حتى إشعار آخر، فإنني أسميه عام "القهر". ذلك العام الميلادي الذي انقضى، وأسدل الستار عليه، كي نستقبل عاما جديدا، لا نكاد نرى في أفقه إلا سحابات داكنة، وحشدا من إشارات التوجس والقلق، خصوصا أن العناوين المرشحة له حتى الآن مما لا يسر الخاطر. إذ رغم أن الأمريكيين أحجموا عن تسميته، إلا أن لسان حالهم يقول إنهم يريدونه عام التفكك وإعادة التشكيل. والإسرائيليون يريدون له أن يكون "عام الحسم" أما أهل المنطقة وأصحابها الحقيقيون. فيبدو أنهم وضعوا اليد على الخد. وقعدوا ينتظرون معجزة من السماء. (1) أعلم أن اختزال عام في جملة واحدة أو سطر عملٌ لا يخلو من تعسف.. لكنني أعترف بأن المبادرة لم تكن من جانبي، لأن غيري فعلها، وكان للتسمية عندي صدى أغراني بالمجاراة ومحاولة قراءة المشهد بعيوننا ومن زاويتنا. وأصل الحكاية أنني قرأت ذات صباح نبأ واردا من بروكسل ذكر أن المفوضية الأوروبية اختارت عنوانا لعام 2002 هو "عام الخوف"، وبررت ذلك في بيان لها بأن قلوب شعوب الأرض ظلت ترتجف طوال العام خشية ما تسفر عنه مفاجآت تنظيم "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن، كما أن مخاوفها كانت لها مصادر أخرى، منها احتمالات اندلاع الحرب في الشرق الأوسط وفي منطقة الخليج وكشمير، ومنها المخاوف الناجمة عن اتساع رقعة اليمين المتطرف في أوروبا. ومنها أيضا الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي ما تزال تعد أكبر مصدر للخوف. حين طالعت الخبر في ذلك الصباح (الأحد 20/12) قلت أنها قراءة أوروبية للعام. تأثرت كثيرا بالإيحاءات الأمريكية، التي نجحت في تعميم الخوف من تنظيم القاعدة على العالم. وهو أمر مفهوم، إذ منذ صدمت الولاياتالمتحدة من جراء ما جرى في 11 شتنبر، فإنها وضعت مسألة الأمن القومي على رأس أولوياتها، وغيّرت من أجله استراتيجيتها معلنة أنها ستقود حملة عالمية ضد الإرهاب، من ثم كان طبيعيا أن تستنفر حلفاءها الأوروبيين بالدرجة الأولى لدعمها في تلك الحملة. وكان من وسائل الاستنفار ذلك الإلحاح المستمر على أن أوروبا أيضا في خطر، وليس أمريكا وحدها. وهو ما تجلى في افتعال حوادث موحية بذلك، آخرها ما نشرته مجلة "شتيرن" في برلين عن أن عناصر من "القاعدة" تعد لهجوم بيولوجي على بعض الأهداف داخل ألمانيا، وهو ما نفته وزارة الداخلية في الأسبوع الماضي. وما حدث في ألمانيا تكرر في إيطاليا وفرنسا وإنجلترا، الأمر الذي فرض أولولايات الأجندة الأمريكية على أوروبا على الأقل، علما بأن الجهود مستمرة لفرض أولويات تلك الأجندة على العالم بأسره، ونحن منه ضمنا. فهمت أن يكون "الخوف" عنوانا للعام الأمريكي، ووجدت أن ثمة أسبابا قوية "للقلق" في أوروبا؛ الأمر الذي أثار عندي سؤالا كبيرا حول العنوان الذي يمكن أن نعلقه نحن العرب والمسلمين على جدران العام. لم يكن استبعادي لكلمة الخوف تعبيرا عن رغبة لا أنكرها في معاندة الأجندة الأمريكية، ولكن أيضا لاقتناعي بأننا لم نستشعر ذلك الخوف في العالم العربي والإسلامي، حيث لم يكن له ما