أكد منتصر حمادة الباحث في الحركات الإسلامية على أنه لا يوجد أي بلد في العالم محصن من ورم الإرهاب المرتبط بأنماط معينة من التدين الإسلامي (وليس موضوعنا هنا الإرهاب المرتبط بأنماط معينة من التدين اليهودي أو المسيحي أو غيره)، ولو أن المنطقة التي تتعرض أكثر للتهديدات هي المنطقة العربية على الخصوص ومعها القارة الأوروبية. وفي الحالة المغربية، قال منتصر :"نعاين مشروعاً مركباً يروم التصدي للظاهرة الإرهابية، ولكن لا يمكن أن يكون حاجزا منيعاً كلياً ضد أي مخاطر، وذلك لاعتبارين إثنين على الأقل: اعتبار ذاتي خاص بنا واعتبار موضوعي خاص بالعوامل الخارجية، من قبيل التهديدات الافتراضية التي تأتي من الخارج، من تنظيمات "جهادية" أقلية، أو حالات "جهادية" تصنف في خانة "الذئاب المنفردة"، فيما يكمن لاعتبار الذاتي في تباين أداء مُجمل الفاعلين المعنيين بالتصدي للظاهرة، وباستثناء ما يصدر عن الفاعل الأمني، فإن باقي الفاعلين لا زالوا في مقام التواضع مقارنة مع ما هو مطلوب منهم. وعن اعتبار المقاربة الأمنية هي العنصر الأهم في محاصرة الإرهاب، نفى المتحدث ذاته أن تكون لوحدها كافية موضحا أنه بشهادة المؤسسة الأمنية ذاتها، وهي الشهادة التي تضمنها آخر خروج إعلامي رسمي لرئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، منذ بضع أشهر، في إحدى حلقات برنامج "مباشرة معكم" على القناة الثانية، حيث كان صريحاً في التأكيد على أن المقاربة الأمنية جزء من الحل، وإن كانت وحدها المعنية بالتصدي للظاهرة ستصبح جزءا من المشكلة، ولذلك نظرياً وعملياً فإنها ليست وحدها المعنية. وزاد قائلا إن الإشكال المؤرق قائم مع باقي المقاربات، ونخص بالذكر ما هو مفترض ومنتظر من المثقفين والإعلاميين والفاعلين الدينيين، وكذا الفاعلين في تنمية الحقول الاقتصادية والاجتماعية، والمسألة تتطلب مضاعفة الجهود بشكل مشترك كل من جهته، من أجل التصدي لإحدى أسباب التشدد الديني الذي يصيب بعض المغاربة الذي سقطوا في فخ تدين مشرقي يغذي الخطاب "الجهادي". وعن التباين بين الحصانة الذاتية التي يتمتع بها المغرب ووصف المغرب بكونه مصدرا أساسيا ل"المجاهدين" في داعش، أوضح منتصر حمادة أن بلوغ عدد مغاربة تنظيم "داعش" إلى 1505 مغربي، بإقرار وزير الداخلية محمد حصاد، أمر يسائل العديد من المسؤولين والفاعلين السياسيين والدينيين بدرجة أولى، وباقي الفاعلين/النخب بدرجة أقل. وأضاف أن هناك عدة عوامل مركبة أفضت إلى هذا المشهد، منها ما هو مرتبط بالأضرار الجانبية لأنماط معينة من التدين الذي أصابت المغرب، خلال العقود الأخيرة، وهذه جزئية دقيقة وهامة تطرق إليها بالتفصيل والوقائع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق، عبد الكبير العلوي المدغري، عندما تحدث عما نصطلح عليه ب"استيراد السلفية"، ومنها ما هو مرتبط بتفاقم الأوضاع الاجتماعية للعديد من "الجهاديين" المغاربة، وأغلبهم من أحياء البؤس والفقر في شمال المغرب، وفي ضواحي بعض المدن الكبرى (الدارالبيضاء، سلا، فاس على الخصوص)، بالإضافة إلى حضور عوامل أخرى بالطبع، ومنها دور الثورة الرقمية (مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً) والتي صارت ملاذا لعدد ممن توجه إلى "الجهاد" ومنبعا لبعض الأفكار التكفيرية، زيادة على المحدد السياسي الغربي التي تعلو تأثيراً من وجهة نظرنا عن العاملين سالفي الذكر، وغيرها من العوامل التي أثرت بشكل سلبي على الشباب..يقول المتحدث ذاته-.