أكد أساتذة جامعيون ودبلوماسيون سابقون في ندوة نظمتها مؤسسة علال الفاسي يوم الجمعة 8 ماي 2015، بالرباط، حول "العلاقات المغربية والإفريقية: شراكة من أجل المستقبل"، على أن المقاربة الاستراتيجية في العلاقات الدولية فات أوانها ويجب إعادة النظر فيها، داعين إلى بناءها وفق منطق استشرافي يشتغل على المدى البعيد ما بين 30 و50 سنة. وحسب الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، فإن تقوية العلاقات مع الدول الإفريقية، تبدأ بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية داخلية وتقوية الانتقال الديمقراطي الذي قال إنه يتعرض لاختناقات كثيرة تعطي الانطباع أن هناك تراجعا، مشيرا إلى أن سلوك بعض النخب السياسية لا يجعلنا نقدم النموذج المنشود للدول الإفريقية. وحذر بوقنطار من تأخر المغرب في توسيع دائرة علاقاته مع دول إفريقيا خصوصا وأنه يواجه منافسين كثر، في مقدمتهم الدول الاستعمارية الأوروبية خصوصا فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والبرتغال، بالإضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، ثم بعض الدول الصاعدة كالهند والصين والبرازيل، فضلا عن الجزائر التي تسعى لتفكيك عودة المغرب لعمقه الإفريقي. أما الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية، فيرى أن رهانات المغرب في إفريقيا تتمثل أولا في عودة تسجيل حضوره في منظمة الاتحاد الإفريقي رغم كل المؤاخذات على القرارات الصادرة عن مفوضيته التي تسيطر عليها جنوب إفريقيا، واقترح في هذا الصدد الشروع في تأسيس أصدقاء المغرب في الاتحاد الإفريقي لتغطية الفراغ المهول في هذه الجبهة. والرهان الثاني يردف المتحدث يتمثل في إعادة المغرب موقعه في تجمع دول منطقة الساحل والصحراء ومواصلة جهوده وخطواته المدروسة لتسلّم قيادة التجمّع الذي يضم حوالي 28 دولة، والثالث يتمثل في فتح أبواب التواصل مع دول شرق وجنوب القارة والتي بدأت تشهد بروز توجهات سياسية قوية داخل الأحزاب الحاكمة أو المرشحة لتولي الحكم في الأعوام القادمة، تميل إلى ربط العلاقة مع المغرب ولديها استعداد لتعديل موقفها بشأن قضية الصحراء، كما هو الحال في جنوب إفريقيا وأنغولا والموزنبيق. وأكد العجلاوي أن سياسة المقعد الفارغ لن تؤدي إلى تحصيل أي شيء، داعيا إلى تقوية الحضور الدبلوماسي في الدول الإفريقية الشرقية والجنوبية والذي يعرف خصاصا كبيرا حسب قوله حيث لا يتجاوز تمثيليتين، بالموازاة مع ذلك دعا الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني للاهتمام بصورة المغرب، فيما دعا المقاولات الصغرى والمتوسطة لتقوية حضورها بالدول الإفريقية والتركيز على الاقتصاد الاجتماعي الذي يلمس حاجات المواطنين الأفارقة كالسكن وتوفير الماء. وعلى ذات المنوال سارت مداخلة خالد الشكراوي، أستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية، الذي شدد بدوره على ضرورة اعتماد مقاربة استشرافية تأخذ بعين الاعتبار مدى 50 سنة مقبلة، واقترح في هذا الصدد اختبار النموذج التركي والقيام بعمل من نوع الدراسات الاستشرافية قبل اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية، ودعا إلى الأخذ بعين الاعتبار تغير المعطيات في الدول الإفريقية بسبب تغير البنية الفكرية والمطالب والأجندات التي يجب على المغرب احترامها، حسب الشكراوي. ودعا المتحدث إلى إعادة بناء صورة المغرب في إفريقيا والتي ضاعت عندما ترك الاتحاد الإفريقي، وأول خطوة في هذا الصدد يقول الشكراوي، تقوية التمثيلية الدبلوماسية فمثلا في العاصمة المالية باماكو يوجد فقط خمسة موظفين في السفارة المغربية، بينما يوجد 55 موظف في السفارة الجزائرية، بالإضافة إلى انخراط الفاعلين الاقتصاديين والأحزاب السياسية والفاعل الاستعلاماتي والاستخباراتي.