سيأتي زمن يُستدعى فيه المسئولون عن الجرائم ضد الإنسانية، الذين رافقوا النزاع (الإسرائيلي)- الفلسطيني وغيره من نزاعات حقبتنا هاته، إلى الوقوف أمام محكمة الناس ومحكمة التاريخ، ومعهم شركاؤهم وجميع الذين في الغرب فضلوا الصمت، والجبن، والانتهازية حركة التضامن الدولية الإيطالية لقد استند المسارعون إلى الحروب على هجمات معزولة، لم يُعرف قط بالضبط فاعلوها لتجريم أسامة بن لادن، وصدام حسين، والفلسطينيين، والمسلمين كل هؤلاء جميعا مرة واحدة وبصفة عامة مُعمَّمة وللتأثير على فهمنا وإدراكنا للأشياء. وحتى يبرروا حروبهم التي شنوها من جانب واحد، ويشرعنوا تحت قناع حرب عالمية ضد الإرهاب، لانتهاكاتهم لحقوق الشعوب وللشرعية الدولية كان لزاما البدءُ بالكذب وفبركة عدو ما. هل هناك حاجة للتذكير بأنها قبل أن تغزو العراق في سنة 2003 كانت إدارة بوش قد تقدمت بوثائق مزورة بما يعطي مصداقية لزعمها أن الرئيس صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل، وكذلك زعمها أن هناك مسؤولية عراقية ما عن أحداث يوم الحادي عشر من سبتمبر2001؟ هذا التزوير الرهيب لم يكن إلا واحدة من الأكاذيب الَّلاعَدَّ لها التي تمت إشاعتها لجر العالم أجمع إلى أتون حروب إجرامية متكررة. منذ ,2005 وبفضل البحث الذي عهد به من طرف المجلس الأوروبي للسيناتور السويسري ديك مارتي أصبحنا على علم بكيف أنه في إطار هذه الحرب المزعومة ضد الإرهاب قام ضباط تابعون لجهازي ال سي.آي.إي. وال إيف. بي. آي. بتنقيل إلى سجون سرية عددا من المسلمين الذين تم اختطافهم بعشوائية حتى يتم تعذيبهم بوحشية كبيرة. وأصبحنا على علم بذلك كيف أن دولا أوروبية قد شاركت في هذه العملية مشاركة وثيقة تعاكس بشكل صريح المبادئ التي يدَّعون الانتماء إليها. غير أننا لسنا بعيدين عن تصور المدى الذي بلغته هذه السلطات في استخدام صحفيين ووكالات ل العلاقات العامة وتوظيفهم في نشر الخوف والرعب ونشر إدراك وفهم خاطئ ومزيف للأمور. وهاهو المثقف الفرنسي إيمانويل كود عندما سأله صحافي أليس خائفا من الإسلام قد أجاب قائلا:نحن نعيش لحظات رهيبة إن الوسط الثقافي الباريسي يعيش داخل انحراف شبه ديني، في إسلاموفوبيا كامنة (...) والحقيقة أنه ليس هناك أي سبب للخوف من الإسلام. ومع ذلك فإن هذا الخوف من المسلمين في الغرب موجود وملموس جدا. لقد كان كافيا بالنسبة للمؤدلجين أشياع صراع الحضارات أن يربطوا الإسلام بالإرهاب وارتداء الحجاب ب التزمت وبالتعصب لكي يسكبوا في صمت داخل عقولنا شعورا بالَّلا أمن، ولكي يبثوا رفضا عميقا لهذا الدين. وعلينا مع كامل الأسف أن نلاحظ أن أغلب وسائل الإعلام الكبرى كانت صدى واسعا للمبررات العنصرية لهؤلاء -سواء عن قصد وسبق إصرار وترصد- أو عن جهل مساهِمة بذلك في هذا التشويه الكبير. إننا شهود مباشرون على كون صحافيين، وصحفا واسعة الانتشار، ومقدمي نشرات وبرامج تلفزيونية قد استغلوا مواقعهم بطريقة مذهلة ومريبة. وكل منا يستطيع أن يتذكر هذا المعلق أو ذاك أو هذا المبعوث الخاص أو ذاك إلى فلسطين أو إلى العراق وهو يصف بالإرهابيين أولائك الذين يصمدون في وجه من يحتل بلادهم