أكد رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، يوم الأربعاء 8 أبريل 2015 بمراكش، أن المغرب يتقاسم مع الدول الإفريقية طموحها في أن يعمل المجتمع الدولي على اتخاذ قرارات حاسمة تروم تعزيز التعاون الدولي للتنمية والتجديد العميق لنظام الإعانة التجارية، موضحا أن إفريقيا لم تعد بحاجة إلى مساعدات تخصص فقط لتمويل الخبرة الأجنبية، بل هي بحاجة إلى المواكبة في استلهام التجارب الناجحة وإلى الإرادة في التضامن لكي تتمكن من التحكم في مصيرها والاستفادة من إمكانياتها، مما يستدعي معالجة التفاوتات الموجودة. وأبرز ابن كيران، في افتتاح اللقاء الخاص بالوزراء الأفارقة المنظم بمناسبة الاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيس المنظمة العالمية للتجارة، "على التزام المملكة المغربية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، بالنهوض بالتعاون جنوب/جنوب، خاصة مع بلدان القارة الإفريقية، وعيا منها بقدرة هذا النوع من التعاون على خلق تنمية مستدامة حقيقية وإيمانا منها بالإمكانيات التي تزخر بها إفريقيا" وشدد ابن كيران على أهمية التنسيق بين البلدان الإفريقية في سبيل تحسين قدراتها المؤسساتية والبشرية في المفاوضات والاندماج في النظام التجاري المتعدد الأطراف والعمل على جعله أكثر عدلا وإنصافا وقدرة على مواجهة تحديات النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة لقارتنا الإفريقية. وأكد رئيس الحكومة أن المغرب لن يدخر جهدا في سبيل أجرأة وتفعيل التوصيات المنبثقة عن هذا اللقاء، من أجل بلورة رؤية مستقبلية تروم تقوية مكانة الدول الإفريقية في تشكيل الضوابط التي تحكم النظام التجاري المتعدد الأطراف، لاسيما وأن الدول الافريقية أصبحت أكثر نموا وأكثر فاعلية في المبادلات التجارية خلال العقدين الأخيرين. وفي هذا السياق، أوضح ابن كيران أن طموح القارة الإفريقية لأداء دور اقتصادي طلائعي لا يرتبط فقط بتحرير التجارة، بل لا بد من ربطه باستراتيجيات تنموية مبتكرة، من شأنها أن تقوي موقع هذه القارة داخل السلسة الدولية لخلق الثروات وتحافظ على القطاعات المعيشية التي تضمن جزءا واسعا من الأمن الغذائي للشعوب، والتي تعد عاملا أساسيا لإرساء السلام والاستقرار السياسي وشرطا أساسيا لأي استراتيجية تنموية اقتصادية وتجارية، مشددا على أن تحرير التجارة لا يمكن أن يؤتي أكله ما لم يُصاحَب باستراتيجيات لتطوير التضامن الوطني والدولي من أجل تقليص الفوارق الفئوية والمجالية وضمان نمو شامل ومندمج. وذكر رئيس الحكومة بأن القرار الذي اتخذه أعضاء المنظمة العالمية للتجارة سنة 2001، بخصوص إدماج بعد "التنمية" ضمن أجندة جولة الدوحة، يعكس الإرادة المشتركة لتجاوز الاختلالات التي تؤرق الدول النامية في ظل القواعد والضوابط الحالية والرغبة في التعجيل بمعالجتها، مشيرا بالمقابل إلى أن تسارع اتفاقيات التبادل الحر خلال العقد الأخير في ظل تباطؤ مفاوضات أجندة الدوحة من شأنه الإخلال بالتوازن في العلاقات التجارية العالمية، على الرغم من مساهمته في تطوير المبادلات ودعم التنافس. وفي نفس الاتجاه، أشاد ابن كيران بالمكانة المتميزة التي تحظى بها المنظمة العالمية للتجارة وكذا بالدور الهام الذي تضطلع به في تحرير وتطوير المبادلات التجارية وتقنينها والعمل على جعلها في خدمة التنمية المستدامة والحد من الفقر والفوارق الفئوية في العالم، مؤكدا على المسؤولية التاريخية لهذه المنظمة وكافة أعضائها فيما يخص المساهمة في توازن التجارة العالمية وردم الهوة بين مسلسلات التحرير التجاري في إطار اتفاقيات التبادل الحر ومسار النظام التجاري المتعدد الأطراف. إلى ذلك، أكد رئيس الحكومة بأن تعزيز دور ومكانة المنظمة العالمية للتجارة سيمكن من إرساء نظام تجاري متعدد الأطراف أكثر عدلا وانفتاحا يساعد على الاندماج الإيجابي لاقتصاديات البلدان الإفريقية في العولمة والاستفادة مما تتيحه من فرص، مشيرا إلى أن المغرب كان من أوائل الدول التي صادقت على مبادئ المنظمة، وذلك انسجاما مع التزامه بمبادئ حرية المبادرة وترسيخ اقتصاد السوق، المبني على أسس المنافسة النزيهة والمبادرة الخلاقة، وسعيه الدائم نحو الاندماج الإيجابي في الاقتصاد العالمي. وذكر ابن كيران، في هذا الصدد، بأن المغرب نهج، منذ استقلاله، خيارا استراتيجيا مبنيا على الحرية والتعددية السياسية، من جهة، وعلى ضمان أسس الاقتصاد الحر، من جهة ثانية، مؤكدا أن دستور فاتح يوليوز 2011 كرس هذا الخيار، حيث خصص حيزا هاما من مقتضياته للحقوق والحريات التي يتمتع بها المواطنون ونص على أن الدولة تضمن حرية المبادرة والمقاولة وعلى مبدأ التنافس الحر، كما نوه رئيس الحكومة بتنزيل المغرب لاستراتيجيات وبرامج قطاعية طموحة، واتخاذه لتدابير مهمة لتحسين مناخ الأعمال، وتنفيذه لأوراش كبرى تهم البنيات التحتية، وتسريعه لمسلسل التحرير الاقتصادي، وكذا انخراطه في سياسة إرادية في مجال النمو الأخضر تروم إدماج البعد البيئي وتطوير الطاقات البديلة في إطار رؤية شاملة تروم تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأكد ابن كيران، بهذا الخصوص، على أن المغرب أولى خاصة عناية للتنمية الاجتماعية، وعيا منه بأن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومتوازنة يبقى رهينا بتفعيل مبادئ التماسك الاجتماعي، مذكرا بإطلاق الملك محمد السادس المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في ماي 2005 كبرنامج يروم إدماج الفئات الهشة والفقيرة في مسلسل التنمية من خلال العمل على تحقيق تنمية منسجمة ومستدامة، وتعميم نظام المساعدة الطبية سنة 2012، واتخاذ إجراءات أخرى تروم تخفيض العجز الاجتماعي وتقليص الفوارق الفئوية.