نداء الى الامة صادر عن الامانة العامة للمؤتمر القومي العربي في ضوء مجازر الاحتلال في فلسطين والعراق والضغوط والتدخلات ضد لبنان وسوريا والسودان ............ ان التطورات الدموية المقلقة التي تشهدها فلسطين على يد المحتل الصهيوني المدعوم امريكيا، والتي يشهدها العراق على يد المحتل الامريكي المسيّر صهيونيا، تستدعي وقفة جادة من كل القوى الحيّة في الامة بهدف فهم الابعاد الحقيقية لما يجري من جهة، وبهدف رسم ملامح الرد المطلوب هلى هذه الجرائم من جهة ثانية . ان اول ما ينبغي ادراكه هو ان التزامن بين الهجومين الصهيوني في شمال غزة، والامريكي في سامراء والفلوجة ومدينة الصدر، ليس مصادفة، تماما كما تزامن الهجومين مع اشتداد وتيرة الضغوط والتدخلات الخارجية ضد لبنان وسوريا والسودان، فيما يمكن وصفه بهجوم استراتيجي كبير يحاول انقاذ ادارة بوش في الانتخابات الرئاسية القادمة، وحكومة شارون التي وصل بها المأزق الى درجة تحذير رئيسها من احتمالات نشوب حرب اهلية داخل الكيان الصهيوني. واذا كان الهجومان يتخذان هذا الطابع الدموي العنيف الذي يمكن اعتباره بمثابة حرب تطهير في فلسطين، وحرب ابادة جماعية في العراق، فانهما بعنفهما المتزايد يكشفان ايضا حجم الارتباك المسيطر على حكومة تل ابيب وادارة البيت الابيض، بعد ان سقطت وعود شارون بانهاء الانتفاضة خلال مئة يوم فاذ بها تدخل عامها الخامس، وبعد ان تكشفت اكاذيب بوش في تبرير حربه على العراق واتضح فشل ادارته في الايفاء بوعود الديمقراطية والاستقرار والامن التي اغدقها على العراق. ان ادراك هذه الحقائق، رغم الحجم الكبير في الخسائر البشرية والمادية، يبدو امراً بالغ الضرورة في لحظة تقدير الموقف واتخاذ الاجراءات، فما يجري في فلسطين والعراق ليس بقايا اعتراض يتراجع، بل هو طليعة مقاومة حقيقية ستترك آثارها على المعادلات الاقليمية والدولية . الامر الثاني الذي ينبغي التأكيد عليه في هذا الصدد، هو ان هذه الاستباحة الصهيونية والامريكية ما كان لها ان تتم على هذا النحو من الوحشية والاستمرارية والاستهانة بكل الشرائع والمواثيق والقرارات والحقوق، لولا انها تتم في ظل موقف رسمي عربي تجاوز، على وجه الاجمال، دور المتفرج الصامت على ما يجري في فلسطين والعراق، وما يحاك للبنان وسوريا والسودان، الى دور الشريك المتواطئ في هذه الجرائم تحت ذرائع شتى ومبررات لا تنتهي . ان هذا الموقف الرسمي العربي قد شجع بالمقابل على قيام " بيئة دولية " مؤاتية لهذا العدوان المزدوج، اما عبر الصمت على جرائمه ( مجلس الامن لا ينعقد من اجل بحث مواجهة شلالات الدم المنهمرة في فلسطين والعراق، بينما نراه يهرع الى الالتئام والتصويت على قرارات موجهة ضد دول عربية كسوريا ولبنان " 1559 " والسودان " 1563 " )، ان هذا الموقف الرسمي العربي المتواطئ اجمالاً مع الاحتلال الاسرائيلي في فلسطين، ومع الحرب العدوانية في العراق، قد احرج دولاً كبرى حاولت ان تميّز مواقفها عن الموقف الامريكي والصهيوني، فوجدت في الموقف الرسمي العربي خذلاناً لها وارباكاً، فكيّفت مصالحها ( رغم ما فيها من تناقض مع المصالح الامريكية )، وعدّلت مواقفها، وتحولت احيانا، كما حال الموقف الفرنسي في القرار 1559، الى رأس حربة للضغوط الامريكية والصهيونية . ولو اقتصر التخاذل على الموقف الرسمي العربي لهان الامر، ولكنه امتدّ ايضا ليشمل مواقف الحركة الشعبية العربية، باحزابها ونقاباتها ومنابرها ومؤسسات مجتمعها المدني، فباتت، ما عدا قلة نادرة من قواها الحيّة، غائبة كما الانظمة، وصامتة كما الواقع الرسمي، ازاء ما يجري . واذا كان التفسير الاسهل لهذا الجمود والقعود يكمن في الحديث عن قمع الانظمة وقهر الحكام، لكن التفسير الاصح والاسلم هو الذي يسعى ايضا الى اكتشاف الثغرات الذاتية في بنى هذه القوى وعلاقاتها وحجم استقلالها عن الواقع الرسمي وسبل تمويلها، والاختراقات الاجنبية المتنامية لكثير من مؤسسات المجتمع المدني ومنابر الاعلام والثقافة بحيث تجهد نفسها لاعادة ترتيب الاولويات، ولايقاع هذه المؤسسات في ازدواجية المعايير، فنراها تحاول ان تقايض هدفاً غالياً من اهداف الامة بهدف آخر، ونراها تصب كل جهودها على مسألة فرعية بذريعة احترام حقوق الانسان بينما تصمت، صمت القبور، عن مجازر جماعية ضخمة لأن الحديث عنها يعّرض للخطر مصادر التمويل الاجنبي والارتباط الخارجي . ازاء هذا كله فاننا نأمل في الوقوف امام كل ما يجري مسلحين بامرين رئيسيين : الاول ثقتنا بقدرة شعبنا في فلسطين والعراق