حذّرت مئات المنظمات والمؤسسات والجمعيات غير الحكومية، التي تعبِّر عن مسلمي أوروبا وتجمّعاتهم، من أنّ القارة الأوروبية تفقد رصيدها الأخلاقي في العالم عبر السياسات المنحازة لمرتكبي الفظائع، في إشارة إلى الجانب الصهيوني. وجاء ذلك في مذكرة وجهتها مائتان واثنتان وخمسون منظمة ومؤسسة وجمعية غير حكومية في أوروبا، إلى الزعماء والمسؤولين الأوروبيين بشأن الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة. ورصدت المذكرة الصادرة في بروكسيل، ونشرتها وكالة قدس برس الجمعة الماضي، سلسلة من المواقف الأوروبية، التي بعثت برسائل في الاتجاه الخاطئ تماماً، بشأن طبيعة الموقف الأوروبي من الحرب على الشعب الفلسطيني في غزة وفرض الحصار عليه، بل وضعت مصداقية مواقف أوروبا من مسائل حقوق الإنسان وحريات الشعوب موضع التساؤل، حتى أنّ أوروبا اعترضت مساعي إدانة جرائم الحرب الإسرائيلية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بينما كان العدوان الإسرائيلي يرتكب المجاز الجماعية. تنسيق أوروبي فاعل مع الحكومة الصهيونية واستنكرت المذكرة وجود تنسيق أوروبي فاعل مع الحكومة الصهيونية لتشديد القيود على قطاع غزة، باسم منع تهريب السلاح إلى الفلسطينيين، بدلاً من سحب الامتيازات الأوروبية الممنوحة لإسرائيل وفرض العقوبات عليها جراء استمرارها في احتلال الأراضي الفلسطينية ومحاولة إخضاع الشعب الفلسطيني وترهيبه بقوة الحرب والقتل والدمار. وأضافت المذكرة لم يتطرّق المسؤولون الأوروبيون إلى ضلوع دول أوروبية وغربية في تزويد الجيش الإسرائيلي بتقنيات عسكرية متطوِّرة وأسلحة وذخائر تتسبب بمآسٍ إنسانية جسيمة بالنسبة للسكان الفلسطينيين كما ظهرت نتائجها في المدن والقرى ومخيمات اللاجئين في قطاع غزة، كما ورد فيها. وقالت المؤسسات والجمعيات لا شكّ أنّ ما نشهده هو بمثابة تطوّرات غير مشجعة تجاه حقوق الشعوب وحرياتها وكرامة الإنسان. وتابعت المذكرة بات من الواضح أنّ المسؤولين الأوروبيين ماضون في اتخاذ مواقف شديدة الانحياز للجانب الإسرائيلي ومفتقرة إلى التوازن في تعاملهم مع نزاع الشرق الأوسط، والملفت للنظر أنها بدت فاقدة لمواصفات اللياقة الدبلوماسية، كما تجلّى هذا في سلسلة مواقف أوروبية سارعت إلى الدعم الاستباقي للحرب الإسرائيلية على غزة، وحاولت توفير الذرائع الواهية لها، وزجّت بأوروبا بكل أسف في خانة المعتدي، بدلاً من إنصاف الضحية وحمايته كما تقتضي قيم العدالة وحقوق الإنسان. تدهور مقلق في السياسة الخارجية الأوروبية وقالت المؤسسات والمنظمات غير الحكومية الأوروبية إنّنا، ومعنا كثير من شركائنا في المجتمعات الأوروبية، بمن فيهم مئات الآلاف الذين تظاهروا يومياً رغم الأعياد والعطلات والبرد الشديد في عموم هذه القارّة على مدى الأسابيع الماضية للتنديد بجرائم الحرب الإسرائيلية؛ نلحظ تدهوراً مقلقاً في السياسة الخارجية الأوروبية، تخسر معه أوروبا، بأسف شديد، كل يوم الكثير من رصيدها الأخلاقي في العالم، باختيار الانحياز إلى طغيان القوة الإسرائيلي، على حساب الحقوق والعدالة. واعتبرت المذكرة أنّ القيادة الصهيونية تفهم مغزى هذه المواقف على أنها شرعنة للعدوان على الشعب الفلسطيني، وتستثمرها جيداً في تمرير جرائم الحرب البشعة التي ترتكبها بحق السكان الفلسطينيين، وتعتبرها دعماً سخيّاً لسياساتها المتشددة الرامية لإخضاع الفلسطينيين وامتهان كرامتهم وكسر إرادتهم. وأضافت المذكرة لقد ترجمت إسرائيل قرار وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي برفع مستوى العلاقات معها، بالمضي فوراً في حرب عدوانية على الشعب الفلسطيني في غزة لا يمكن