اشتدت الهجمات الإعلامية من قبل أعضاء مجلس الحكم الانتقالي في العراق ضد المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، فيما تتبنى الإدارة الأمريكية وجهات نظره، في وقت تزداد فيه حدة الخلافات بين أعضاء مجلس الحكم حول نقل السلطة ولمن سيكون. وفي تصريح لعضو مجلس الحكم محمد بحر العلوم، ذكر أن على مجلس الحكم الانتقالي اختيار الحكومة الجديدة، وليس الأخضر الإبراهيمي، مؤيدا بذلك طروحات عضو مجلس الحكم أحمد الجلبي، الذي شن هجمات عنيفة ضد الإبراهيمي في وقت سابق من الأسبوع الماضي، بينما رأى أكثر أعضاء مجلس الحكم الشيعة أن الإبراهيمي غير مخول بتعيين حكومة عراقية. ويبدو من خلال مصادر عراقية مقربة من مجلس الحكم أن الأخير منقسم إزاء تأييده لخطة الإبراهيمي في نقل السلطة. فبينما يرى عدنان الباجة جي، عضو المجلس، أن الإبراهيمي يمثل الأممالمتحدة، باعتباره مبعوثها لحل الأزمة العراقية، يراه آخرون شخصا يحاول أن يستعين بأناس محددين لنقل السلطة إليهم من خارج مجلس الحكم، وأنه يسعى لمنح دور للبعثيين في الحكومة الجديدة، وهو ما دفع عددا من أعضاء مجلس الحكم إلى إعلان رفضهم لذلك، وخرجوا في مظاهرات في مدينة النجف يوم الجمعة الماضي، تطالب بعدم إعادة البعثيين، بينما هاجم خطيب الجمعة في النجف الشيخ القبانجي والعضو القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم فكرة إعادة البعثيين إلى الواجهة. إلا أن الصراع بشأن الإبراهيمي ودوره برز واضحا بين الباجه جي والجلبي. فقد شنت صحيفة المؤتمر التابعة للجلبي، قبل أيام، هجوما على عضو المجلس عدنان الباجه جي. وقالت «إنه يستغل موفد الأممالمتحدة الأخضر الإبراهيمي ودعم الإمارات العربية المتحدة المطلق له، بما يدخل العراق وشعبه في دوامة عدم الاستقرار». وقالت الصحيفة إن الإدارة الأمريكية سعت إلى إضعاف الجلبي عبر التغاضي عن محاولات الإبراهيمي المعلنة بإبعاد الأحزاب السياسية عن الحكومة العراقية المقبلة. وأضافت «أن لعبة تجري الآن خلف كواليس البيت الأبيض والأممالمتحدة لإبعاد الجلبي، وأن ذلك سيفتح صراعا سياسيا لم يشهده العراق». ووصفت الصحيفة الباجه جي بأنه مهندس فكرة إبعاد الأحزاب السياسية الرئيسية عن سدة الحكم. وذكرت أنه «أراد، عبر هذه الفكرة، الحصول على مساندة من وزارة الخارجية الأمريكية، ليضرب عصفورين بحجر واحد، أولهما إبعاد الأحزاب السياسية الرئيسة والفاعلة على الساحة العراقية حاليا عن سدة الحكم، وثانيهما استحواذه على السلطة، من خلال تعيين أتباع له، ممن لهم ارتباط بالخارجية الأمريكية، ممن ينطبق عليهم، وصف تكنوقراط، مستغلا الإبراهيمي». ويبدو أن هذا الصراع الخفي دفع أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي إلى تكثيف اجتماعاتهم خلال اليومين الماضيين، للخروج برأي يدعو إلى تعيين الحكومة الجديدة من قبل مجلس الحكم وبالمشاورة مع سلطة الاحتلال، إلا أن ما يجري حتى الآن لم يرجح هذا الاتجاه بسبب موافقة الإدارة الأمريكية على خطة الإبراهيمي في نقل السلطة باعتماد عناصر جديدة غير ممثلة في مجلس الحكم الحالي. ويشعر العديد من أعضاء مجلس الحكم بخيبة أمل من الإدارة الأمريكية. ويعتقد بعضهم أن المقترحات التي طرحها الأخضر الإبراهيمي في شأن تشكيل حكومة تكنوقراط، خلال المرحلة الانتقالية، يهدف منها إلى عزل الأطراف السياسية العراقية الرئيسية، التي شكل المجلس منها، وقد تعزل عن السلطة خلال هذه المرحلة، وهذا يعني بالنسبة إلى بعض أعضاء مجلس الحكم أن واشنطن اعتبرت بالفعل المجلس وأعضاءه يصلحون للاستخدام لمرة واحدة. قدس برس