على الخروج من هذه المحنة، كما خرج من محنات مماثلة، اشد صلابة واصلب عزيمة واقرب الى النصر، ذلك ان حجم الانهيارات في صفوف القوى المعادية يفوق كثيراً حجم التضحيات الكبرى في صفوف شعبنا، " إن يَمسسّكُم قرحٌ فقد مَسّ القوم قَرحٌ مثلُهُ وتلك الايام نُدَاولُهَا بين الناس " (ص) الثاني هو الانطلاق في حركة جريئة لاستنهاض قوى شعبنا، تبدأ من اعلان الموقف السليم لتصل الى احداث التغيير في الموقف الرسمي العربي والدولي وما بينهما من تحركات ونضالات وضغوط شعبية على غير مستوى . وفي هذا الاطار فاننا ندعو الى : 1. القيام بتحركات شعبية تضامنية مع فلسطين والعراق في ضوء المجازر الراهنة، تشكل مهما بدت محدودة خطوة في عملية تراكمية متصاعدة، والحرص على اعلام اكبر قدر من ابناء امتنا، لا سيّما في العراق وفلسطين، بهذه التحركات . 2. السعي لتوحيد الصفوف والجهود في كل الساحات العربية والاسلامية والعالمية حول قضيتي فلسطين والعراق، والحرص على اخراج هاتين القضيتين من التماس مع اية قضايا خلافية اخرى ( عقائدية، فكرية، سياسية، محلية، تنافسية ). 3. الربط الدقيق بين ما نشهده من مجازر في فلسطين والعراق، وما تواجهه من ضغوط ساحات اخرى كلبنان وسوريا والسودان، دون اغفال الاشارة المستمرة الى ضرورة تصحيح المسارات الداخلية على قواعد الانفتاح السياسي والانفراج الديمقراطي ومكافحة الفساد من اجل تحصين المجتمعات والدول بوجه المخططات الخارجية . 4. تحرك النقابات والاتحادات على مستوى قواعدها من جهة، كما على مستوى النقابات والاتحادات المماثلة لها على الصعيد العربي والدولي من اجل التنسيق في تحركات ضاغطة على المستوى العربي والدولي لوقف هذه المجازر والضغوط والتدخلات . 5. دعوة كل مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان المحلية الى اعلان مواقف واجراء اتصالات مع المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية، وفضح كل مؤسسة او منظمة لا تقوم بواجبها في هذا المجال وصولا الى كشف ارتباطاتها . 6. تجديد الحملات الشعبية لمقاطعة الكيان الصهيوني والدول والشركات الداعمة له، وفي مقدمها الشركات والمؤسسات الامريكية على انواعها . فلقد اثبتت حملات سابقة نجاحاً وفعالية، والمهم اليوم الاستمرار لكي تأتي النتائج الايجابية مضاعفة . 7. الضغط على الحكومات العربية لقطع كل علاقة سياسية او ديبلوماسية او تجارية او ثقافية مع الكيان الصهيوني والعمل على تفعيل قوانين المقاطعة العربية ومكاتبها ومؤسساتها والعمل بموجبها . 8. الضغط على الحكومات العربية لاتخاذ اجراءات تعبر عن سخط الامة من الجرائم الامريكية والبريطانية التي ترتكب في العراق، لا سيّما لجهة تجميد صفقات كبرى معها، أو كتخفيض مستوى التمثيل الديبلوماسي معها . 9. تجميد علاقات الحكومات العربية مع الحكومة العراقية المؤقته باعتبارها تشكل " غطاءً عراقياً " للجرائم الامريكية، علماً ان الاعتراف بهذه الحكومة والتعامل معها يشكل مخالفة صريحة لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك وكل المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية ذات الصلة، بالاضافة الى ما ينطوي عليه هذا الاعتراف والتعامل من تحدٍ لارادة الشعب العراقي الذي أعلن بأكثرية قواه الحيّة موقفه من هذه الحكومة . 10. دعوة الدول العربية والاسلامية المنتجة للنفط الى تخصيص نسبة مئوية ضئيلة من الارتفاع الكبير في مداخيلها النفطية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني، ولاغاثة الشعب العراقي، ولمساعدة الشعب اللبناني في مواجهة اثار الحرب والضغوط المستمرة عليه، ولتمكين الحكومة السودانية من معالجة الاوضاع الانسانية البائسة التي يواجهها السودان في جنوب البلاد وشرقها وغربها لا سيّما في دارفور . 11. التأكيد المتواصل على حق الامة في مقاومة المحتل، وعلى التمييز بين الارهاب المرفوض في عقائدنا وتقاليدنا وتراثنا، وبين المقاومة المفروضة وطنياً وقومياً وشرعياً على اية امة تواجه احتلالاً لاراض تابعة له او محاولة للهيمنة على ارادتها ومقدراتها، والسعي الى احتضان المقاومة في فلسطين والعراق ولبنان كتعبير سليم عن ارادة الامة في الحياة الحرة الكريمة . 12. البدء بالتحضير منذ الآن " لليوم العربي لنصرة العراق " الذي دعت اليه " الهيئة العربية لنصرة العراق " يوم الجمعة في 22 تشرين الاول/اوكتوبر القادم، واعداد البرامج الكفيلة بانجاحه كتعبير عن التفاف الامة حول مقاومتها في العراق. التاريخ : 4/10/2004