شهدت المقاومة العراقية على مدى عام من الاحتلال مراحل تطور ونقلات نوعية في عملياتها وإستراتيجيتها، أثبتت من خلالها قدرتها على الاستمرار، وأجبرت سلطات الاحتلال على الاعتراف بأنها تواجه مقاومة عنيفة تكبدها خسائر فادحة لا تستطيع إخفاءها، خاصة مع استخدام المقاومة الصورة والصوت لتوثيق هجماتها. ويرى مراقبون أن المقاومة التي بدأت بإطلاق العيارات النارية وعبوات ناسفة تزرع هنا وهناك أضحت اليوم توجه إعلاميا من خلال مكاتب سياسية تدير بدورها العمل العسكري الذي بدت بوادر توجهاته السياسية تلوح في الأفق، بعد أن استجابت المقاومة لوقف القتال في بعض المناطق لأكثر من مرة. وتشكل هذه الاستجابة ومعاودة المقاومة للقتال عندما خرقت قوات الاحتلال الأمريكي الهدنة بزعمها احتمال وجود أبومصعب الزرقاوي داخل أسوار المدينة سابقة جديدة في التحقق من إمكانية السيطرة على المقاومة من عدمها. ولم يكن للإعلام المقاوم في بدايته شكلا غير بيانات هنا وهناك، أو هتافات صامتة على جدران المدن العراقية، تدعم المقاومة وتسميها بعدة أسماء كان أبرزها المقاومة الإسلامية الوطنية، وكتائب ثورة العشرين، وجيش محمد. بيد أنها الآن عرفت لعبة القنوات الفضائية فباتت تبذل من جهدها لتصوير عملياتها لنشرها في شوارع العاصمة على أقراص مدمجة، أو إيصالها إلى القنوات الفضائية، خاصة صور عمليات خطف الأجانب الأخيرة والتي تحوي خطف أو إطلاق الرهائن الذي كان معظمه استجابة لدعوة هيئة علماء المسلمين، مما دل على أن وراءها ذوو خبرة سياسية، حسب المحلل السياسي العراقي وليد الزبيدي. وأكد الزبيدي لنا أن المقاومة العراقية توحدت وإن اختلفت توجهاتها الأيديولوجية، مع أن الواضح من معظم بياناتها أن التوجه العام أو الشكل الرسمي إسلاميا ووطنيا أو هما معا. ويبدو أن مرور عام كامل على تحرك المقاومة في الميدان أضاف لها، حسب رئيس تحرير جريدة البصائر العراقية الدكتور مثنى الضاري، ما أسماه بثقافة المقاومة، مشيرا إلى أن قطع الطرق المؤدية إلى الفلوجة المحاصرة والتي تستخدمها قوات الاحتلال لإيصال المدد إلى جنودها دل على وعي عسكري رشيد، وهو ما اعترفت به قوات الاحتلال. لكنه أوضح أن الهدنة أو طلب هيئة علماء المسلمين من المقاومين الذين يجوبون الفلوجة وقف أعمال المقاومة، أدى ببعض المقاومين خارج المدينة الذين يقطعون طريق الإمداد إلى تعليق أعمالهم، ظنا منهم أن الهيئة طلبت الوقف من الجميع، مؤكدا أن تلك الاستجابة دلت في طياتها على المنحى الديني الذي تتبناه المقاومة، بدليل استجابتها للمرجعية التي هي هيئة علماء المسلمين. ودافعت الكاتبة والصحافية العراقية انتصار الألوسي من جانبها عن الوسائل الجديدة التي يتبعها المقاومون، موضحة أن لهم الحق في اختطاف الرهائن الذين يعملون مع قوات الاحتلال باتلاره جزءا من عمل يرمي إلى إنهاء الاحتلال. وعللت سبب تفهمها لرؤى المختطفين بأن القضية العراقية باتت تبتعد عن اهتمامات البلدان التي أرسلت جيوشها إلى العراق، وأن جزءا من إجبار تلك الدول على إعادة النظر في الإبقاء على جنودها في العراق هو عملية الاختطاف. ويبقى مسرح المقاومة في العراق حسب محللين في انتظار للكثير من المفاجآت سلبا أو إيجابا، إذ يجري الحديث عن ثلاثة احتمالات: فإما أن تصل قوات الاحتلال إلى ما تصفه بالقضاء على الإرهابيين، وهذا ما أثبت فشله ازدياد عمليات المقاومة، وإما أن تخرج المقاومة قوات الاحتلال، وهذا مستبعد في الوقت الراهن، وإما أن تكون جناحا سياسيا يحصد ثمارها، وهذا ما يبدو أنه يتشكل الآن بعد سنة على عملها المقاوم داخل الأراضي العراقية. عامر الكبيسي مراسل التجديد في العراق