يبرره. وهو ما دعاني للبحث عن عنوان آخر، أكثر صوابا في التعبير عن رؤيتنا ومشاعرنا على مدار العام. (2) ليست جديدة علينا تماما فكرة تسمية السنوات، التي عرفها العرب من قديم حين كتبوا التاريخ تبعا لوقوع الأحداث في السنوات، فربطوا بين السنة وبين أبرز الظواهر أو أهم الحوادث التي وقعت فيها. فهناك "عام الفيل" الذي حاول فيه أبرهة ملك الحبشة هدم الكعبة، وعام "الفجار" الذي وقعت فيه معركة بين قبائل الجزيرة العربية. و"عام الرمادة" الذي كان عاما للمجاعة والهلاك، و"عام الجماعة" الذي حقنت فيه الدماء بعد تصالح الإمام الحسن بن علي مع معاوية بن أبي سفيان، وفي مصر اشتهر "عام الكف" الذي ارتبط بحادثة وقعت (عام 1902) حين اعتدى شاب غاضب على أحد كتاب ذلك الزمان، محمد إبراهيم المويلحي بك صاحب جريدة "مصباح الشرق"، وصفعه على وجهه. وكان للحدث دويه، إذ قوبل بالدهشة والسخرية، حتى نظم فيه الشاعر أحمد شوقي ثماني مقطوعات مختلفة، قال في واحدة منها مخاطبا المويلحي بك: ولقد ظننتك يا محمد في // فن الكتابة حاذقا فهما وطفقت أسأل كل ذي ثقة // حتى نظرت بصدغك القلما! نعرف في مصر أيضا "عام الاحزاب" (1907 الذي تشكلت فيه الأحزاب السياسية) وعام الثورة (1919) و"عام التصريح" (1922 الذي حصلت فيه مصر على تصريح باستقلالها الرسمي) و"عام المعاهدة" المصرية البريطانية (1936) وعام النكسة (1967) و"عام الحسم" الذي تحدث عنه الرئيس أنور السادات في أول السبعينات. ولا أعرف بماذا سيسمى العام القادم عربيا، خصوصا إذا تم اجتياح العراق وإسقاط نظامه. لكني أعرف أن المؤرخ العراقي الكبير الدكتور علي الوردي أطلق على عام 1920 الذي أخضع فيه العراق للانتداب البريطاني "عام السقوط" حتى سمّي مواليد ذلك العام "مواليد السقوط". عدد صحيفة "هاآرتس" الصادر في 9/12 نقل عن رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد موشيه يعلون حديثه عن أن العام الجديد سيكون "عام الحسم" مع الفلسطينيين. ولم يكن وحيدا في ذلك، وإنما أشار كاتب المقالة "عاموس هرئيل" إلى أن وزير الدفاع شاؤول موفاز تبنى نفس الفكرة في خطاب ألقاه في مؤتمر عقد بهرتسليا. من ناحية أخرى فإننا نعرف جيدا ما الذي سيفعله الأمريكيون في العام الجديد. فالإعداد للغزو جار على قدم وساق، ومبادرة كولن باول حول "الإصلاحات الديمقراطية" المطلوبة في المنطقة ليست بعيدة عن أذهاننا، كذلك كلام مستشارة الأمن القومي السيدة كوندوليزا رايس عن التغيرات المرتجاة التي أشهر منها على الملأ حتى الآن ما يخص أفغانستان وفلسطين والعراق. الأمر الذي لا يدع مجالا للشك في الكلام عن تفكيك المنطقة وإعادة تركيبها بمواصفات جديدة ليس مبالغا فيها، لذلك فبوسعنا أن نرجح بأن ثمة مولودا جديدا قادما الحمل فيه ليس كاذبا وأن تسميته مؤجلة إلى حين. (3) لست واثقا تماما من أن "عام القهر" هو أكثر العناوين ملاءمة لتسمية العام المنصرم في القراءة العربية والإسلامية له. لكني أعترف بأنني لم أقتنع بغيره، وسأكون شاكرا لو أن أحدا عثر على عنوان