تبريرها تحت أي ذريعة كانت ولم يعد خافياً أن يتحدث المسؤولون الإسرائيلون عن أنهم وجدوا دعماً أوروبياً لخوض هذه الحرب وارتكاب الفظائع خلالها. ونبّهت المؤسسات والمنظمات والجمعيات، إلى أنّ صانعي القرار الأوروبي يبدون في عيون الضحايا الفلسطينيين كمن اختار الوقوف مع الظالم القوي ضد المظلوم الضعيف، وكمن يمعن في استخدام المعايير المزدوجة على نحو صارخ، ويتخذ سياسات تمنح الانطباع بمشروعية العدوان على شعب لا يملك مقومات الدفاع عن النفس. وتابعت المذكرة لقد دفع الشعب الفلسطيني ثمن هذا الانحياز بكل تأكيد، عندما تواصل سقوط الضحايا من أطفاله ونسائه وشيوخه ومرضاه بشكل مروِّع، دون أن يحظى بموقف أوروبي يتسم بالإنصاف أو التوازن. ومن الواضح أنّ ما اقترفه الجيش الإسرائيلي من جرائم حرب يشير ليس فقط إلى التوظيف المفرط وغير المتناسب للقوة، إنما هو شكل من أعمال الانتقام من المدنيين الفلسطينيين. إعادة الإعمار لن تفلح في تصحيح صورة الموقف وقالت المؤسسات الموقعة على المذكرة ينبغي أن يكون واضحاً، أنّ المواقف والتصريحات التي تنادي بالمساهمة في إعادة إعمار غزة، لن تفلح وحدها في تصحيح صورة الموقف الأوروبي، لأنّ الالتزام الأخلاقي والإنساني كان يفرض على المسؤولين الأوروبيين أن لا يتقاعسوا عن استخدام نفوذهم في وقف العدوان الإسرائيلي ودرء المعاناة والدمار والمآسي المرتبة عليه، بدلاً من الظهور بمظهر المتصدِّق العاجز عن الفعل. إن الشعب الفلسطيني ليس متسولا للقمة العيش، ولا يقبل هذا الكرم الأوروبي الذي يساهم في حصاره وتدميره والتنكر لحقوقه عبر الدعم المطلق للاحتلال. وأكدت المذكرة أنّ أوروبا تتحمّل مسؤولية تاريخية لا يمكن الجدال بشأنها، بكل ما يترتب عليها من التزامات أخلاقية، عن الكارثة التي حلّت بالشعب الفلسطيني سنة ,1948 والتي ما زالت أجيال الفلسطينيين تدفع ثمنها حتى اليوم، بما في ذلك قطاع غزة الذي تقطنه أغلبية من اللاجئين الفلسطينيين. وحذرت المؤسسات والجمعيات من أنّ إفساح المجال أمام آلة الحرب الإسرائيلية الفتاكة لتفعل فعلها في الشعب الفلسطيني قتلاً وتدميراً، قد أبعد منطقة الشرق الأوسط عن السلام أشواطاً بعيدة، ومنح زخماً هائلاً لمزيد من الصراع. بل يتعيّن علينا جميعاً أن ندرك أنّ السلام لا يمكن صنعه بغطرسة السلاح وعربدة القوة أو بإخضاع الشعوب وسلبها إرادتها والدوس على كرامتها. مطالبات محددة للقادة الأوروبيين وحدّدت المؤسسات الموقعة مطالبها من قادة دول الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجيتها، بثمان نقاط، أولها اتخاذ موقف أوروبي تصحيحي واضح، يدين بأقصى العبارات الممكنة، العدوان الإسرائيلي على غزة، وما تخلله من فظائع وجرائم وأعمال قتل جماعي، مع الكفّ عن المواقف الداعمة بشكل صريح أو ضمني للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة. وطالبت المذكرة بتشكيل وفد مستقل من الخبراء والقانونيين والحقوقيين، وابتعاثه إلى قطاع غزة للوقوف على حقيقة الممارسات العسكرية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وتقييم طبيعة الحصار الذي فُرض وما زال مفروضاً على قطاع غزة. كما طالبت المؤسسات والجمعيات الموقعة على المذكرة بإخضاع إسرائيل للمساءلة، ومحاسبة قادتها المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي، وضمان عدم إفلات مجرمي الحرب الإسرائيليين من العقاب بموجب محاكمات جزائية دولية، بما في ذلك التحقيق أيضاً في استخدام الجيش الإسرائيلي لأنواع من الأسلحة المحظورة ضد السكان المدنيين. وطالبت المذكرة أيضاً بوقف الامتيازات الممنوحة للجانب الإسرائيلي، والتوجّه إلى