شعب بريس:بقلم صالح قمران شهد المركب الرياضي محمد الخامس تفاصيل ديربي مغاربي إفريقي حارق في مجموعة الموت الإفريقية التي تضم قمم الكرة المغاربية-الإفريقية من طينة الأهلي المصري والترجي التونسي والوداد البيضاوي ومولودية الجزائر، تفاصيل مباراة نطقت بكل ألوانها وسحرها وانتظاراتها فهي بكل بساطة عنوان اصطدام مغاربي ترنو له قلوب عشاق اللعبة من زمان وتتعلق به أعين المشاهد والمتتبع الرياضي لأن فرسانه هم من الهامات الكروية المميزة في مشهدنا الكروي العربي المغاربي ويتعلق الأمر بالوداد البيضاوي والترجي التونسي. اللقاء الذي أداره حكم مجرب وأيقونة التحكيم الإفريقي، السيشيلي إدي مايير، وفى بكل وعوده الفرجوية والكروية أولاها اللوحة التشجيعية الرائعة التي رسمتها حناجر الجمهور الودادي والذي انتزع العلامة الكاملة بدون منازع وكان بحق لاعبا إضافيا وضلعا أساسيا من أضلاع مباراة حماسية مشوقة ستظل لفترة طويلة في ذاكرة وأّذهان كل من تتبع أطوارها وأنفاسها التي لم تهدأ إلا بصفارة الختم من طرف حكم المقابلة. اللقاء طبعته الندية والاندفاع البدني الذي يميز عادة اللقاءات الثنائية المغربية –التونسية، قدم خلاله اللاعبون من الفريقين وبسخاء كبير كل مخزونهم الكروي والبدني اللذان يستجيبان وحجم رهان المباراة، فالمنتصر ينتزع بمفرده زعامة مجموعة الموت الإفريقية. وداد الأمة بقيادة مدربه العجوز ميشيل ديكستيل أنجته واقعيته الكروية وبأعجوبة من مخالب كماشة لا ترحم اسمها نبيل معلول المعروف بدهائه وخبثه الكروي وقدرته الخارقة على قراءة خطط الخصم وفك طلاسمها الدفاعية واختراقها وتكبيل المهاجمين ومحاصرتهم، مستعينا بثلة من اللاعبين الذين يحسنون الانضباط التكتيكي ويحكمون الانقضاض على الفريسة في الوقت الذي تنبئهم فراستهم الكروية بضعفها وترهلها، ولعل ذكر أسماء من أمثال أسامة الدراجي –الدربالي –بوعزي –القربي جزار الوسط التونسي، تحيل المتتبع الرياضي لقوة ترسانة الترجي التونسي. التونسيون مازالوا ينتشون بنحسهم وتفوقهم الكروي على الفرق المغربية، يحسنون الضغط ويدركون أن تسجيل السبق على مستوى الأهداف يؤدي بصورة آلية إلى انهيار الخصم وهو ما كرروه في أكثر من مناسبة كروية جمعتهم بالكرة المغربية. انسجاما مع هذا النهج تمكن لاعب الارتكاز بوعزي من تسجيل هدف قاتل في الدقيقة (21) إثر تمريرة لا يصنع مثلها إلا لاعب شاب مجيد من خامة الكبار، ارتفعت بورصته الكروية وانهالت عليه عروض العرب والعجم اسمه أسامة الدراجي، تمريرة تذكرنا بالتمريرات السحرية لساحرين من فريق الأحلام برشلونة كزافيي وإنيستا. وفي الدقيقة (37) وكالعادة وبنيران صديقة وعلى إثر ضربة خطأ ثابتة اصطدمت بالخالقي ليودعها بأمان في مرماه، وهنا يتذكر المتتبع الرياضي العقدة التونسية والنحس الكروي الذي لا زمنا، فمن منا ينسى أو يتناسى أن لقبا قاريا إفريقيا غاليا فقدناه أمام تونس بملعب رادس سنة 2004 في نهائي كأس إفريقيا بتلك الخرجة غير المحسوبة للحارس فوهامي، الذي لم يتصدى حينها للكرة بما يلزم من التوازن والحرفية وتركها في متناول قدم هجومية تونسية تقبل الهدية إسمها رياض الجزيري، اللقب الذي ضاع وأسال دموع الكثيرين ومنهم أعظم حارس مرمى عرفه المغرب اسمه بادو الزاكي، هي الكرة، سحرها أنها معشوقة الجماهير تجلب الفرح وأحيانا أخرى حين تهب رياح الهزيمة تترك الجراح والدموع. إن التعادل المنتزع أمام الترجي التونسي في هذه المقابلة ولو بعقر الدار، وفي وقت كانت هاته النتيجة مجرد سراب وأضغاث أحلام، ربما تؤشر إلى أن الكرة المغربية في بداية التخلص من نحس وعقدة الكرة التونسية ولعل الاستحقاقات المقبلة سترينا تفاصيل البلسم الكروي لتضميد جراح كروية كانت بالأمس القريب، ولعل ما يعزز صحة هذا التنبؤ الكروي هو الصحوة الكروية التي ظهر بها وداد الأمة في الشوط الثاني بتسجيل هدف جميل متقن الصنعة الكروية بقدم فابريس أونداما في الدقيقة (64) إثر كرة مرتدة من صاروخ دقيق التصويب انطلق من منصة لاعب متألق اسمه برابح، وأتت الدقيقة (77) لتبطل مفعول النفاثات في العقد، بعد نجاح المراوغ الداهية ياجور من اصطياد ضربة جزاء في وقت حاسم من المباراة انبرى لها بنجاح الزئبقي يوسف القديوي مسجلا هدفا غاليا وثمينا في مرمى حارس تونسي شاب قادم -معز بن شريفية- يذكرنا بعمالقة حراس الترجي من أمثال شكري الواعر والإيفواري جان جاك تيزي. يبقى السؤال هو هل يتمكن الوداد البيضاوي من اقتناص تذكرة المرور إلى نصف النهاية في مجموعة أينما وليت وجهك شطرها تبرز لك رائحة الموت والإقصاء؟ وهل سيتمكن وداد الأمة من طمأنة المغاربة بأن شمس نحس الكرة التونسية قد أفلت وغربت إلى غير رجعة؟، ربما تحمل لنا الإصطدامات الكروية المقبلة جوابها اليقين.