بينما هو يعرف جيدا أنهم مقاومون. أو يتذكر هذا الصحافي أو ذاك وهو يمرر بشكل ممنهج أفكارا مشوهة وبشعة عن الحجاب وعن الشريعة الإسلامية حتى يغذي الانطباع بأن المسلمين ليسوا أُناسا مثلنا ، لا يقبلون ب قيم نا مع انتهاز كل فرصة لربطهم ب التزمت والرجعية وقمع المرأة. ولو لم تكن هذه الحملات التحقيرية الشرسة لثقافة ولتقاليد المجتمع العربي لما أمكن لهذه الآراء المسبقة ذات الحمولة الإسلاموفوبية أن تأخذ كل هذا المدى وهذا البعد. والمخزي هو أن لا مبالاة الناس تظل كاملة أمام صور لا يمكن تحملها لمعتقلين أبرياء يُعذبون، أو لمدنيين تتناثر أشلاؤهم من جراء القصف الجوي أو البري في فلسطين وفي لبنان وفي العراق وفي أفغانستان. يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها: إن ما تم تقديمه لنا على أنه حرب من أجل إقامة العدل والقانون والأمن لم يكن في الحقيقة إلا حربا إسلاموفوبية لا أقل ولا أكثر. حربا تم توظيفها بالكامل من طرف متدخلين مخلصين أوفياء في الدفاع عن مصالح (إسرائيل) في المنطقة العربية. في دول مثل سويسرا وإيطاليا مثلا التي لم يسبق لها أبدا أن شهدت عمليات مماثلة يمكن اتهام العرب والمسلمين بها فإن أشخاصا هناك لم يسبق أن كانوا قط محل أية شبهة تم استهدافهم لمجرد أنهم مسلمون. كما أنه - وفي كل الأوساط الاجتماعية والاقتصادية- هناك أخذ الناس ينظرون بمزيد من الريبة والتخوف إلى النساء المحجبات وإلى المسلمين الذين يرتادون المساجد لمجرد أنهم يرتادون المساجد. هذا التجريم سواء كان عن وعي أو لاوعي لجالية مهمة جدا (تضم دول الاتحاد الأوروبي خمسة عشر مليون مواطن يدينون بالإسلام) كانت له دوافع سياسية صرفة، تبغي تهيئ الرأي العام الأوروبي والغربي عموما للانخراط في الحرب أو تقبلها على الأقل. غير أنه اليوم هناك شيء ما يتغير: إن الضحايا أخذوا يرفعون رؤوسهم بعد فترة انحناء وبدؤوا يتكلمون. وهناك منهم من أخذوا يعبرون عن مرارتهم وامتعاضهم من الصحف والصحافيين الذين كانوا السبب من وراء أهوالهم. ومن اللازم الملح الاستماع إليهم ورفع الحُجُب عن تلك الحقبة القاتمة. والمثالان الآتيات يهمان شخصيتين مختلفتين، ولكن ما يجمعهما هو حالة مشتركة بينهما: لقد كانا معا هدفين لاتهامات لا تقوم على أي دليل، ومدمرة من طرف وسائل إعلام موجَّهة.(حالة بوسف ندى ، حالة قاسم لرطل) وفي هذا السياق العدواني من العنصرية المتطرفة الذي تلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 كانت كوريير دي لا سييرا قد نشرت كتاب آريانا فالاتشي الحاقد الغضب والكبرياء (فج فىققفْ م ُىٌهُهُْحٌ) الذي ينعت الإسلام ب النازية والفاشية، ويحرض على الحقد على الإسلام، نشرته في مليوني نسخة. وأذكر أنه في يوم التاسع عشر من نونبر2001 وجدت جمهرة من الصحفيين ينتظرونني أمام مقر عملي. وأنه في يومي 20 و21 من نفس الشهر صدرت عشرة مقالات كانت أقواها اتهاما تلك التي نشرتها الكوريير دي لا سييرا. وكان كل من ألتقيه إلا و يقول لي: هل قرتِ العنوان الرئيسي لالكوريير دي لا سييرا؟ عندما كنت أقرأ هذه الأشياء كنت أتأثر كثيرا. وحتى عندما كنت أريد الرد لم أكن أستطيع فكنت ألوذ ببيتي لأختفي فيه. لقد راسلت الرئيس، والوزير الأول. منذ مدة وأنا أطالب بالإنصاف والعدل. حتى بعد أن تأكدت براءته فإن ذلك لم يُعِد لقاسم حريته ولم يمَكِّنه من استرجاع كرامته. حياته في خطر كبير، إنني مرهقة ومغتاظة. نحن مواطنون بدون حقوق مواطنة. عندما تم استدعاء الصحفي غيدو أولامبيو بعد الدعوى التي رفعتها رد على سؤال للشرطة القضائية مصرحا بأن: المعلومات التي نشرها مصدرها أجهزة مخابرات مختلفة إيطالية وأجنبية حصل عليها بوسائل سرية. هل هي طريقة للتهرب من الاعتراف بأنه كذب من البداية إلى النهاية فيما نشر؟وأريد أن أؤكد على أن دور حكومة سيلفيو بيرلوسكوني وأجهزة مخابراتها - التي كان يرأسها حينذاك فرانكو فراتيني- كان دورا أساسيا في هذه القضية. لقد كانوا على علم باختطاف زوجي وبما كان يتعرض له ولم يخبروني بشيء. لقد كانت الشرطة تتعاون مع أجهزة السي. آي. إي. في باكستان وفي المغرب خارج الإطار القانوني كما تُبين ذلك نتائج التحقيقات الإيطالية التي تم إقفالها وأرشفتها في سبتمبر 2006. ط لماذا تصرفوا هكذا؟ تقول السيدة بريطل:هناك ما يفسر ذلك: كان ذلك في سنة 2001 قبل مؤتمر الثمانية الكبار بجنيف. كانت وسائل الإعلام تضج بما يعلن عن أن مجموعات إرهابية تستعد للذهاب إلى المؤتمر لتلقي دما ملوثا على قوات الأمن هناك. وفي تلك الحقبة بالذات قامت الشرطة بوضع جميع المسلمين الذين يرتادون المساجد موضع تحقيقات وتفتيشات داخل بيوتهم. وعندما تم تفتيش بيتنا في شهر يوليوز من تلك السنة كان قاسم في سفر بباكستان. وفي تلك الفترة بالضبط شنت الجرائد حملة وضعت من خلالها إيطاليا كلها في حالة من القلق والتوجس بإعلانها عن قرب حدوث هجمات ل إسلاميين. ويجب الإشارة إلى أنه خلال مؤتمر الثمانية لم تحدث أي هجمات من طرف أي إسلاميين. ولكن حدثت بالمقابل استفزازات وعنف من طرف الشرطة. وبعد إقفال ملف قاسم بشهرين من طرف العدالة، فإن الكوريير دي لا سييرا التي دأبت دائما على تخصيص عناوينها الكبيرة لتشويه سمعة زوجي والقذف في حقه عن طريق ربطه بالإرهاب الدولي، وبطالبان وبن لادن عادت يوم التاسع والعشرين من سبتمبر2006 إلى نشر تقرير في صفحتها 13 يحمل عنوان إرهاب، تهم واهية ضد بريطل. وهكذا ف غيدو أولامبيو الذي ظل دائما يسمي زوجي ب القاسم (El Kassim ) أصبح فجأة يدعوه ب بريطل (ٌمُّىْ) عندما تمت تبرئته. وبالتالي فالقراء لن يربطوا إطلاقا بين الإرهابي المفبرك بالكامل (El Kassim) وبين الرجل النزيه والبريء الذي تحمل ظلما ما يقارب سبع سنين من السجن والتعذيب. وطبعا لن يذكر بأن (Britel) هذا كان ضحية لعمليات تسليم شنيعة واحتجازات سرية غير قانونية من طرف السي. آي. إي.