1 – على الرغم من بعض مظاهر الضعف و علامات الخلل التي تعتري الإنجاز الكروي المغربي ، إلا أن أي متتبع موضوعي أو مراقب محايد لا يمكن إلا أن يعترف بالتطور الإيجابي الذي شهدته الكرة الوطنية ، و خاصة على مستوى دوري القسم الوطني الأول لكرة القدم . و قد امتد هذا التطور ليشمل إصلاح ملاعب و تشييد مركبات رياضية عديدة بمعايير دولية ، و الانتقال الجزئي إلى تجربة الاحتراف ، و عودة الجماهير الغفيرة إلى المدرجات مسنودة بفصائل لا تتوقف عن بث الحماس و التشجيع ، و الترنم بأهازيج مبدعة ، و رسم " تيفوات " / لوحات بالغة الدلالة ؛ مما جعلنا نشاهد أحيانا لقاءات كروية مغربية تفوق قيمتها بعض المقابلات الكروية الأوروبية . 2 – بيد أن هذا لا يعني أننا نخفي عن قصد بعض الأمراض و العلل التي يعاني منها جسدنا الكروي ، من قبيل قلة الكفاءة على مستوى التسيير الإداري ، و التكوين الرياضي المسؤول و الجاد ، و التغيير المتواصل و غير المبرر للمدربين ، و تحصين الفرق من الخصاص المالي ، الذي قد يكون سببا عصيبا و راء المصير المأساوي لمستقبل بعض الفرق الكبرى ، و مشاكل التحكيم و البرمجة غير المحكمة و المنصفة لبعض اللقاءات و استفحال ظاهر الشغب .. 3 – و نود في هذه المناسبة أن نقف بعجالة أمام واقع التحكيم الكروي بالمغرب ، خاصة و أن عددا كبيرا من النوادي المغربية اشتكت طيلة الثلث الأول من الدوري الحالي من " ظلم " الحكام ، و " جورهم " و استهدافهم لبعض الفرق دون غيرها لسبب " في نفس يعقوب " . و الواقع أن التحكيم الكروي بالمغرب ليس مثاليا ، بل إن أداء بعض الحكام يدعو إلى الريبة و سوء الظن في إمكانياتهم المتواضعة . لكن هل نميل مع مبالغات بعض " المختصين " و أصحاب الأعمدة الصحفية الذين ينظمون قصائد الرثاء ، و يعلنون عن احتضار التحكيم الكروي المغربي ؟ 4 – في اعتقادي الشخصي إن هكذا تعاطي مع الظاهرة المعنية بالأمر لا يخلو من انزلاق نحو التبسيط ، و نزوع نحو التعميم و الملامسة المزاجية و السطحية . إن ما يقع من أخطاء في الأداء الكروي المغربي لا يختلف بالمجمل عما يحدث في الدوريات العالمية ، فالخطأ في الأداء التحكيمي جزء لا يتجزأ من المنجز الرياضي على رقعة الملعب ، لما تتميز به المقابلات الكروية من حساسية و حماس و ذكاء أو تحايل بعض اللاعبين ، و السرعة الرقمية التي تنفذ بها بعض العمليات و الأتوماتيزمات فائقة التشابك و التداخل ، لذلك قد نرتكب خطأ جسيما إذا اقتفينا خطى مشاعرنا و عواطفنا ، و اتهمنا دون دليل علمي حكامنا بالتواطؤ و ضرب مبدأ تكافؤ الفرص ، و التلاعب بقوانين اللعبة ، و الاستهتار بالرسالة النبيلة للمنافسة الرياضية الشريفة ، دون أن يعني ذلك أننا ندعو إلى تكميم الأفواه ، ومنع الإعلاميين و المتتبعين و المسؤولين من انتقاد المشرفين على التحكيم داخل اللجنة المركزية للتحكيم أو مديرية التحكيم .. شريطة أن يكون هذا الانتقاد محصنا بقيم الموضوعية و الحياد ، و مجردا من نزعات التهويل و التشكيك. 5 – و إذا أخذنا كمثال في هذه " النازلة " المقابلة التي جرت بمركب أدرار بين حسنية أكادير و اتحاد طنجة برسم الدورة العاشرة من البطولة الاحترافية ، بسبب ما أسالته من مداد ، و ما أثارته من لغط ، فإننا نلاحظ أن احتجاجات مسؤولي الحسنية ، الذين نكن لهم كل الاحترام و التقدير ، لم تكن في محلها لعدة أسباب ؛ أولها أن الفريق الزائر عبر منذ انطلاق صافرة الحكم عن رغبة أكيدة في الظفر بالفوز عبر لعب هجومي محكم البناء ، مما جعله يحصل على ضربتي جزاء لا غبار عليهما ، أما الهدف المثير للجدل ، و الذي أقره حكم الشرط فلا يحق لأي كان أن يحكم بمشروعيتها أو عدمها ، لأن الإخراج التلفزيوني لم يتمكن من النجاح في تغطية الزاوية المناسبة بإحكام و إتقان ، يبقى حكم الشرط المؤهل الوحيد لاتخاذ القرار على ضوء ما شاهده و تأكد من رؤيته . 6 – و بناء على ما سبق ندعو مرة أخرى و بإلحاح إلى أولوية نشر ثقافة كروية رياضية ، تستند إلى قيم التنافس و المساواة ، و الاعتراف بالهزيمة ، و نقد الذات من أجل تجاوز الأخطاء ، و القطع مع ظاهرة تعليق زلاتنا على مشجب الحكم و أرضية الملعب و الجو .. و العمل سويا جامعة و إعلام و رياضيين و جماهير من أجل اجتراح حلول هيكلية و عقلانية راجحة ، للدفع بمشهدنا الرياضي نحو الأفضل و الأرقى .