كانت الفجوة بين الآباء والأبناء هي موضوع الحلقة ما قبل الأخيرة من برنامج لف وارجع ثاني في قناة إقرأ الفضائية، وقد شارك في هذه الحلقة بعض الآباء والأبناء إضافة إلى المتخصصين في شؤون الأسرة كما استقبلت معدة البرنامج دعاء فاروق مجموعة من المكالمات على الهاتف. ورأى أحد ضيوف البرنامج أن الصراع بين الآباء وجيل الأبناء الذين يحملون تفكيرا مختلفا هو في حقيقته صراع بين نوعين من الفكر يؤدي إلى تقدم الفكر ذاته، وبالتالي تكون النتيجة هي ولادة ثقافة جديدة، وهي عبارة عن مزيج بين فكر الآباء وفكر الأبناء. وأضاف الأستاذ المتخصص في شؤون الأسرة أنه إذا كان الصراع صحيا فسيفيد في تقدم الفكر، ثم طرح السؤال : فهل هو كذلك، في واقعنا، هذه هي الفجوة؟!. وأضاف المتحدث أن الأسرة كان لها التأثير الأساس في جيل الآباء، كما كانت الوسائط التربوية كلها تدفع في هذا الاتجاه مسترسلا: فما يسمعه في البيت يسمع مثله في الجامع وفي الشارع وفي المدرسة ومن المذياع، وبذلك تتعاظم نسبة إسهام البيت في تربية الابن، لينتقل إلى أن البيت فقد تأثيره اليوم فما يسمعه الابن في البيت يسمع غيره في الشارع وفي المسجد والمدرسة بالإضافة إلى وسائل الإعلام، وهكذا ينكمش دور الأسرة إلى الحد الأدنى، محملا المسؤولية لوسائل الإعلام التي لها دور في خلق الفجوة بين الأبناء والآباء بسيطرتها على أذهان الشباب . وأكدت المستشارة الاجتماعية في شبكة إسلام أون لاين أن الأذواق قد تغيرت بحكم الزمن، فالتفوق الدراسي لم يعد قيمة في زماننا، وكذلك العمل الحكومي، فالشاب اليوم يشعر بالتغيير وبأن والديه لم يستوعبوا ذلك مشيرة إلى أن السبب الرئيس في الفجوة هو أزمة الثقة فالابن، في نظر الأستاذة، يريد أن يشعر بالتقدير والاحترام من والديه كما هو لأن الابن يفقد ثقته بنفسه لعدم اكتساب هذه الثقة من الآباء، فيأخذ ثقته بنفسه من أصحابه وزملائه ومن الطرف الآخر على شبكة الأنترنت عبر الدردشة، وتابعت أن الأب والأم يريدان من الابن أن يكون صورة منهما. وبعد أن عرضت مقدمة البرنامج مجموعة من الشهادات التي أدلى بها الشباب الحاضر في الاستديو حيث تحدثت إحداهن عن أن والديها يعرفون كل صديقاتها وأهاليهن، وقالت أخرى إن المشاكل المادية تساهم في توسيع الفجوة، مع تركيز الآباء على السلبيات والتغاضي عن الإيجابيات، ورفض شاب تدخلات والديه قائلا لا أريد أن يتدخل الآباء في كل شيء وأريد أن أتعلم من الخطأ وهناك حدود للنصائح ، أعطيت الفرصة للمتخصصين الاجتماعيين الذين قدموا البرهان على أنه ليس هناك مشكلة بين اثنين والطرف الواحد هو السبب فيها، مؤكدين أنه لابد أن يكون السبب بين الطرفين بنسب معينة، فكلا الطرفين لهما نسبة في إقامة هذه الفجوة واتساعها، وفسروا ذلك بأن الخبرة والسن والمعلومات التي يتوفر عليها الآباء أعطتهم ثقة في قراراتهم، ولذلك يريد الأب أن يقنع الابن بما يراه صوابا، إلا أنه يخطئ الطريقة أحيانا. وبالمقابل فالابن هو الآخر واثق في معلوماته الجديدة حسب مرحلة نموه فلا يقبل نصائح والديه البالية!. مشيرين إلى ضرورة التحلي بحسن الاستماع من أجل الحفاظ على التواصل، ومحذرين من الضغط والإكراه الذي يقطع العلاقة، واتفقوا على أن ثقافة الحوار داخل الأسرة هي الحل. إلا أن كيفية إدارة الحوار-كما أشار أحد المتصلين بالبرنامج - هي التي تحدد نجاح هذا الحوار أو فشله، فغياب التحدث بطريقة لائقة مع الآباء هو سبب الأزمة الرئيس، كما أن طريقة رد الابن على سؤال أبيه حول تأخره-مثلا- هي التي ستدير الحوار فيما بعد، مسترسلا إن المراهق يشعر بأنه الوحيد الذي يعرف الأنترنت وأن كمية المعلومات لديه تفوق التي عند والديه، في ما يبدو ردا مباشرا على أحد الشباب الذي قال إن كمية المعلومات التي عند أبناء جيله تفوق التي عند الوالدين وذلك في معرض حديثه عن أسباب الفجوة. كما أشارت إحدى المتدخلات إلى أنه من البر بالوالدين ردم الهوة وإلغاء الفجوة بين الجيلين، داعية إلى اعتماد نظرية الثواب والعقاب وتقديم النموذج السلبي والإيجابي لأخذ العبرة. وانتقد الضيوف أسلوب التلقين الذي لا يعَلّم الأب الجديد كيف يصبح أبا، ولايجيب الفتيات عن كيف يصبحن أمهات، وأرجعت إحدى المتصلات أسباب الفجوة إلى الابتعاد عن الدين. وإذا تعَرّف كل منا على حقوقه وواجباته وأداها بانسجام تام مع دينه الحنيف، مع حرصه على الوصول إلى درجة الإحسان إرضاء للرحمن، فلن يدخل بين الجيلين وسواس من الناس، كما لن يفسد جو الأسرة الربانية السعيدة وخز من شيطان. إسماعيل العلوي