آخر أوفى. ولا أريد أن نستدرج إلى خلاف يستهلك طاقتنا حول التسمية، لأن الأهم منها هو تحرير الحالة التي نتحدث عنها. لذلك سأشرح العوامل والعناصر التي استندت إليها في توصيفها. وهو التوصيف الذي دعاني إلى الانحياز إلى تسميته بعام القهر. لقد وجدت أن أهم اللاعبين في ساحة الشرق الأوسط الآن هما الولاياتالمتحدة وإسرائيل، بعدما تراجع الدور الأوروبي نسبيا، وانهار الاتحاد السوفياتي، وأصبحت روسيا رهينة الإغراء والابتزاز الأمريكيين، والتزمت الصين الصمت والحذر في حين حرصت على عدم تعكير صفو علاقاتها أو مصالحها مع الأمريكان. لذلك توصلت إلى قناعة مفادها أن الولاياتالمتحدة استفردت بالعرب والمسلمين، في حين استفردت إسرائيل بالفلسطينيين. وكل من الطرفين اختار في العام الماضي أن يحقق أهدافه دون مراعاة لأي اعتبار. وفي استباحة غير مسبوقة لمختلف القيم المتعارف عليها في العلاقات الدولية، حتى خطر لي أن أسميه عام "الاستباحة" حيث لا أعرف مرحلة في العصر الحديث أهدرت فيها قيم القانون والأخلاق والسيادة كتلك التي شهدناها في العام المنصرم. (4) هذا المنطوق تؤيده عندي الشواهد التالية: فيما يتعلق بالولاياتالمتحدة فإنه منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، ومن ثم اختفاء الطرف الآخر الرادع أو الكابح والحافظ للتوازن الدولي في مواجهة ثقل الولاياتالمتحدة. استشعرت واشنطن أنها مطلقة اليد في إدارة شؤون العالم. الأمر الذي هيأ مناخا مواتيا لإطلاق دعوات توسيع نطاق الهيمنة وبسط السلطان، وتقسيم العالم إلى أخيار وأشرار وأصدقاء ومارقين...، في ضوء درجة الامتثال والانصياع للإدارة الأمريكية. وهو ما تجلى على نحو أكثر وضوحا في عهد الرئيس بوش الإبن، وهيمنه التيار الأصولي المسيحي، المتحالف مع إسرائيل، والذي تستحوذ على فكرة التطلعات الإمبراطورية، التي تليق بمكانة وسلطان أعظم قوة في الأرض وأقواها في التاريخ. هذا التيار أصبح نافذا ومؤثرا في مركز القرار، إلى درجة رجحت كفته وعززت مواقفه، خصوصا بعد ما جرى في 11شتنبر، الأمر الذي أشاع بين الأمريكيين شعورا بانعدام الأمن، واقتناعا بأهمية دور "شرطي العالم" الذي تقوم به الولاياتالمتحدة. وقد تجمعت ظروف كثيرة رشحت الشرق الأوسط ليكون مسرحا لإشباع التطلعات الإمبراطورية. منها مثلا أنه يعد قلب العالم الإسلامي الذي صور بحسبانه عدوا يتحدى الإرادة الأمريكية، ومنها أن "الإرهابيين" الذين قاموا بهجومات 11 شتنبر قادمون من تلك المنطقة. منها أيضا أنها حيوية اقتصاديا بحكم وجود منابع للنفط فيها، ناهيك عن حيويتها الوجودية بالنسبة لإسرائيل. منها كذلك أنها منطقة رخوة وسهلة، وبوسع الأمريكيين أن يحققوا فيها انتصارات سهلة أو مجانية. منها أخيرا أن في المنطقة من أصبح يفتح ذراعيه مرحبا بكل ما يصدر عن واشنطن ومستعدا لاحتماله وتسويغه (علمنا أخيرا بأن ثمة معسكرا للاعتقال تابعا للمخابرات المركزية في إحدى الدول العربية). هذه الخلفية شجعت الجهات المعنية في واشنطن على أن تتعامل مع المنطقة بأسلوب