فرض عقوبات بحقها طالما استمرّ الاحتلال وتواصلت الانتهاكات، لتعلم إسرائيل أنها ليست فوق القانون الدولي كما أنها ليست في حصانة من المساءلة أو العقاب. وبينما حثت المذكرة على المساهمة الفاعلة في إعادة إعمار قطاع غزة، باعتبار ذلك استحقاقاً مترتباً على الحرب الإسرائيلية، فقدت نبّهت إلى ضرورة تحرير مسألة إعادة الإعمار من التوظيف السياسي أو استخدامها ورقة ضغط على الشعب الفلسطيني. وطالبت المؤسسات والجمعيات غير الحكومية بالمسارعة إلى استخدام أوروبا نفوذها في رفع الحصار المفروض على المليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، فوراً وبدون قيد أو شرط، والضغط الفاعل باتجاه الفتح الفوري والكامل لكافة معابر القطاع، وضمان حرية التنقل للأشخاص، ووقف حرمان الفلسطينيين من الإمدادات الإنسانية والطبية ومقومات حياتهم الأساسية، والكف عن سياسة التجويع والمساومة على الغذاء والدواء واحتياجات السكان. إنّ وقف العقوبات الجماعية المفروضة على السكان في قطاع غزة، هو مطلب عاجل وملحّ ولا يمكن احتمال مزيد من المماطلة في الاستجابة له. ومضت المذكرة إلى المطالبة بإنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف، والتعامل بإيجابية مع خياراته، وإدارة علاقة متوازنة معه دون محاولة التدخل في شؤونه الداخلية. وبينما طالبت المؤسسات المنظمات والجمعيات بالتوقف عن اختزال قضية التحرر الفلسطيني في المساعدات الإنسانية، وتغييب جوهر الصراع الحقيقي وهو الاحتلال، فقد أكدت أنها ستبقي هذه المطالب قيد نظرها وموضع متابعتها، حتى يتحقق الاستجابة لمنطق الحقوق والعدالة وإنصاف الضحايا، وفق قولها. مئات المؤسسات الموقعة وقد وقعت على المذكرة مائتان واثنتان وخمسون منظمة ومؤسسة وجمعية غير حكومية في أنحاء أوروبا، يضم بعضها العديد من المؤسسات في عضويته. ومن بين المؤسسات الموقعات؛ اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، اتحاد المدارس العربية الإسلامية، التجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين، المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، مركز العودة الفلسطيني، الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، المنتدى الأوروبي للمرأة المسلمة، المنتدى الأوروبي للمنظمات الشبابية والطلابية، الأوقاف الأوروبية، اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، اتحاد المنظمات الإسلامية في هولندا، اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا فرع روسيا، اتحاد المنظمات الاجتماعية خ الرائد خ بأوكرانيا، اتحاد الطلبة المسلمين - تشيك، التجمع الإسلامي بألمانيا، الاتحاد للتنمية والثقافة الإسلامية خ بلغاريا، الجمعية الإسلامية الأيرلندية، الجمعية الإسلامية الثقافية - السلام خ ملدوفيا، الجمعية الإسلامية للتأهيل والثقافة- بولندا، الرابطة الإسلامية في بريطانيا، الرابطة الإسلامية في السويد، الرابطة الإسلامية في إيطاليا، الرابطة الإسلامية في فنلندا، الرابطة الإسلامية في النرويج، الرابطة الإسلامية للحوار والتعايش بإسبانيا، الرابطة الإسلامية والثقافية خ رومانيا، المركز العربي اليوناني للثقافة والحضارة، المجلس الإسلامي الدنمركي، رابطة مسلمي بلجيكا، رابطة مسلمي سويسرا، جمعية الشباب المسلم في لتوانيا، جمعية المستقبل الثقافية خ ألبانيا، هيئة مسلمي المجر، اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية خ إيطاليا، اتحاد الجمعيات الطلابية الإسلامية في المملكة المتحدة وأيرلندا، الاتحاد النسائي بألمانيا، الجمعية الثقافية للنساء المسلمات في سويسرا، الجمعية