ساد جو من الترقب وعمت أجواء مختلطة من الفرحة والحذر آلاف البيوت الفلسطينية مع الإعلان عن قرب تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي المتوقع بدء مرحلتها الأولى يوم الخميس القادم. وساهم غموض الصفقة وتفاصليها في ازدياد حالة الإرباك بين الفلسطينيين، مما جعل الآلاف منها يفقد الأمل في أن يكون أبناؤهم من ضمن المفرج عنهم. ومما عزز ذلك ما أوردته صحيفة معاريف العبرية ومفاده أن جميع الأسرى الذين سيفرج عنهم ممن تبقى لهم فترات وجيزة لا تتجاوز ثلاث سنوات. نريد جميع الأسرى ورغم ترحيب المواطن الفلسطيني العادي بهذه الصفقة إلا أن أمانيهم كانت أن يتم الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين والعربي في السجون الإسرائيلية والذين يزيد عددهم على 7500 أسير وأسيرة، أو ذوي الاحكام العالية على الأقل. وعن شعورها عند سماع نبأ إنهاء الصفقة قالت "أم فلسطين" زوجة الأسير أبو علي يطا إنها لن تكون متفائلة حتى تتم الصفقة على أرض الواقع. موضحة أن زوجها المحكوم بالسجن المؤبد والذي قضى في السجون الإسرائيلية 25 عاما لا يعلق آمالا كبيرة على الصفقات لأنه مر بثلاث صفقات دون أن يدرج اسمه مع المفرج عنهم. وأضافت: حتى لو أدرج اسمه بين الأسرى فلن أصدق حتى أراه بعيني على عتبة المنزل، و أرى القبلات تتدفق عليه من أبنائه الذين لا يعرفهم بعد غياب طويل. من جانبها قالت "أم همام النتشة" زوجة الأسير محمد جمال النتشة القيادي في حركة حماس إنها تتابع أولا بأول أية أخبار قد ترد حول الأسرى. وأضافت: نتابع كل وسائل الإعلام والإنترنت علنا نجد اسم زوجي بين المفرج عنهم، مع أننا لا نثق في الاحتلال وخططه ووعوده. طوارئ في السجون ورغم أن الأسرى من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية لم يبدوا تفاعلا كبيرا مع الإعلان عن الصفقة لتوقعاتهم لأنها لا تشملهم إلا أنهم يتابعون أخبارها لسماع أخبار الإفراج عن أقاربهم ذوي الأحكام العالية. وقال الأسير "مهند أبو مويس " المعتقل في سجن النقب الصحراوي إن حالة من الترقب تسود أجواء المعتقل، موضحا أن الأسرى الإداريون وهم المعتقلون دون تهمة ويقضون عدة شهور في السجن، لا يتوقعون الإفراج عنهم ويتمنون أن يتم الإفراج عن باقي السجناء. ويضيف: هناك عدد من الأسرى لهم أشقاء أو أصدقاء أو أعمام محكومون بالسجن لفترات طويلة، ويتمنون أن يسمح لهم بإكمال السجن عن أقاربهم. وأشار أبو مويس إلى أن الاعتقاد السائد بين الأسرى أن الصفقة لن تشمل إلا الحالات الخاصة من المصابين والمرضى والنساء وممن قضوا فترات حكم عالية. وأثنى أبو مويس على جهود منظمة حزب الله للإفراج عن الأسرى، مطالبا العالم الإسلامي والأمة العربية أن تضع قضيتهم على سلم الأولويات وأن تسعلا جاهدة لضمان الإفراج عنهم وعودتهم إلى عائلاتهم سالمين. السلطة ترحب من جانبها رحبت السلطة الفلسطينية بالإعلان عن انتهاء الصفقة بين حزب الله وإسرائيل. وقال هشام عبد الرزاق وزير شؤون الأسرى الفلسطيني ل"التجديد" إن السلطة الفلسطينية ترحب بالإفراج عن أسرى الحرية والمقاومة، نافيا أن تكون السلطة الفلسطينية على علم بطبيعة الصفقة وأسماء الأسرى المقرر الإفراج عنهم. وأضاف أن عملية الإفراج تدخل الفرحة إلى قلوب الفلسطينيين، مشيرا إلى أن أوضاع المعتقلين في السجون الإسرائيلية تزداد سوءا يوما بعد يوم. كما رحب نادي الأسير الفلسطيني بقرب إتمام الصفقة، لكنه أشار إلى أن الأسرى المتوقع الإفراج عنهم ليسوا إلا 400 من أصل أكثر من 7 آلاف أسير في السجون الإسرائيلية . وقال عيسى رئيس نادي الأسير الفلسطيني إن الأسرى وذويهم ينتظرون بفارغ الصبر إتمام الصفقة، مشيرا إلى أنهم يعيشون لحظات صعبة. وأضاف أن عدد الأسرى في السجون الإسرائيلية "يزيد على 7 آلاف أسير، بينهم 16 أسيرا قضوا في السجون الإسرائيلية أكثر من 20 عاما، و80 امرأة وعشرات المرضى". وأوضح قراقع أن صفقة الأسرى تدخل البهجة في قلوب آلاف الأسر، والحزن في آلاف أخرى من العائلات التي انتظرت أبناءها ولم تجدهم. خروقات متوقعة وأبدت منظمات حقوقية أيضا عن ترحيبها بالاتفاق، مؤكدة أن عملية تبادل الأسرى هي الطريقة الوحيدة التي نجحت في تحرير الأسرى الفلسطينيين. وقال "شعوان جبارين" رئيس وحدة البحث القانوني والتأثير بالسياسيات في مؤسسة الحق إن "إسرائيل لا تتعامل مع الأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب، وتتعامل معهم بمنطق الجنائيين، وهو ما يدفع الطرف الآخر لأن يبحث عن مداخل للإفراج عن مقاتلين أو مناضلين". وأضاف أن "الصفقات السابقة شهدت نجاحا جيدا" مشيرا إلى أن "الاتفاقيات السياسية مع الجانب الإسرائيلي لم تأت بشيء من هذا، لذلك يظل مدخل تبادل الأسرى هو الأنجع حتى الآن في التعاطي مع الإسرائيليين". وحذر جبارين من التحايل الإسرائيلي في هذه الصفقة، موضحا أن طإسرائيل خرقت اتفاقيات سابقة بإبعادها لعدد من الأسرى الذين حرروا في داخل الأراضي المحتلة إلى الخارج بعد الإفراج عنهم بعدة شهور، ومحاولاتها إيجاد آلية أخرى لاعتقال البعض منهم في السجن الإداري دون تهمة. وعن توقعه لمدى التزام حكومة الاحتلال بتعهداتها في هذه الصفقة قال: أتوقع أن تلجأ حكومة الاحتلال إلى الزج ببعض المفرج عنهم لاحقا في الاعتقال الإداري، أو توقيعهم على تعهدات بأن يتركوا المقاومة أو يعادوا لقضاء فترة الحبس الأصلية كما جرى سابقا مع المعتقلين الذين أفرج عنهم بعد اتفاق أوسلو البعض كانت هذه شروط لهم وأعيدوا للسجن. وشدد شعوان على أن الأسرى يتعرضون لانتهاكات كبيرة في السجون الإسرائيلية بينها الانتهاكات نقلهم إلى خارج الأرض المحتلة والتعذيب الشديد والمنع من الزيارات وغيرها. فلسطين – عوض الرجوب