لا يرى الشارع الفلسطيني في القمة العربية التي تنعقد سنويا الا 'مسرحية سيئة الاخراج'، في حين لا يراهن على امكانية ان تحقق قمة هذا العام المنعقدة في مدينة سرت الليبية اية نتائج سواء على صعيد دعم الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال او اتخاذ قرارات عملية لانقاذ القدس. وبعيدا عن اللغة الدبلوماسية التي يتحدث بها الجانب الفلسطيني الرسمي بشان القمة العربية تجولت 'القدس العربي' في شوارع رام الله الجمعة حيث سألت المواطنين عن نظرتهم للقمة العربية. وقال المواطن نصر البرغوثي الذي يعمل مدرسا ل'القدس العربي'، 'هذه مسرحية عربية سنوية ولكنها للاسف سيئة الاخراج'، مطالبا الزعماء العرب بتخصيص النفقات المالية لانعقاد القمة للفقراء العرب على حد قوله. واضاف البرغوثي قائلا 'القمم العربية تسيء للشعوب' بحجة انها تستخف بعقولهم حيث تتخذ قرارات لا يتم تنفيذ اي شيء منها الا الجزء القليل على حد قوله، معتبرا 'قرارات القمم العربية حبرا على ورق وللضحك على هذه الشعوب العربية المغفلة التي ترضى بمثل هؤلاء الحكام'. وبشأن توقعاته من القمة المنعقدة في ليبيا على صعيد دعم الفلسطينيين قال البرغوثي بعد ان ضحك 'ياخي انعقدت القمة العربية في بيروت والرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات محاصر من قبل دبابات شارون في رام الله. ماذا فعلت القمة؟'، مشددا على انه لا يوجد اي 'فلسطيني عاقل' مقتنع بان القمم العربية ستحرر فلسطين او تنقذ القدس او حتى تدعم اهل المدينة ماليا على حد قوله. ولم تكن وجهة نظر البرغوثي مختلفة عن وجهة صالح مشارقة البالغ من العمر حوالي 50 عاما الذي قال ل'القدس العربي' 'لا ارى في هذه القمة سوى حفلة عناق عربي والتقاط صور تذكارية وخلافات عربية تنتهي ببوس اللحى وانتهينا'. واوضح مشارقة بان القمم العربية سواء التي انعقدت سابقا او المنعقدة حاليا في ليبيا هي 'حدث سنوى يذكر بمدى الشرذمة العربية'، مستبعدا ان تتخذ قمة ليبيا اية قرارات هامة لإنقاذ القدس من المخططات الاسرائيلية لتهويدها. واستخف مشارقة بالدعم المالي الذي توفره الدول العربية للقدس والفلسطينيين بالقول 'يا اخي ملياردير يهودي في امريكا او في اسرائيل ينفق على الاستيطان وتهويد القدس اكثر من كل ما تقدمه دولك العربية لحماية القدس ودعم الفلسطينيين'. وطالب مشارقة الانظمة العربية بالحرص على عقد القمة العربية سنويا 'ليس لانها هامة على صعيد العمل العربي المشترك وحل مشاكل العرب لا بل من اجل تذكير الشعوب العربية بالانظمة التي تحكمها وحالة الشرذمة التي تعيشها'. اما المواطنة بريهان الاعرج فقالت ل'القدس العربي' 'والله ان القمة العربية فرصة لي لأتذكر اسماء زعماء بعض الدول العربية التي لا اسمع باسمائهم الا عند انعقاد القمة العربية كل سنة'، مشيرة الى انها تتابع اخبار القمة العربية ليس لمعرفة القرارت التي اتخذتها وانما لمعرفة ما حصل فيها 'من طرائف واشياء مضحكة' على حد قولها، معبرة عن املها ان تقدم قمة ليبيا هذا العام الدعم المالي لاهالي قطاع غزة او العمل من اجل تخفيف الحصار المفروض عليهم. اما في قطاع غزة فيأمل المواطنون من القمة ان تساهم بشكل فاعل في انهاء الحصار ومواجهة ممارسات الاحتلال الاسرائيلي وخاصة في القدس التي تتعرض للتهويد. ورغم هذه التحديات والتي يجب ان تكون دافعا وحافزا لانجاح القمة، الا ان هناك شعورا مختلفا بين المواطنين الغزيين، يتأرجح بين الامل والياس والاحباط وعدم الرهان على اي نجاح، وكل ساق مبرراته في تقرير اعدته وكالة الانباء الفلسطينية الجمعة عن رأي اهالي غزة في القمة العربية. ويقول المستشار عمر عبيد، رغم ما الفناه عن القمم العربية عادية او استثنائية - الا انه لكل قمة جديدها استنادا الى المتغيرات الدولية السياسية المحكومة بعامل الزمن، وتابع: ان هامش الامل يبقى قائما. واضاف: قمة ليبيا مثلها مثل كل القمم السابقة، تعقد في ظروف صعبة، لكنها بقدر ما تواجهه من عراقيل، فهي تحتوي شيئا من الآمال وان كانت ممزوجة بالآلام من واقع الحال للمواطن الفلسطيني. وشدد عبيد على ان القمة تعقد ولا تزال قضية العرب المركزية 'فلسطين' قائمة حيث يزداد الصلف الاسرائيلي يوما بعد يوم وتستمر الآلة العسكرية في التهام الارض، واخيرا الشروع في عملية تهويد المعالم الاسلامية بما فيها القدس. واضاف: غزة الجريحة التي تعاني حصارا ظالما من الاحتلال منذ ثلاث سنوات متتالية وشعبها يعاني الويلات، متمنيا ان تكون قمة ليبيا مفصلية في نتائجها وقراراتها، وان 'تحمل الينا شيئا ايجابيا ربما يلبي الحد الادنى من طموح المواطنين، وان تداوي ولو بلمسة صادقة جراح آلام طال نزيفها'. ويقول المواطن محمد حلس، ان بمقدور القادة العرب لما يمتلكونه من امكانيات مادية وبشرية هائلة، تؤهلهم لان يلعبوا دورا مهما على الساحة العالمية، وان يكون قرارهم مؤثرا في المحافل الدولية، وقادرين ايضا على انهاء مشاكلهم، وتقوية وتطوير العلاقات والروابط بينهم، وصولا الى التكامل والمواقف المشتركة من اجل مصلحتهم ومصلحة شعوبهم، لتكون لهم الكلمة والغلبة. واهاب حلس بقمة سرت ان تعنى بالاوضاع الانسانية في غزة، لافتا الى ان انهاء الحصار الاسرائيلي يتطلب جهودا دولية وعربية اقليمية عديدة، مستدركا: ان الاسهام في انقاذ ابناء القطاع من خلال عمل عربي مشترك مسألة ممكنة وضرورية، كون التنسيق في هذه القضية مهم ضمن برنامج محدد وفي اطار ما تسمح به القنوات المشروعة. واضاف: ان لم يكن الاعمار ممكنا، فعلى الاقل يتعين الحفاظ علي الوجود الانساني الفلسطيني في القطاع. وتأتي القمة العربية المنعقدة السبت والاحد في ليبيا وسط تحديات صعبة يواجهها العالم العربي، حيث اعتداء اسرائيل على المقدسات الاسلامية بفلسطين والقطيعة بين عدد من الدول العربية الرئيسية في العمل العربي.