أصبح العرب والمسلمون ملطشة؛ هذا الزمان. وان شئت ان تستخدم الوصف الفصيح فهو ملطسة؛ حيث اللطس في معاجمنا هو اللطم. ولكثرة ما تعرضنا لذلك اللطم من كل صوب، فلعلي لا أبالغ اذا قلت اننا نعيش عصر استباحة الامة، على نحو لم يعرف تاريخها الممتد، حتى في أوج الهيمنة الاستعمارية، فالاستعمار مارسته دول كبرى، جاءت بجيوشها واستهدفت ثروات بلاد بذاتها. اما في زمن الاستباحة فقد أصبحنا نتلقى اللطمات من كل من هب ودب، ونقهر بلا جيوش، ونهان بلا استثناء. ثم انه في ظل الاستعمار استنفرت الشعوب وهبت تناضل من أجل التحرير، اما في زماننا فقد تراجعت الهمة وحل الفتور، وصرنا عاجزين عن اي تحريك! (1) شخصيا، استشعرت اثر اللطمة صبيحة الاربعاء الماضي 23/10، وهي لم تكن لطمة واحدة، وانما اثنتان. فقد وقعت يومذاك على خبرين في صحف الصباح، ما ان قرأتهما حتى اصابني الوجع، الذي استحضر في ذهني نموذج الملطشة وفكرة الاستباحة. في الخبر الأول ان الحكومة الامريكية قررت تجميد 12 مؤسسة وطنية سودانية عقابا لحكومة الخرطوم على موقفها من مباحثات السلام بالجنوب. اما قائمة المؤسسات المعنية فقد كانت مذهلة حقا، اذا ضمت مؤسسات حيوية مثل هيئة الاذاعة والتلفزيون وشركة السجائر الوطنية، ومؤسسات الكهرباء والبريد والبرق، والبترول والسكر، وشركتا الشاي والمناطق والاسواق الحرة. وهو ما يعني ان القرار الامريكي استهدف توجيه ضربة قاضية وقاصمة للاقتصاد السوداني يراد لها ان تصيبه بالانهيار والشلل. وليت الدافع الى ذلك درء خطر هددت به السودان أمن الولايات المتحدة او مصالح شعبها، الامر الذي قد يسوغ اعلان حرب اقتصادية عليها من ذلك القبيل، ولكن المدهش في الامر ان واشنطن لجأت الى تلك الخطوة لتركيع حكومة الخرطوم واجبارها على الامتثال لشروط قيادة التمرد الجنوبي، بناء على قانون غريب اصدره الكونجرس باسم +سلام السودان؛ ينص على فرض عقوبات على الحكومة السودانية اذا لم تحرز تقدما في عملية السلام مع المتمردين، ويلوح في الوقت ذاته بتقديم المسؤولين الى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب. حين يفيق المرء من الذهول ويتأكد من ان ما وقعت عليه عيناه حقيقة وليس وهما، فان اسئلة عديدة تلح عليه، منها على سبيل المثال: ما شأن واشنطن بصراع داخلي في السودان عمره حوالي عشرين عاما؟ ولماذا التركيز على السودان بالذات دون سائر الدول التي تحفل بالصراعات في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية؟ ثم من نصب الولايات المتحدة قاضيا في الموضوع؟ وهل اصبحت واشنطن مقرا لحكومة عالمية قررت من جانبها ان تتعامل مع شعوبنا بحسبانهم رعايا، يؤمرون، فلا يملكون الا الامتثال والطاعة، والا حلت عليهم اللعنة وتعرضوا للعقاب؟ ثم كيف واتت اعضاء الكونجرس تلك الجرأة التي تصل الى حد الصفاقة، لكي يصدروا قانونا يقرر معاقبة حكومة الخرطوم اذا لم تحرز تقدما في عملية السلام، في حين يعفى الطرف الآخر من اي عقاب او عتاب اذا ما عوق التقدم في العملية ذاتها، وفرض شروطا يتعذر على اي دولة تحترم نفسها ان تقبلها؟ وكيف يمكن ان نفسر لجوء واشنطن الى معاقبة حكومة السودان على ذلك النحو، في حين تقدم في الوقت ذاته مائة مليون دولار على ثلاث سنوات مساعدة منها ودعما لحركة التمرد الجنوبي؟ وحتى اذا ذهبنا بعيدا وقبلنا بالولايات المتحدة قاضيا في الموضوع، الا يجرح هذا التصرف الاخير نزاهة القاضي وعدالته، ويكون سببا كافيا لتنحيته عن نظر القضية؟! واذ اجترأ الكونجرس على السودان بهذه الصورة الفجة، فما الذي يمنع من تكرار التطاول وانزال العقاب بأي دولة عربية او اسلامية اخرى، اذا تصرفت على نحو لا يلقى هوى واشنطن؟ ثم، ألا يذكرك ذلك بموقف الولايات المتحدة ازاء القضية الفلسطينية، حيث دأبت على تحميل الفلسطينيين كامل المسؤولية عن كل تعثر في عملية السلام، في حين أعفت اسرائيل من اية مسؤولية عن تبديد الامل في السلام، رغم ما يحفل به سجلها من جرائم ترتكب بصفة يومية، ومطامع لا تقف عند حد. (2) في الخبر الثاني ان الاتحاد الاوروبي هدد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفان بوقف التعامل معه، اذا فشلت حكومته الجديدة في الحصول على ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني. ووقف التعامل مع الرجل لا يعني قطع الاتصال السياسي فحسب، وانما يعني ايضا وقف المساعدات المالية التي تقرر منحها للسلطة الفلسطينية لاغرائها بالانخراط في عملية السلام. ومعروف ان اسرائيل ومعها الولايات المتحدة يتبنيان الدعوة الى اقصاء الرئيس عرفات، واعادة بناء السلطة الفلسطينية من جديد. وبطبيعة الحال فان المطلب لم يقدم غيرة على الديمقراطية ولا حرصا على صدق تمثيل الشعب الفلسطيني ولا سعيا لقطع دابر الفساد المالي والسياسي الذي اتهمت به بعض عناصر السلطة. ولكن المراد به شيء واحد هو ان تحل محل عرفات قيادة جديدة وفريق آخر ترضى عنه اسرائيل والولايات المتحدة. علما بان عرفات قدم لهم اقصى +مرونة؛ ممكنة وتنازل لهم عن الكثير، لكن ذلك كله لم يكن كافيا، لانهم لا يريدون قيادة +متجاوبة؛ بنسبة 70 أو 80% ، انما يريدون استعدادا للتنازل يصل الى مائة في المائة! انهم لا يريدون قائدا لديه بعض الكرامة وعلى وعي بالخطوط الحمراء في الملف الفلسطيني، ولكنهم يريدونه راكعا، ومستعدا لكسر الخطوط الحمراء. كنا نقول ان لاوروبا موقفا متميزا عن الولايات المتحدة، وانها اقل انصياعا للادارة الاسرائيلية، واكثر اعتدالا في موقفها من العرب والفلسطينيين. ولكن يبدو ان ذلك كله يتراجع الآن، حيث الظاهر ان حالة الرخاوة المخيمة على العالم العربي اغرت الاوروبيين بالانضمام الى طابور +لطس؛ العرب والمسلمين، ومن ثم مارسوا الاستقواء بحق الفلسطينيين، فأظهروا لهم العين الحمراء، وهددوا بوقف التعامل مع عرفات على النحو الذي رأيت. كأن اعلام الديمقراطية رفرفت على كل دول المنطقة ومختلف ارجاء الكرة الارضية، ولم تبق الا فلسطين التي يراد لها الا تختلف عن الركب، حتى لا تصبح بقعة سوداء في النسيج العالمي ناصع البياض! رسالة الخبرين واحدة. فحكومة السودان يجب ان تستجيب لشروط قيادة التمرد الجنوبي، والقيادة الفلسطينية يجب ان تنصاع للمطالب الاسرائيلية، وفي الحالتين فينبغي ان يدرك الجميع انهم ليسوا احرارا في تحري المصالح، ولكن هناك اوصياء منتدبون لرعاية حسن السير والسلوك في المنطقة، وبيدهم الكثير الذي يفعلونه لإجبار حكوماتها للالتزام بحدود +الأدب المطلوب؛ ولذلك فان من مصلحة تلك الحكومات ان تتجاوب بالحسنى مع ما يريده الاوصياء، اما من يتقاعس عن ذلك فهناك