، وتم الحكم عليه من طرف المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي، ولن يذكر كذلك بأن القراء تم الكذب عليهم وتضليلهم من البداية إلى النهاية وكما يتبين من خلال هذين المثالين الشائنين فإن الأولوية لدى وسائل الإعلام في أغلبها لم تكن قط هي إثارة انتباه الرأي العام العالمي إلى المعاناة والآلام التي تحدثها الانتهاكات المتكررة للشرعية الدولية التي تقترفها القوى العظمى في إطار هذه الحرب على الإرهاب. إن الأولوية هي إغراق الناس والمكتبات والأكشاك بكتب وصحف تتعمد الربط بين الإسلام والإرهاب إن الأولوية هي تعهد الإبقاء على الخوف من التطرف الديني هذا التنين ذو السبعة رؤوس الذي يتهدد العالم والذي يتمدد انتشاره ليصل إلى عتبات بيوتنا. إن تجريد العرب من إنسانيتهم هو سلاح للحرب. سلاح استعملته الدولة الاستعمارية العبرية دائما بنجاح. بهذا السلاح تمت دائما معاملة الفلسطينيين بقسوة شديدة وتقديمهم بعسف من طرف من يحتل أرضهم ك إرهابيين. وطيلة ذلك، ووراء ستار ما تدعيه من مسلسل تسوية سلمية نجحت (إسرائيل) في جر الغرب وتوريطه في مواجهاتها العسكرية مع العالم العربي وفي جعله يتبنى نظامها الأورويلي (نسبة إلى الكاتب جورج أورويل) المتمثل في استمرار مراقبة الشعوب والتجسس عليها. وبذلك حولت نزاعها الإقليمي إلى مواجهة كونية وحرب عالمية ضد الإسلام حالة الحرب هذه التي تُهين وتدمي شعوب المنطقة العربية منذ ستين عاما، والتي ترهن الرأي العام الدولي تحت هيمنة الكذب، دامت أكثر مما يمكن تحمله. واليوم في الوقت الذي تم فيه تلغيم كوكبنا الأرضي بالعديد من النزاعات بين مجموعات وبين دول، وحتى بين دوائر ثقافية نحن اليوم أحوج ما نكون إلى صحافة للسلم صحافة تمنحنا مفاتيح لفهم هذه النزاعات على حقيقتها، وتمنحنا العناصر التي قد تساعدنا على إدراك التناقضات التي تعكسها هذه النزاعات، وتمكننا من سبل التفكير في الطريقة القمينة بتغييرها و تجاوزها. وللمساهمة في وضع حد لهذه النزاعات الشرسة، يجب عدم الخوف من قول الحقيقة حتى وإن كان ذلك ليس فيه ما يسر. لأن الأكثر إساءة والذي لا يسر بالفعل هو اكتشاف المعاناة التي يئن تحتها أبرياء متهمون ومحكومون ظلما. ولكن وكما يقول بحق الصحفي آلان هارت:إن الجحيم هو عندما تفهم أن حياتك اقتربت من نهايتها وأنك طيلتها لم تمنح كل طاقتك وكل مواهبك بالقدر الذي كان عليك فعله من أجل تغيير شيء ما بمعنى أن الجحيم هو عندما يصلك الوعي بعد تفكير ناضج بأنك قد أضعت حياتك سدى. والجنة بالمقابل هي أن تعي بأن موتك اقترب أجله وتقابله بدون أدنى خوف لأنك على العكس قد قمت بما تستطيع من أجل تغيير العالم ولو بالقدر القليل الممكن. *** الأكاديب التي تقتل حالة يوسف ندى إيطالي من أصل مصري، مهندس وموظف سامٍ في بنك بسويسرا؛ وضحية لتلك الحملات الإعلامية الكاذبة. فعلى إثر اتهامات من طرف حفنة من الصحفيين؛ تم تسجيل اسمه في اللائحة السوداء للأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن براءته تم تأكيدها من طرف المحاكم؛ فإن ممتلكاته ظلت مجدمة ولا يزال هو منذ 2001 خاضعا للإقامة الجبرية في القرية القلعة كومبيون دي إيطاليا على الضفة الشرقية لبحيرة لوغانو. في الأراضي السويسرية. كان هذا المهنس يدير مؤسسة بنكية مزدهرة جدا في مدينة لوغانو السويسرية، عندما صدر في الجريدة الإيطالية اليومية كوريير دي لا سييرا مقال كتبه مراسلها في الكيان الصهيوني والمشرف على صفحتها الخارجية غيدو أولامبيو. هذا المقال هز المهندس الإيطالي-المصري بقوة وعنف؛ فقد اتهمه الصحفي بأنه يمول حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية ح.