على خطى العالم، يسير المغاربة نحو الإصابة بالسمنة والأسباب متشابهة تختزل في الأكل غير الصحي والسريع وقلة الحركة والرياضة، وجاء المغرب في المرتبة الثالثة إفريقيا على مستوى الإصابة بمرض السمنة. وتكشف الإحصائيات الرسمية أن نسبة السمنة المفرطة والمرضية في المغرب قد ارتفعت خلال العشر سنوات الماضية، بمعدل 7,3 بالمائة سنويا، ووفقا لدراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط فالمغرب أصبح يعاني من مشكل السمنة لدى عدد كبير من الساكنة، حيث أصبحت السمنة تهدد ما يقارب 10,3 مليون نسمة، وأوضحت الدراسة التي شملت 2426 أسرة من بين 100 ألف أسرة، انخفاض نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات ويعانون من "نقص الوزن"، من 9,3 بالمائة سنة 2004 إلى 3,1 بالمائة سنة 2011 ما يضع المملكة في وضع جيد جداً بالمقارنة مع المتوسط العالمي 16بالمائة. وأبرزت الدراسة أن من بين 10,3 مليون مغربي بالغ يعانون من السمنة أو تظهر عليهم مؤشرات السمنة، 63,1 بالمائة نساء. ويشعر 3,6 مليون مغربي من مجموع المهددين بالسمنة (مغربي من كل 5)، أنهم معنيون بموضوع "السمنة المفرطة والمرضية"، وتظل النساء الأكثر تأثراً 26,8 بالمائة، وخاصة في المناطق الحضرية 31,3 بالمائة. والسمنة ليست مشكلا شخصيا يهم المصاب به فقد، بل تأثيره يمتد إلى الاقتصاد الوطني إذ اظهرت نتائج دراسة أنجزها المعهد الأمريكي ماكنزي أن السمنة التي أصبح يعاني منها مئات الآلاف من المواطنين المغاربة تؤثر أولا على إنتاجية الفرد وثانيا تتطلب من الدول نفقات إضافية في قطاع الصحة نظرا للأمراض التي تسببها هذه الظاهرة، وبالتالي أصبحت تكبد المغرب خسائر مادية تعادل 3 في المائة من ناتجه الداخلي الخام. أسباب السمنة تعرف منظمة الصحة العالمية السمنة بكونها تراكم غير طبيعي أو مفرط للدهون قد يلحق الضرر بالصحة، وتعتبر أن السبب الأساسي لزيادة الوزن والسمنة هو اختلال توازن الطاقة بين السعرات الحرارية التي تدخل الجسم والسعرات الحرارية التي يحرقها. وعلى المستوى العالمي هناك زيادة في مدخول الأغذية الكثيفة بالطاقة والغنية بالدهون؛ وزيادة في الخمول البدني بسبب عدم الحركة الذي يتسم به كثير من أشكال العمل، ووسائل النقل المتغيرة، وارتفاع نسبة العمران الحضري. وغالباً ما تكون التغييرات في النظم الغذائية وأنماط النشاط البدني ناتجة عن التغيرات البيئية والمجتمعية المرتبطة بالتنمية وعدم اتباع سياسات داعمة في قطاعات مثل الصحة، والزراعة، والنقل، والتخطيط العمراني، والبيئة، وتجهيز الأغذية، والتوزيع، والتسويق، والتعليم. عواقب شائعة تعتبر السمنة من بين عوامل الخطر التي تتسبب في العديد من الأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري؛ وبعض أنواع مرض السرطان مثل سرطان الغشاء المبطن للرحم وسرطان الثدي وسرطان القولون. وثمة صلة بين سمنة الأطفال وزيادة احتمال الإصابة بالسمنة والوفاة المبكرة والعجز بين البالغين. ولكن بالإضافة إلى زيادة المخاطر المستقبلية يعاني الأطفال المصابون بالسمنة صعوبات في التنفس، وتزداد مخاطر خطر إصابتهم بالكسور وضغط الدم المفرط، وذلك من العلامات المبكرة لأمراض القلب والأوعية الدموية، ومقاومة الأنسولين والآثار النفسية. كيف يمكن خفض السمنة؟ يمكن، إلى حد بعيد، الوقاية من زيادة الوزن والسمنة ومن الأمراض غير السارية المرتبطة بها. وذلك بالقيام باختيارات صحية أكثر للأغذية، وممارسة النشاط البدني بانتظام، باعتباره الاختيار الأسهل، مما يساهم في الوقاية من السمنة. وعلى الصعيد الفردي يمكن للناس أن يحدوا من مدخولهم من إجمالي الدهون والسكريات؛ وأن يزيدوا استهلاكهم للفاكهة والخضار وكذلك البقوليات والحبوب غير المنخولة والجوز والبندق؛ وأن يمارسوا النشاط البدني بانتظام (60 دقيقة للأطفال في اليوم و150 دقيقة للبالغين في الأسبوع).