من سيتولى +تأديبه؛ على النحو الذي تقدم! (3) لم اتحدث عن استقواء الاسرائيليين على الفلسطينيين، وازدرائها العرب أجمعين، كما لم اتحدث عن استقواء الامريكان على العراقيين في جانب آخر. فاستباحة هذه الشعوب اصبحت خبرا يوميا، لم تتوقف الصحف عن تسجيل وقائعه خلال الاشهر الاخيرة. وهي وقائع تقطع بان الممارسات التي تتم بحق تلك الشعوب العربية والاسلامية تمثل انتهاكا صارخا لقيم القانون والاخلاق والاعراف حيث يد الاستكبار مطلقة بغير قيد، وحياة الشعوب وعمران البلاد وسيادتها، كل ذلك يعصف به بغير حدود. لقد مررنا بما حدث مع السودان، وكيف صودرت اموال مؤسساته الحيوية. وسلاح المصادرة هذا مشهر في وجه الجميع، حتى قامت الادارة الامريكية خلال هذا العام بمصادرة اموال عشرات بل مئات المؤسسات والاشخاص في العالم العربي والاسلامي، ومن ثم اصبحت اي جهة ناشطة في العالم العربي والاسلامي معرضة للاغتيال بجرة قلم، بعدما انقلب الحال واصبح الكل متهما حتى تثبت براءته. في هذا السياق لا بد ان تستوقفنا الاجراءات المهينة التي اصبح يخضع لها العرب والمسلمون الذين يضطرون للتعامل مع الولايات المتحدة. فهم يذلون في السفارات لكي يحصلوا على تأشيرات الدخول. اذ على كل واحد ان يتقدم بطلبه قبل ثلاثة اشهر من موعد سفره. والمسألة ليست سهلة فهناك عشرة آلاف طالب من ابناء عالمنا العربي والاسلامي لا يزالون منذ شهور عاجزين عن الحصول على تأشيرات لاستكمال دراستهم هناك، والذين يحصلون على تلك التأشيرات لهم صفوف خاصة يقفون فيها في المطارات الأمريكية، وهناك تؤخذ بصماتهم وتلتقط صورهم، ويخضعون لمختلف صور الاستجواب والتحري، باعتبار ان الاصل في الجميع انهم مشبوهون. ولأنهم كذلك فانهم يفتشون بعناية وتؤخذ منهم أية اوراق تتضمن عناوين او ارقام هواتف في الولايات المتحدة. واذا قدر للواحد منهم ان يخرج من المطار في النهاية فانه يظل ملاحقا ومراقبا حيثما ذهب. وأي تغيير في عنوانه او في موضوع دراسته اذا كان مبتعثا، يجب ان تخطر به الجهات الأمريكية المختصة، علما بأنه ليس حرا في ان يدرس أي شيء، ولكن هناك مجالات يحظر على العرب والمسلمين التخصص فيها. وبطبيعة الحال فان هواتفهم تظل تحت الرقابة، وكذلك حساباتهم المصرفية. في أية لحظة، ودون ابداء أية اسباب، يتعرض +ذوو البشرة الداكنة؛ - المقصود العرب والمسلمين بطبيعة الحال - للترحيل والطرد خارج البلاد. وذلك أهون من الاختفاء حيث لا يعرف من القى القبض على الواحد منهم، ولا طبيعة التهمة الموجهة اليه، لا المكان الذي اودع فيه، وليس للمحتجز ان يتصل بأحد من أسرته او ان يوكل محاميا. وقد يلقى لعدة اشهر في سجن قصي، او يحتجز في سفينة بعرض البحر، او يرسل الى سجن +جوانتانامو؛، حيث المصير المجهول، باستثناء الذهاب بلا عودة. ثمة الاف التفاصيل الاخرى التي ترسم ملامح الصورة، والتي يتعلق بعضها بأوضاع المسلمين الامريكيين الذين يعيشون داخل البلاد. لكن ما يدهش له المرء حقا ليس تلك اللوثة التي انتابت الاجهزة الامريكية واقترنت بدرجة عالية من الفظاظة (نائب رئيس الوزراء الماليزي ذهب ليلقي كلمة بلاده امام الأممالمتحدة في نيويورك، واجبر على خلع حذائه وحزام سرواله قبل صعوده الى الطائرة التي حملته من لوس انجلوس!) - انما المدهش اكثر ان ذلك