م.ا.س.. وهي الحركة التي يعتبرها المحتل حركة (إرهابية) ويسعى إلى جعلها تصنف بنفس التصنيف من طرف الدول الغربية جميعها. كان ذلك سنة 1997؛ وهو ما يؤكد أن استراتيجية التجريم كانت قائمة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر2001 بمدة. التهمة التي نسجت له كانت لها تداعيات ثقيلة عليه. فعلى الرغم من كونها قد كُذِّبت تكذيبا صريحا وشاملا؛ فقد تمت إعادة نشرها بدون تدقيق ولا تبين من طرف صحافيين آخرين؛ واستمرت بذلك تحتل العناوين الكبرى للصحافة الدولية؛ إلى أن انتهى بها الأمر إلى أن تحولت بفعل ترديدها المستمر إلىحقيقة لا يطالها التشكيك. الريبة والعار الذين تم إنزالهما بالسيد ندى؛ مكنا في مرحلة أولى من التشهير بهذا المعارض السياسي البارز للنظام الدكتاتوري للرئيس حسني مبارك -حليف الولاياتالمتحدةالأمريكية و(إسرائيل)- ووصمه بكل سوء وتشويه سمعة جماعة الإخوان المسلمون التي ينتمي إليها، والإساءة إلى مصداقيتها؛ علما بأن ندى هو كذلك أحد الشخصيات المحترمة جدا داخل الجماعة. ثم في مرحلة ثانية مكنت اتهامات كوريير دي لاسيييرا جهاز الإف. بي. آي. من الإشارة بالأصابع إلى السيد ندى بُعيد أحداث الحادي عشر من سبتمر,2001 ثم جعل منه مذنبا؛ دون دليل إلا ما هُيئ له الرأي العام بصدده منذ سنوات. وهكذا؛ وفي يوم السابع من نونبر 2001 قفزالسيد ندى واقشعر جسده وهو يستمع إلى الرئيس الأمريكي جورج وولكر بوش بنفسه يقول في إحدى قنوات التلفزيون بأن الشركة البنكيسة التقوى التي يديرها السيد يوسف ندى بمدينة لوغانو السويسرية هي الممول الرئيسي لأسامة بن لادن. على أساس أي دليل أو حتى قرينة أمكن للسيد بوش أن يلوح بتهمة بهذا الحجم من الهول؟ عنصر الاتهام الوحيد الذي قدمه الإف .بي. آي. إلى السلطات السويسرية هو فقط مقال كوريير دي لا سييرا؛ الذي كتبه غيدو أولامبيو منذ سنة .1997 ما كان يجب أن يبقى مجرد اتهام لا دليل عليه ولا أساس تحول إلى حقيقة رسمية، كونية تمكن من تبرير عقوبات غير قانونية ومن شن حروب عدوانية. هذه المرة ليس فقط مع الإخوان المسلمون أو حتى مع حركة حماس تم ربط المهندسيوسف ندى ولكن مع الشيطان بنفسه! مع أسامة بن لادن! هذه المرة السيد ندى يواجه مصيرا من قبيل المحرقة. وكما قال هو بنفسه في الشريط الذي أنجزته عنه المخرجة الفرنسية-السويسرية آندريا كانيتا: +إن الافتراء على شخص في سني هو قتل له قبل أن يموت. لقد أعدموني. إن كوني واقفا أمامكم الآن لا يعني أنني لا زلت حيا. لقد قتلوني؛ أنا وأسرتي، وسمعتي. لقد دمروا كل ما بنيته على مدى سنوات حياتي التي عشتها؛. لقد تم نسج متاهة من الحلقات المفرغة لهذا الرجل البريء بناء على أكذوبة صريحة؛ فمنذ سبع سنوات والسيد ندى تحول من مدير بنك محترم ليتقزم حجمه إلى تائه يتصارع أمام المحاكم وأمام الرأي العام ليثبت براءته وتعود إليه كرامته المخدوشة. والحقيقة أنه قد قضي الأمر بالنسبة إليه؛ فحتى لو ثبتت براءته في يوم ما فإن حياته قد دمرت وأصيبت في مقتل. *** حالة قاسم بريطل إنها قصة أخرى