طيلة شهر رمضان نحاور رؤساء المجالس العلمية المحلية لتقدم أنشطتها ومجالات اشتغالها وبرامجها في التأطير الديني والاجتماعي في دائة نفوذها الترابي. في هذه الحلقة نحاور عبد الحي عمور رئيس المجلس العلمي لفاس. هل هناك برامج موجهة لساكنة الأحياء المهمشة وساكنة المناطق القروية؟ يعد المجلس العلمي في كل سنة مشروع برنامج للنشاط الثقافي والديني والاجتماعي والتعليمي يصدر في كتيب خاص نحاول جهد المستطاع أن نسير على أضوائه، فمثلا ننظم ندوات ولقاءات تعليمية تكوينية لجميع القيمين الدينيين من أئمة وخطباء ووعاظ في محاولة لتطوير أعمالهم وأدائهم على المستوى المعرفي والمنهجي، فنحاول استدعاء بعض المتخصصين في مناهج التعليم والتربية لنقدم لهؤلاء القيمين الدينين المناهج التي عليهم أن يعتمدوها ليكون تأثيرهم أكبر في السامعين. ولدينا شراكة مع الأكاديمية ومندوبية التربية والتكوين، وبناء عليها نقدم دروسا ولقاءات ومسابقات في المؤسسات التعليمية في مختلف الثانويات والإعداديات، نحاول من خلالها معالجة بعض الظواهر التي تشتكي منها الناشئة المغربية، وذلك بعد أن نكون قد عقدنا لقاءات مع بعض مديري المدارس والأساتذة لتحديد الموضوعات ذات الأولوية، كما نضع برامج وأنشطة في الأندية ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة وفي السجون، وهذه كلها فضاءات نشتغل بها حسب الحاجة وحسب ما يتطلبه الواقع. ولهذا قلت من قبل أن مهام المجالس العلمية تعددت وتنوعت وأصبحت هيكلتها العلمية تحتاج إلى مزيد من العناصر الكفأة المتخصصة لتغطية احتياجات الناس، إذ أن عامتهم وخاصتهم يطلبون حقهم في الثقافة الإسلامية التي لها تأثير في حياتهم، وفي هذا الصدد لاحظنا من خلال الوافدين على برنامج الإرشاد والإفتاء في المجلس ارتفاع حالات الطلاق والخصومات بين الأزواج، فقررنا تنظيم دورات تكوينية للمقبلين على الزواج نستدعي لها خبراء من خارج المغرب ومن داخله، ودورة هذا العام استمرت ستة أيام خصصنا كل يوم لجانب من جوانب الحياة الزوجية الشرعي والقانوني والطبي والاجتماعي والتواصلي. ومن الأمور التي نقوم بها تحفيظ القرآن في المساجد وفتح كتاتيب قرآنية وإجراء مسابقات قرآنية للنساء بعد أن لاحظنا أن النساء يقبلن بكثرة على حفظ القرآن الكريم ما جعلنا نبحث عن العناصر التي تتوفر على تزكية في حفظ القرآن الكريم من النساء لتغطية الاحتياجات في هذا المجال وشعارنا في هذا الأمر سواء تعلق الأمر بالنسبة للرجال والنساء والأطفال أننا لا نكتفي بالتحفيظ فقط بل نؤكد على على التعامل مع القرآن الكريم كما كان السلف الصالح يتعامل معه، فإلى جانب التلاوة التعبدية هناك الفهم والتدبر والعمل ورحم الله الإمام الحسن البصري الذي قال: نزل القرآن ليعملوا به فاتخذوا من تلاوته عملا، لذلك نجتهد في المجلس العلمي لفاس حتى لا يبقى التعامل مع القرآن الكريم محصورا في التلاوة المجردة والمجودة بل ينبغي أن يكون مصحوبا بنوع من الفعل والتأمل والعمل. هل هناك خصوصية في برمجة رمضان؟ في إطار الاستعداد لبرنامج رمضان، نتلقى أولا مجموعة من الرغبات والطلبات التي تأتي من مجموعة من الجمعيات والمنظمات والهيئات التي تريد تنظيم أنشطة ثقافية بتنسيق مع المجلس، ثم نعد برنامجنا الرمضاني الذي نحاول أن يستفيد منه الجميع. وفي هذا الصدد، نعقد كل جمعة من رمضان ندوة للنساء بالمجلس العلمي بعد صلاة الظهر وندوة للرجال بعد صلاة التراويح، ونوصي خطباء المساجد بعد صلاة الجمعة أن يخصصوا وقتا للاستماع لأسئلة الناس والإجابة عليها، هذا إضافة إلى الإنشاد الديني وإلى المبادرة التي يقوم بها علماء القرويين وخريجوها الجدد الذين ينظمون حلقات دراسية وعظية في مختلف مساجد فاس. ولدينا أنشطة في عدد من الفضاءات مثل السجون والأندية النسوية وغيرها، إذ نحاول أن نكثف النشاط الديني في رمضان لأن الناس يقبلون في هذا الشهر الكريم بكثرة على الشأن الديني. لكن ما أريد أن أؤكد عليه هنا للناس، أن القضية الدينية ليست قضية موسمية بل هي قضية حياة، وليس لها زمان ولا مكان مخصص، فرمضان مرحلة من مراحل التدين وإن كان يمتاز بروحانية ونفحات إلا أن التدين ينبغي أن يستمر في حياة المسلم دائما، وهذا نؤكد عليه دائما لأن العبادة في الإسلام ليست محدودة بتاريخ ولا بزمان ولا بمكان.