كله لم يقابل بما يستحقه من استياء وغضب في العواصم العربية والإسلامية. استثني من ذلك احتجاج محاضر محمد رئيس وزراء ماليزيا على ما اسماه بالهستيريا الموجهة ضد المسلمين، وما نقل على لسان وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز الذي قال ان الأمركيين سيعاملون بالمثل حال وصولهم الى المملكة - ادري ان السكوت في هذه الحالة ليست علامة رضى، لكن ذلك لا بد ان يثير تساؤلا اخر : هو علامة ماذا اذن؟! (4) انفتح باب الاجتراء على العرب والمسلمين على مصراعيه. فقد انتقلت العدوى من الولايات المتحدة الى اوروبا. وتلاحقت القوانين والاجراءات العنصرية التي لاحقت +جنس؛ العرب والمسلمين فيما يخص الهجرة وإجراءات الإقامة وارتداء الحجاب وافتتاح المدارس وبناء المساجد. حتى روسيا التي يعيش في داخلها حوالي 20 مليون مسلم تشددت في مسألة الحجاب ورفضت اصدار جواز سفر لمسلمة تتارية اسمها أميرة هدايتلينا، بل تعرض حجاب فتيات للتمزيق في تلك الجمهورية ذات الأغلبية المسلمة، ومنع مسلمو سيبيريا من وضع أساس مسجد لهم، واطلق الرصاص على الذين شرعوا في تلك المحاولة. وهذا الذي حدث في روسيا تكرر في اسبانيا +الصديقة؛ فيما يخص حجاب الفتيات المسلمات بالمدارس. تبنت الحركات القومية المتعصبة حملة العداء للمسلمين في مختلف الدول الاوربية، وعلى رأسها فرنساوانجلترا والمانيا. ودعا بعض قادة رابطة الشمال في ايطاليا الى طرد المسلمين من البلاد ومنعهم من اقامة شعائرهم، ومنهم من نادي بحظر دخول المسلمين الى ايطاليا من الأساس. وفي بلجيكا أثير جدل حول خطورة دروس الدين الإسلامي، لان طالبا اشاد في أحد تلك الدروس بالعفة الجنسية، ولم يعترض المدرس على ذلك، فيما اعتبر منه تأييدا لفكرة العفة. وهو ما اثار غضب وزير التعليم الذي اعتبر موقف المدرس +رجعيا ومتخلفا؛. أما في هولندا فان خطباء المساجد تعرضوا لحملة ترهيب وابتزاز، واجبروا على الالتحاق بدورات لتعلم اللغة الهولندية، لكي يلقى بها خطب الجمعة. وانذروا بالطرد اذا لم يتمكنوا من تلك اللغة ويتحدثوا بها في المساجد (ترددت ذات الدعوة في ألمانيا). وفي تلك الأجواء المتحاملة على العرب والمسلمين، نجح في انتخابات بلدية روتردام رجل من غلاة اليمين يعمل استاذا لعلم الاجتماع اسمه ييم فورتان، كان قد اعلن في برنامجه انه يطالب بتعديل الدستور لاستثناء المسلمين من المساوة العادلة امام القانون!. في إحدى خطب الجمعة بروتردام انتقد خطيب المسجد الشذوذ الجنسي واعتبره ضارا بالمجتمع. ورغم ان الرجل، وهو مهاجر مغربي اسمه خليل مومني، كان يخاطب المسلمين في مكان عبادة خاص بهم، الا ان كلامه سجل عليه وأقام الدنيا ولم يقعدها وشكته 50 منظمة لأنه تعدى على +قيم؛ المجتمع. وطالب سياسيون هولنديون بتقييد حرية المساجد في ممارسة النقد. واضطر الرجل الى الاعتذار فيما بعد قائلا انه كان حسن النية، ولم يخطر بباله ان يؤذي احدا بما قال. ولكن حين تتابعت حملات تجريح وتحقير المسلمين وعقائدهم في مختلف العواصم الغربية، وكثفت في كتب وما لا حصر له من المواد الإعلامية، لم يحدث ذلك صدى يذكر في العالم الإسلامي. ومن اوريانا فلاتشي في ايطاليا الى ميشيل هوالباك في فرنسا ومارتن ايميس في انجلترا، وانتهاء بجيري فولويل وبات روبرتسون، واضرابهما