خلال هذه الورشة، ذكرت البتول بنعلي وهي حاليا عضو المجلس العلمي المحلي للرباط ومنسقة خلية شؤون المرأة وقضايا الأسرة بالمجلس، مواقف عايشتها خلال مسيرتها العلمية الفريدة. بنعلي تقول في مداخلتها إنها كانت محظوظة كونها دخلت المدرسة واستكملت تعليمها في وقت لم يكن للفتيات فرصة لدخول المدرسة بل كان يسمح لهن بحفظ سور من القرآن الكريم بما يمكنهن من أداء الصلوات فقط. تتذكر بنعلي تلك الأيام وتقول "بعد الاستقلال وكان عمري حوالي ثمان سنوات جاء إلى قريتنا خليفة السلطان، كان فقيها ويحب كتاب الله، قام بحملة بين السكان من أجل أن يحفظ أبناؤهم وبناتهم القرآن، وكنت من الأوائل الذين التحقوا بالمسجد لحفظ كتاب الله، بعد ذلك جمع كل أطفال المسجد وأخذهم إلى المدرسة وكنت أيضا من الأوائل الذين التحقوا بالمدرسة، وكانت هذه البداية رغم أن المدرسة تبعد عن منزلي حوالي ثلاث كيلومترات. درست البتول بنعلي التعليم الابتدائي في ثلاث سنوات ثم انتقلت الاعدادي. لما نجحت في الباكلوريا التحقت بنعلي بمدرسة تكوين الأساتذة وفي نفس الوقت أقدمت على خطوة غريبة في ذلك الوقت وهي أنها تسجلت في كلية أصول الدين وكانت آنذاك حديثة التأسيس، تقول بنعلي عن هذه الفترة "كنت أدرس مع رجال في سن أبي أو أكثر، وكنت أول خريجة من كلية أصول الدين في عام 1970، بعد ذلك عينت أستاذة في مدينة القنيطرة". رغم تعيينها بعيدة عن عائلتها إلا أنها كانت فرصة بالنسبة لها للتسجيل في دار الحديث الحسنية التي حصلت منها على شهادة التخرج في علوم القرآن سنة 1974، وعلى شهادة التخرج في علوم الحديث سنة 1975، وعلى دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية سنة 1985، وهي بذلك أول خريجة من مؤسسة دار الحديث الحسنية. تحكي البتول بنعلي عن قرارها الدراسة في دار الحديث الحسنية وتقول "ذهبت إلى مديرها آنذاك الشيخ مولاي مصطفى العلوي وسألته إن كان يمكنني التسجيل في الدار خاصة وأني لاحظت أن جميع طلبتها رجال فأجابني رحمه الله قائلا: لا الشرع يمنع ولا القانون يمنع والمغرب يحتاج إلى كل أبنائه" بعد اجتيازها امتحان القبول، كانت البتول بنعلي ضمن الأوائل الناجحين ووجدت نفسها تدرس مع الأساتذة الذين درسوها في المرحلة الثانوية، ومن هناك بدأت مسيرتها العلمية. خلال مسارها، تتذكر البتول بنعلي عددا من المواقف التي لم تنسها وظلت راسخة في ذهنها رغم مرور عقود عليها منها ما وقع لها عندما كانت في سفر هي وزوجها وابنتها فتوقفوا للصلاة في مسجد في طريق صفرو، تقول بنعلي " اقتربت من المسجد وكان يجلس أمام بابه رجل عجوز يحمل في يده عصا، طلبت منه فتح المسجد للصلاة فرد بشدة وغضب ورفع عصاه في وجهها مهددا متوعدا قائلا: إن المساجد للرجال وليست للنساء وعليك أن تصلي في بيتك فذلك خير لك، تقول بنعلي إنها اضطرت لأداء صلاتها في الشارع، لكن بقي أثر هذه الواقعة في نفسها إلى الآن وصممت منذ ذلك اليوم أن تعمل بجد من أجل فتح المساجد للنساء وحتى لا تمنع امرأة من بيوت الله للتعلم والصلاة شعارها في ذلك أن المساجد لله وليست لأحد. ومن المواقف الأخرى التي ظلت محفورة في ذاكرة البتول بنعلي، عندما اجتمع خريجو دار الحديث الحسنية لاختيار ممثليهم، فطلب المنظمون أن يصعد إلى المنصة أكبر الخريجين سنا وأصغرهم سنا، فصعد شيخ ورع من الشيوخ الأجلاء إلى المنصة ثم تمت المناداة على فتاة في 23 من عمرها باعتبارها أصغر الخريجين ولم تكن سوى البتول بنعلي، لكن عندما رآها الشيخ تصعد المنصة فوجيء فنزل قائلا إنه لا يستطيع أن يجلس في المنصة مع امرأة. فأنقذ الموقف شيخ آخر لتكتمل عملية التصويت. هذه المواقف، كما تقول البتول، تعطي صورة عن العقليات السائدة في ذلك الوقت عن المرأة ومكانتها في المجال الديني، لكنها تؤكد ان الواقع اليوم تغير كثيرا، وتؤكد على أن قرار الملك محمد السادس فتح المجالس العلمية والمساجد للنساء للتعليم والتأطير كان "فتحا ودعما جديدا في المجالس العلمية التي كانت شبه ميتة". وتضيف "بعد أن كانت المساجد لا تفتح إلا للصلاة وفقط للرجال، أصبحت اليوم تعج بالنساء وبحلقات يومية في دروس الوعظ وحفظ القرآن ومحو الأمية" فالمرأة في نظرها أعطت الكثير و 80 بالمائة من منتج المجالس العلمية تقوم به النساء بشكل منظم ومنتج وذلك بدليل التقارير السنوية.