الثقافية للطفولة خ سويسرا، الرابطة الإسلامية ببولندا، الرابطة الفرنسية للمرأة المسلمة، جمعية الطلبة المسلمين في المملكة المتحدة وأيرلندا، مجلس تنسيق الجاليات العربية والإسلامية في رومانيا، مجلس المفتين الروسي ـ القسم الآسيو ، المجلس الإسلامي الروسي، علاوة على مئات المؤسسات الأخرى. إخفاء الاحتلال لأسماء المشاركين في حرب غزة جاءت متأخرة قانوني فرنسي: يعلن عن رصد أسماء مسؤولين صهاينة لتقديمهم لمحاكم دولية قال جيل ديفر، المحامي في القانون الدولي ومنسق التحالف الدولي لمحاكمة مجرمي الحرب الصهيونية على قطاع غزة: إن زمن اعتماد الاحتلال على قوته العسكرية بلا رادع قد انتهى، كاشفا عن نجاح التحالف الدولي في رصد وتدوين أسماء قادة صهاينة مسئولين عن العدوان، لكنه رفض الكشف عنها لـمصلحة التحقيق. وأوضح ديفر في تصريحات لموقع إسلام أون لاين على شبكة الانترنت، أن احتياطات الحكومة الصهيونية لإخفاء أسماء المسئولين الكبار والضباط الذين شاركوا في العدوان على قطاع غزة خشية المحاكمة الدولية جاءت متأخرة. وقال: إن التحالف نجح منذ بداية العدوان في الحصول على كل أسماء القادة العسكريين المشاركين في الحرب الصهيونية على غزة، في الوقت الذي لم تأخذ دولة الاحتلال الدعوة لمحاكمتهم محمل الجد في البداية، وهو ما أتاح متسعا من الوقت للتحالف للتعرف بصورة أكبر عليهم. ولفت ديفر إلى أن تحالف محاكمة مجرمي الحرب لديه قائمة بهذه الأسماء، مؤكدا في الوقت نفسه أن على إسرائيل أن تفهم أن الاعتماد على قوتها العسكرية بدون رادع قد انتهى. وتابع: استخدمنا وسائلنا الخاصة في هذا البحث عن طريق وسائل الاتصال التي يقوم بها الجيش الصهيوني لمعرفة أسماء معظم الضباط الذين شاركوا في العملية، وقمنا برصد هذه الأسماء وتدوينها، رافضا الكشف عن هذه الأسماء لمصلحة التحقيقات. وكان جيل ديفر وعدد من المحامين الدوليين قد قاموا بمقابلة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، الجمعة الماضية، حيث تسلم طلب دعوى قضائية تقدم بها حوالي 350 منظمة وجمعية حقوقية دولية من بينها 89 منظمة حقوقية فرنسية لمحاكمة القادة الصهاينة عن جرائمهم في قطاع غزة. وحول أهم العوائق التي من الممكن أن توقف هذه الدعوى، قال ديفر: العائق الأكبر هو أن دولة الاحتلال لم توقع على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، لكنه استدرك قائلا: هناك 120 دولة وقعت على هذا الميثاق، ويجب أن نحصل على موافقة بعض هذه البلدان من أجل القيام بالإجراءات القانونية الممكنة، ولكن في كل الأحوال نحن بحاجة إلى فتح التحقيق لمعرفة المذنبين فيما جرى. كما استبعد ديفر أن ينجح مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار يلزم بفتح تحقيق حول جرائم الاحتلال في قطاع غزة، معللا ذلك بأن الاحتلال يمكنه تعطيل إجراءات الدعوى في مجلس الأمن عن طريق استعمال بعض الأعضاء لحق الفيتو. غير أنه أوضح أن هناك مؤشرات كثيرة توحي بأن المدعي العام ماض في الإجراءات القانونية إلى النهاية، على حد قوله، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل. وفضلا عن القضية الرئيسية أمام المحكمة الجنائية الدولية فإن التحالف من أجل محاكمة مجرمي الحرب الصهيونية على قطاع غزة رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الابتدائية في العاصمة البلجيكية بروكسل للمطالبة بإلغاء اتفاقية 8 ديسمبر 2008 التي ترفع العلاقات الأوروبية الصهيونية إلى أعلى مستوى مع دولة غير عضو في الاتحاد، وهي الاتفاقية التي أشرف عليها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير خارجيته برنارد كوشنير.