مروعة. ويتعلق الأمر بهذا الإيطالي من أصل مغربي؛ الذي كان مثل آلاف آخرين من المسلمين مثله؛ ضحية لعملية إجرامية من صنع السي. آي. إي. تسمى تسليم استثنائي . كان السيد قاسم بريطل في سفر إلى باكستان عندما تم اختطافه من طرف جهاز المخابرات الباكستاني. وتم تعذيبه، ثم بيعه إلى ضباط ال إيف. بي. آي. وضباط السي. آي. إي.. هـؤلاء الأخيرون عذبوه بدورهم، ثم وعدوه بالمال وبالحرية إذا قبل أن يتجسس لصالحهم على غيره من المسلمين. وعندما رفض؛ سلموه إلى مصالح الاستخبارات المغربية حتى تعذبه وتستنطقه بدورها من جديد؛ وهو لا يزال بين أيديها إلى اليوم. وذلك على الرغم من أن براءته قد ثبتت وتم التأكد منها، وعلى الرغم من النداءات الملحة الموجهة إلى الحكومة الإيطالية، المتضمَّـنة في قرار البرلمان الأوروبي حول الرحلات الجوية السرية للسي. آي. أي.. والداعية إلى أن تقوم إيطاليا بمساعٍ حقيقية وواضحة من أجل إطلاق سراحه. وفي هذه الحالة أيضا فإن هناك عائلة مكلومة ومصدومة من الطريقة التي تم بها تحويل زوج، وإبن، وأخ لهم؛ إلى مجرم. وهنا أيضا هي اتهامات لم تثبت قط بأي دليل، أطلقها فقط صحفي؛ وكانت على ما يبدو وراء تجريم ضحية بريء. وتحكي زوجته عن محنته بصوت هادئ: +لقد افتُري على زوجي افتراء كبيرا وجسيما من طرف صحفيين يبدو أنهم يكتبون وينشرون ما تريد منهم المخابرات أن يذيعوه؛. ولهذا السبب رفعت السيدة بريطل دعوى قضائية ضد يوميتين إيطاليتين هما كوريير دي لا سييرا وليبيرو. وتضيف قائلة: قبل أن يتم اختطاف زوجي بأربعة أشهر وتسليمه بغير موجب قانون إلى السي. آي. إي. في باكستان؛ كان غيدو أولامبيو قد كتب مقالا وصف فيه زوجي بأنه إرهابي خطير. لقد غضبت كثيرا مما قاله؛ لقد قال بأن قاسم لا زال في سفر وأنه عنصر من عناصر شبكة إرهابية إسلامية، وأنه يتحرك بوثائق تعريفية مزورة، وأن اسمينا وعنواننا عُثر عليها في كابول، وأن زوجي؛ وتحت غطاء حياة هادئة وبهوية مجهولة كان يختفي عن الأنظار يوميا. وتحدث في مقاله عن جوازات سفر عذراء لم يكتب فيها شيء بَعدُ؛ سرقت من مدينتنا، وعن انتماء زوجي المزعوم لجماعة الدعوة والقتال المرتبطة بأسامة بن لادن. وهذه كلها ليست إلا مجرد افتراءات وأكاذيب مختلقة! لقد كان زوجي يعيش حياة عادية وطبيعية. كيف أمكن لجريدة أن تقبل بأن تنشر أكاذيب مختلقة في بلد متحضر؟ لقد استعصى علي الفهم. كنت أقول لنفسي: هذا ما الذي صنعوه بنا! إن كل هذا قد دمر أسرتنا. إنهم يريدون تجريمي أنا أيضا لأنني أدافع عن زوجي؛ لأنني أرتدي الحجاب. لم يُضَمِّن الصحفي مقاله أي دليل يبرر مضمون اتهاماته. وأنا أقرأ مقاله كنت أقول في نفسي ربما لا يتحدث عن زوجي؛ إن هذا كله غير معقول، إنه يتحدث عن شخص آخر، إنه يختلق هذه الأشياء ليرسم توصيفا لشخص يريد أن ينعته بكونه إرهابي نائم. كل ما كان يقوله لا علاقة له بالحقيقة والواقع. لقد كان يكتب تأكيدات مجانية لا تقوم على أي شيء. وعلى الرغم من ذلك عاد إلى الاتهام عدة مرات ليقول الأكاذيب في كل مرة؛ يقدمها كما لو كانت اكتشافات خطيرة تدين زوجي. الصحفية الإيطالية سيلفيا كاتوري www.silviacattori.net