خلال أسبوع واحد ترك ثلاثة أعضاء بارزين في حركة التوحيد والإصلاح مناصبهم الحكومية بطلب منهم. أولهم الأستاذ عبد الرحيم الشيخي رئيس الحركة، الذي كان مستشارا لدى رئيس الحكومة، وكان قبل ذلك إطارا مسؤولا بوزارة المالية. لكنه ترك منصبه وترك الوظيفة العمومية بصفة نهائية، وترك الآفاق الوظيفية الحبلى بمغرياتها وآفاقها التي كانت تتفتح بين يديه حينا بعد حين، ترك ذلك كله ليتفرغ لعمله التطوعي في قيادة الحركة. وهذه سابقة لا أعلم لها مثيلا، وإذا وجدنا لها مثيلا فسيكون ذلك على سبيل الندرة. لقد كان بإمكان الشيخي أن يفعل ما يفعله الكثيرون، فيجمع بين المنصبين ويبتغي ثالثا ورابعا، ولكنه اختار – وبتأييد من المكتب التنفيذي للحركة – أن يترك وظيفته حتى لا يخل بواجباتها أو يفرِّط في أمانتها، وأن يتفرغ بالكامل لحركته حتى لا يقصر في متطلبات رئاستها وقيادتها. وأما العضوان الآخران، فهما الوزيران السابقان: الأستاذة سمية بنخلدون والأستاذ الحبيب الشوباني. وقد استعفيا من منصبيهما لا لشيء إلا ليضعا حدا للحملة القذرة التي استهدفتهما وولغت في عرضيهما لعدة أشهر. ولقد كان أبطال النبش والنهش والغيبة والنميمة، يتعللون — تدليسا وتلبيسا — بأن الأمر يتعلق بمسؤولَين عموميين ومصلحة عامة، مع أن هذين المسؤولين دخلا إلى المنصب وغادراه بكامل الأهلية والكفاءة والنزاهة وبراءة الذمة. فهنيئا للإخوة الثلاثة بحفظهم وأدائهم للأمانة العامة إلى منتهاها، ثم هنيئا لهم بانعتاقهم من أعبائها وتبعاتها. فهذه ثلاثة تهانئَ مستحقة. وأما التهنئة المستحقة الرابعة، فهي لحركة التوحيد والإصلاح؛ هنيئا لها بكونها خرَّجت هؤلاء وأمثالهم من رجالها ونسائها. وهنيئا لها لأن استفادتها منهم بعد تحررهم من مناصبهم ستكون أكبر وأجود إن شاء الله تعالى وبتوفيقه.