دليل على ارتهان إرادات الحكام العرب للإرادة الأمريكية والأجنبية. وأضاف أن الشعب الفلسطيني لا يعول كثيرا على القمة كسابقاتها التي لم تنفعه بشيء. وقال إن على الحكام العرب أن يفوتوا الفرصة على محاولات شق صفهم، وأن يقفوا إلى جانب قضاياهم ويغلبوا مصلحة شعوبهم على مصالح الآخرين. قاسم واعتبر الدكتور عبد الستار قاسم مرشح الرئاسة الفلسطيني عقد القمة وعدمه سيان. وأضاف: أصبح على الشعوب أن تدرك الحالة الحقيقية للحكام وطريقة تفكيرهم وعدم اكتراثهم لمصلحة شعوبهم. وأضاف أنه لم يكن يتوقع من هذه القمة الكثير حتى لو عقدت، معربا عن أمله في أن تعتبر الجماهير في العالم العربي وأن تتحرك للتخلص من هذه الأنظمة واستبدالها بأخرى أكثر فاعلية". مؤشر خطير ووصف تيسير خالد، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تأجيل القمة بأنه "مؤشر خطير فعلا على الوضع الذي انتهى إليه الوضع العربي الرسمي". وأضاف أن "أخطر ما ينطوي عليه قرار التأجيل هو أنه يأتي تحت ضغط يدخل المنطقة في حالة من الفراغ السياسي الذي لا يخدم سوى مخططات ومصالح والولايات المتحدة وإسرائيل". وأوضح أن "دخول المنطقة في حالة من الفراغ سيضعف جميع الأنظمة ويحد من قدرتها على رفض التدخلات الخارجية وخاصة الأمريكية، سواء الأنظمة التي تحولت إلى مدافع عن الإصلاحات التي تحاول الإدارة الأمريكية فرضها على المنطقة في سياق احتواء الإرهاب والسيطرة عليه، أو تلك الأنظمة التي ترى أن الأولوية في اهتماماتها يجب أن تنصب على التسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي كرافعة للإصلاحات باتت الأنظمة تقر بضرورتها". وأكد أنه "ليس من مصلحة أحد ولا من مصلحة الشعب الفلسطيني تأجيل القمة لذلك فإن تأجيلها رسالة إحباط للرأي العالم العربي، وعلينا أن نعمل بكل الجهود لاحتواء انعكاساتها السلبية على أوضاع الشعب الفلسطيني". الشارع الفلسطيني ولم يكن رأي الشارع الفلسطيني مختلف كثيرا عن موقف الفصائل،إذ يرى في تأجيل القمع غجز عن مواجهة التحديات. وقال "يوسف أبو محمد" سائق تاكسي إنه لم يكن متأملا كثيرا في عقد القمة، مضيفا أنه إلغاءها لن يقدم أو يؤخر شيئا في مصير الأمة. وتسائل أبو محمد: منذ الصغر وأنا أسمع عن القمم العربية والمشاريع العربية المشتركة والمصير المشترك دون أن أرى تحسنا في العلاقة بين الدول العربية التي لا تتردد في استخدام وسائل الإعلام للتشهير ببعضها. أما "ناصر" وهو خريج جامعي فقال ساخرا: لقد خسرنا الشجب والاستنكار..لو عقدت القمة لتم تغيير شارون وتحرير فلسطين. وأضاف: نحن لا نعقد أدنى أمل على قادة الشعوب الذين أصبحوا خاضعين في كثير من الأحيان للإملاءات والأهواء الأمريكية والغربية. وقال إن إلغاء القمة يعكس حالة التشرذم والفرقة التي تعيشها الشعوب العربية والأمة العربية، وهو ما يتطلب إدراك الأمر والبحث عن سبيل لحفظ ماء الوجه العربي، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون إشراك الشعوب في اتخاذ القرارات. وطالب ناصر بموقف عربي جاد وموحد يرتقي لحجم المأساة التي يتعرض لها العالم العربي والشعب الفلسطيني ولحجم المؤامرات والمشاريع الاستعمارية التي تخطط للعالم العربي. فلسطين – عوض الرجوب