هو خليط من الجرأة والخفة والازدراء. بحيث صار سهلا أن تقرر واشنطن اجتياح العراق بغير سبب مقنع، ولا يتردد صوت في الكونجرس في أن يقترح تكملة المشوار وإسقاط نظام طهران بالمرة. وأصبح ميسوراً أن ترتفع الأصوات هناك داعية إلى تفكيك المنطقة وإعادة تركيبها مرة أخرى، تبعاً لمقتضيات المصالح الأمريكية، بزعم أن الخرائط الحالية رسمتها المصالح البريطانية والفرنسية في "سايكس بيكو" (عام 1916م)، وللعالم الجديد متطلبات جديدة تستدعي وضع خرائط جديدة. وأصبح بمقدور الولاياتالمتحدة أن تقتل أي عنصر تقرر خطورته في أي مكان بالكرة الأرضية، دون محاكمة ودون اعتبار لمسألة سيادة الدول الأخرى (كما حدث في اليمن). كما أصبح جائزاً أن تعلن الإدارة الأمريكية أن ثمة قائمة تضم 35 شخصاً من غير الأمريكيين سيتم اغتيالهم حيثما وجدوا. وقرأنا أن فرقة اغتيالات أمريكية وصلت إلى لندن في بداية جولة لهذا الغرض. وصار ممكناً أن توجه الولاياتالمتحدة ضربات لأي مكان أو جماعة في أي مكان بالكرة الأرضية تعتبره مصدراً للخطر، باسم الاستباق والإجهاض. وهو ما لوحت به أيضاً أستراليا أخيراً. وأصبح مسوغاً أن يبعث العراق بتقريره عن موضوع أسلحة الدمار الشامل، فيسطوا الأمريكان ويخطفونها ثم يقولون أنهم لن يفعلوها مرة ثانية(!) وصار عاديا أن تسوغ الإدارة الأمريكية المذابح الإسرائيلية بحجة الدفاع عن النفس، وأن تستخدم "الفيتو" في مجلس الأمن لمنع إدانة لأي جريمة ترتكبها إسرائيل. لم أتحدث عما جرى للذين ألقي القبض عليهم وأرسلوا إلى "غوانتانامو" لكي يدمروا هناك دون أن توجه إليهم أي تهم. ولا عن الذين يحتجزون ثم يحرمون من أي حقوق قررها القانون الأمريكي ذاته، ولا عن الآلاف الذين في المطارات، وأقرانهم الذين يساقون الآن بالآلاف في داخل الولاياتالمتحدة لتصويرهم وأخذ بصماتهم، وجريمتهم الوحيدة أنهم عرب ومسلمون. (5) إنهم يتصرفون في واشنطن وكأن العرب والمسلمين إنس من الدرجة الثانية. وكأن العالم العربي والإسلامي منطقة مستباحة، يستطيعون أن يفعلوا فيها وبها أي شيء. فيطالبون بتغيير السلطة الفلسطينية، وتغيير مناهج التعليم ومن ثم العقول، وتغيير الخرائط وقلب بعض الأنظمة، بل ويصدرون قراراً باسم "سلام السودان" يعاقبون بمقتضاه حكومة الخرطوم إن هي تراخت في الاتفاق مع المتمردين، ويكافئون المتمردين لأنهم يتحدون حكومة الخرطوم. إنهم يقولون بمنتهى الصراحة أن طلبات واشنطن أوامرها إن شئت الدقة إذا لم تنفذ، فستتدخل هي من جانبها لكي تباشر التنفيذ. ويدعون عملياً إلى إعادة مفهوم الأمة/الدولة، بحيث يجرد من فكرة السيادة، فيما يتعلق بالمجتمعات الأخرى بطبيعة الحال. بمعنى أن يتجرد الجميع من السيادة باستثناء الدولة الإمبراطورية، التي هي سيدة نفسها وسيدة الجميع. وهو ما تجلى في رفض الإدارة الأمريكية فكرة قيام قانون دولي ومحكمة جنائية دولية أو التوصل إلى معاهدات ملزمة في شأن البيئة. أحدث لقطة في مسلسل القهر والازدراء الأمريكي، كانت ذلك القرار الذي صدر في السادس من الشهر الجاري