هل ثمة تراجع في عمليات المقاومة العراقية ؟! الاجابة لا ..حسب اعترافات المصادر الأمريكية ذاتها .. التي اعترفت مؤخراً بأنها تواجه بمتوسط 19 هجوم يومي من قبل المقاومة العراقية . وهل ثمة ضعف في نوعية العمليات أو في الأسلحة المستخدمة , أو في عدد المهاجمين .. أو عيارات الأسلحة ..أو .. أو ؟ الاجابة لا .. بل العكس هو الصحيح حسب اعترافات الجنرالات الأمريكيين .. الذين قالوا إن المقاومة تغير وتطور من أساليبها .. كما أن الصور التي تبثها الفضائيات خير كاشف أمام الجميع – خاصة الخبراء – لحجم الخسائر الأمريكية في الأفراد والمعدات وكذلك فإن الأخبار التي يجري تداولها ، تكشف في ثناياها عن أعداد للقتلى لا يتناسب على الإطلاق مع الأعداد التي يعترف بها الأمريكان رسمياً ، خاصة ما يرويه شهود العيان عن أعداد للقتلى الأمريكان . •إذن ما الذي يجري خلال الأسبوعين الأخرين ، حيث الملاحظة الأبرز هى قلة الاعترافات الأمريكية بأعداد القتلى .. رغم الزيادة الواضحه فى معدلات العمليات ؟ مؤشرات جديدة : ما يجري أمامنا هو خطة اعلامية أمريكية جديدة ...هدفها هو التعتيم على الخسائر فى الافراد من القوات الامريكية وتفيف الضغط الضغط الاعلامى .. ويمكن رصد مؤشراتها في عدة ملامح ظهرت في الأسبوعين الأخرين : أولها : عودة المتحدثين العسكريين الأمريكيين والبريطانيين ..للظهور على أجهزة الأعلام مجدداً .. بعد أن كانوا قد تركوا الأمر لوكالات الأنباء . الملاحظة الأبرز الآن هى كثرة ظهور المتحدثين العسكريين باسم جيش الاحتلال على وسائل الاعلام للادلاء ببيانات حول العمليات ..وهو ما يعني بالدقة العودة للشعور بحالة الحرب ، وبضرورة ممارسة حرب نفسية مباشرة ضد المتلقين للاخبار ..وكذلك قلقاً متزايداً من ذكر حقائق أعداد القتلى وضرورة توفير مادة اعلامية محددة ، تنقل إلى الداخل الأمريكي . وثانيها : تكرر وتصاعد عمليات التضييق على وسائل الاعلام ..حيث تصاعد الهجوم الرسمي الامريكى على القنوات الفضائية العربية – خاصة العربية – وكثرة عمليات القبض على الصحفيين ، ومنع المصورين من التصوير –وبعض الاحيان قتلهم- ونزع الأشرطة من كاميراتهم بعد التصوير .. إلخ. وثالثها : ما كشفت عنه احدى الصحف ، من بدء الولاياتالمتحدة ابرام تعاقدات لتوريد مواد اعلامية يومية للقنوات الفضائية والصحف – مجانية – تتناول أوجه الحياة العادية في العراق ، من تشكيل أجهزة شرطة وتوصيل الكهرباء والمياه .. ومن جلسات لمجلس الحكم الانتقالي ..ومباريات كرة القدم ، وأوضاع التعليم ونوادي الانترنت وانتشار استخدام الهاتف المحمول ..وهو ما أظهر أن الولاياتالمتحدة تريد ليس فقط اظهار جهودها في عمليات اعادة البنية الاساسية -كما يتصور- أو تصوير الوضع في العراق على أنه يسير نحو الأحسن ، وانما الهدف الرئيسي هو التقليل من شأن ما يجري في العراق من مقاومة وعمليات وقتلى وجرحى أمريكان وتدمير لآليات .... إلخ . خطة جديدة : يبدو أننا أمام مرحلة جديدة من الاعلام الأمريكي بشأن العراق ، تقوم من ناحية على التعتييم الاعلامي على عمليات المقاومة ، وعلى محاولة الايحاء بعودة الحياة الطبيعية إلى العراق من ناحية من ناحية ثانية وعلى حشو اجهزة التلفاز وعقول المشاهدين بكميات اخرى من الأخبار للتشويش على الاخرى . والسؤال هنا ، هل ثمة مقومات لنجاح تلك الخطة ؟ الاجابة ، أن مقومات نجاحها قليلة للغاية . والأسباب متعددة ، ومنها أولاً : إن عمليات المقاومة العراقية تجري وسط أماكن مكدسة بالسكان ولا تجري في مناطق صحراوية الأمر الذي يعني ضعف القدرة على انكارها أو اخفاء الخسائر الناتجة عنها خاصة وأن ضربات المقاومة تجري – بحكم طبيعة تسليح وانتشار القوات الأمريكية – ضد أفراد يستقلون آليات ، يجري تدميرها ، ويحتاج نقلها بعد تدميرها ونقل الجنود القتلى والمصابين بعض الوقت ، يكون المواطنون خلاله قد شاهدوا الحادث وعرفوا اعداد القتلى وأبلغو مراسلي الصحف ووكالات الانباء . ومنها ثانياً : أن الصراع الأمريكي الأوروبي على العراق ، ليس صراعاً داخل أروقة مجلس الأمن ، وإنما هو صراع على الأرض في العراق في مجال الاعلام –خاصة- والمدقق فيما تنقله الفضائيات والصحف سيكشف أن الوكالات الأوروبية خاصة الفرنسية ، ذات النصيب الأوفر فى نشر أخبار المقاومة العراقية .. والخسائر الأمريكية . ومنها ثالثا : أن الولاياتالمتحدة ، يصعب عليها التمادي في عمليات منع وكالات الأنباء والصحف والفضائيات من نقل الأحداث سواء لأسباب فنية أو لأسباب سياسية ..حيث أن ذلك سيكون دافعاًًً لعكس ما ترغب فيه ، أى مؤشراً لدي الجميع على شدة الخسائر الأمريكية وعدم قدرتها على احتمال " حرية نقل العلومات في العراق " . ومنها رابعا : أن الولاياتالمتحدة ، تعيش في تناقض خطير في مجال الاعلام في العراق ، فهي من ناحية في أمس الحاجة إلى دورالاعلام في السيطرة على الشارع العراقي ، وعلى الرأي العام الداخلى في أمريكا ، وهى فى الآن ذاته باتت تشعر بشكل متزايد أن الاعلام أفقدها " نصر احتلال العراق " من خلال ما تنشره حول المقاومة وخسائر الافراد الامريكيين ..ومن الحديث حول مستنقع العراق ..وعدم قدرة القوات الأمريكية والبريطانية على حماية نفسها ..وأن الفوضى عارمة •من هنا ، كانت الخطة الاعلامية الجديدة ، هي التضيق على الاعلام والتعتييم على عمليات المقاومة وعلى خسائرها من ناحية ومحاولة نشر انباء أخرى ، لملأ مساحة الاعلام بأخبار عن جهودها فى الجوانب المدنية في العراق ...وهو ما سنراه متجسدا خلال الفترة المقبله ومؤشره الاساسى هو تصاعد المقاومة العراقية الى درجة لم تعد امريكا قادره علة احتمالها. •وبيقي ان أبرز أوجه الأزمة فى هذه الخطة هو أن المتلقى ، لن يلتفت إلى " أنباء الدعاية المزيفة " وأن عمليات المقاومة تفرض نفسها بضربات تقضى أول ما تقضى على محاولات التعتييم تحليل : طلعت رميح المصدر: البصرة