من الكارهين والمتعصبين في الولايات المتحدة. ولا أريد ان اقارن بالمصير الذي يلقاه أي كاتب أو أكاديمي او اعلامي اذا ما وجه نقدا ولو خفيفا للسياسة - وليس العقيدة - في اسرائيل. وكيف ان ذلك كفيل بأن ينهي حياته السياسية والثقافية والمهنية، ويضطره للاعتذار، وقد يساق الى القضاء بتهمة معاداة السامية. جدير بالذكر في هذا الصدد ان الحكومة البريطانية كانت قد وعدت في العام الماضي وهي تعد قانون الإرهاب بحظر اثارة الكراهية والدعوة لها على اساس ديني. لكن وزير الداخلية ديفيد بلانكيت شطب ذلك البند في اخر لحظة، ومن ثم اصبح باب استباحة عقائد المسلمين مفتوحا، لأنهم وحدهم الذين يمكن الاجتراء عليهم، حيث لكل دين او ملة اخرى حصانتها واحترامها. (5) بعد زيارة لإسرائيل هذا الصيف، نشرت الكاتبة البريطانية هليلينا كوبان، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط سلسلة من المقالات في +الحياة؛ اللندنية، ذكرت في إحداها ما نصه: يحلو للأمريكيين الشكوى من التطرف الذي تدعو اليه بعض المدارس الدينية الإسلامية في أنحاء العالم، لكن هل دققوا في التعاليم المليئة بالحقد التي تنشرها مدارس اليشيا والكوليل (الدينية) في اسرائيل والضفة الغربية وخارجها (الحياة - 7/11). ملاحظة الكاتبة البريطانية مهمة، وتصب في مجرى +الاستباحة؛ الذي نتحدث عنه، وهو ما نجده ايضا في الهند، التي يسيطر عليها اليمين الهندوسي (يمثله حزب بهاراتيا جناتا الحاكم) الذي يكن قادته بغضا للإسلام والمسلمين، وهو ما يعبر عنه شعار لهم يقول: +مسلمانون كادوهي استهان: باكستان يا قبرستان؛، أي للمسلم مكانان اثنان فقط، باكستان او القبر. هؤلاء الهندوس المتعصبون هم الذين هدموا المسجد +البابري؛، احد اقدم المساجد التاريخية بالهند، في اطار مشروعهم لبسط الهيمنة الهندوسية على أرجاء البلاد. هذه المواقف المعادية للمسلمين تبثها المنظمات الهندوسية بين شبابها، وقد نشرت مجلة نيوزويك في عدد 2001/7/24 تقريرا عن انشطة تلك المنظمات، وكيف انها بدأت تبث أفكارها في منهاج التعليم بعد تولي اليمين للسلطة، لتعبئة الهنود ضد المسلمين وتأييد استئصالهم. تتجلى تلك الاستباحة في أعلا درجاتها في وسائل الإعلام الامريكية، وهو ما رصده وسجله الأستاذ جاك شاهين - امريكي من اصل عربي - في كتب عدة احدثها مؤلفه الذي صدر في العام الماضي بعنوان +العرب الأشرار جدا؛. فضلا عن ذلك فالمراجع الثقافية الأوروبية، والمناهج الدراسية، مسكونة بذات الروح، التي تزدري العرب والمسلمين وتقدمهم في صورة سلبية، بدرجات متفاوتة. حيث يطل المرء على المشهد من هذه الزاوية يخلص الى ذات النتيجة. اذ يدرك ان التحريض على العرب والمسلمين والتشهير بهم، اناسا وعقائد، حلال للجميع، وهو قاعدة عندهم. أما اذا عبر البعض عندنا عن مخاصمتهم للغرب او انتقادهم لقيمة، حتى اذا تم ذلك على سبيل الاستثناء، فانه يغدو مشكلة مدوية، يجرح بسببها المسلمون، ويطالبون بتنقية المناهج من أمثال تلك +الشوائب؛ على الفور، والا حلت به لعنة الأوصياء وتعرضوا لسخطهم وعقابهم. ان المرء ليحتار في تحديد الأجدر باللوم، هل هم الذين يتطاولون علينا ويستكبرون، ام اولئك الذين يسكتون على المهانة، ويديرون خدهم الأيسر كلما لطموا على الخد الأيمن؟ بقلم: فهمي هويدي