بتعيين إيليوت أبرامز مستشاراً خاصا للرئيس بوش لشؤون الشرق الأوسط، وهو اليهودي الصهيوني المتعصب الذي له كتابات منشورة يرى فيها أن القوة العسكرية وحدها هي اللغة التي يفهمها العرب، وشارون هو الرجل المثالي للتعامل مع الفلسطينيين. ناهيك عن أنه معروف باحتقاره الشديد لكل ما يتعلق بالشرعية الدولية. وكانت محكمة أمريكية قد جرمته في تهمتين تتعلقان بالكذب على الكونجرس في فضيحة إيران كونترا. قرأت مقالة كتبتها عنه السيدة هيلينا كوبان، البريطانية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، وصفت فيه هذه الخطوة بأنها "انقلاب" و"نبأ مذهل" وتعكس صورة ل "واشنطن جديدة تختلف تماماً عما كانت عليه قبل عام 2001" وإنه بمثابة إعداد "للمحاولة الليكودية المحتملة لإعادة تركيب الشرق الأوسط (الحياة اللندنية 24/12). وضعت الصورة أمام الدكتور كمال أبو المجد المثقف البارز والخبير القانوني الدولي، إذ قلت إن السلوك الأمريكي إزاء العالم العربي والإسلامي أهدر على مدار العام ثلاث قيم أساسية هي: السيادة والقانون والأخلاق. فكان رأيه أن الساحة الدولية خلت الآن من سلطة موازية تحد من تغول السلطة الأمريكية، الأمر الذي أوقع الولاياتالمتحدة في محظور الاستسلام لغرور القوة، وأضفى نسبية على مختلف ثوابت الحضارة الإنسانية، والسيادة والقانون والأخلاق في مقدمتها. ولذلك فلا مفر من القول بأن العلاقات الدولية تمر بمنعطف خطر، يهدد بإشاعة الفوضى في العالم، لأنه إذا ترك الأمر لأهواء الأقوياء، فإن العالم سيتحول إلى غابة كبيرة بدلاً من قرية صغيرة كما يقال. (6) القهر الإسرائيلي للشعب الفلسطيني ذهب بدوره إلى مدى تجاوز كل الحدود. وهو ما تجلى في حصار وإذلال الرئيس عرفات وفي التدمير المجنون لكل ما بنته السلطة وكل المرافق والخدمات، بعد إعادة احتلال الضفة بالكامل. كما أنه تجلى في المذابح والاغتيالات اليومية التي لم يسلم منها الأطفال الرضع والشيوخ، وفي هدم البيوت على أصحابها، وفي حصار التجويع وعمليات القتل البطيء التي تعرض لها نزلاء المستشفيات وغيرهم من المرضى والمصابين. تجلى ذلك القهر أيضا في الإطاحة بكل الاتفاقات التي تم التوصل إليها، والإصرار على إقصاء الرئيس عرفات من منصبه وإعادة تشكيل السلطة على نحو يتفق مع الهوى الإسرائيلي أولاً، والأمريكي ثانياً. ذلك كله تم بوتيرة واحدة على مدار العام، الأمر الذي يجعلني أرى القهر في كل إجراء اتخذ وفي كل جريمة ارتكبت، وفي التأييد الأمريكي الدائم لكل ما جرى. يبقى بعد ذلك أمران، الأول أن ذلك القدر من التجبر والاستقواء ما كان له أن يحدث لولا إدراكهم بأن الطريق مفتوح وأن العتو ليس له ما يصده أو يوقفه عند حده. أما الأمر الثاني فهو أننا لا نملك إلا خياراً واحداً في مواجهة ذلك الإعصار الذي ضرب عالمنا في العام المنقضي، ويتأهب لمزيد من الضرب في العام الجديد، هذا الخيار تلخصه كلمة واحدة هي: المقاومة. طوبى للشرفاء الذين يقفون على طول جبهة المقاومة، فهم أملنا الوحيد والأخير! بقلم: فهمي هويدي