قال رئيس الحكومة السيد عبد الإله ابن كيران، اليوم الأربعاء بمراكش، إن تعزيز دور ومكانة المنظمة العالمية للتجارة سيمكن من إرساء نظام تجاري متعدد الأطراف أكثر عدلا وانفتاحا، يساعد على الاندماج الإيجابي لاقتصاديات البلدان الإفريقية في العولمة والاستفادة مما تتيحه من فرص.وأضاف السيد ابن كيران، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للقاء الخاص بالوزراء الأفارقة بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال20 لتأسيس منظمة التجارة العالمية، أن لهذه المنظمة مسؤولية تاريخية للنهوض بالتجارة العالمية والمساهمة في توازنها وجعلها في خدمة التنمية وردم الهوة بين مسلسلات التحرير التجاري في إطار اتفاقيات التبادل الحر ومسار النظام التجاري المتعدد الأطراف. وأكد أن المملكة وبفضل الإنجازات التي حققتها على درب بناء اقتصاد تنافسي ومنفتح، تشاطر منظمة التجارة العالمية الأهداف والمرامي التي تسعى إلى تحقيقها في ما يخص تشجيع المبادلات التجارية، وتوفير الشروط المناسبة لانتعاش الاستثمار المنتج للقيمة المضافة والذي يوفر فرص الشغل ويضمن العيش الكريم لكافة المواطنين. وأبرز، من جانب آخر، أن طموح القارة الإفريقية لأداء دور اقتصادي طلائعي لا يرتبط فقط بتحرير التجارة، بل يتعين ربطه باستراتيجيات تنموية مبتكرة، من شأنها أن تقوي موقع القارة داخل المنظومة الدولية من أجل خلق الثروات والمحافظة على القطاعات المعيشية التي تضمن جزءا واسعا من الأمن الغذائي للشعوب، والتي تعد عاملا أساسيا لإرساء السلام والاستقرار السياسي، وشرطا أساسيا لأي استراتيجية تنموية اقتصادية وتجارية. وشدد في هذا الصدد على أن المغرب لن يدخر جهدا من أجل المساهمة في بلورة رؤية مستقبلية تروم تقوية مكانة الدول الإفريقية في تشكيل الضوابط التي تحكم النظام التجاري المتعدد الأطراف. واستطرد قائلا إن رفع التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه الدول الإفريقية يبقى منوطا بالتجديد العميق لنظام الإعانة التجارية، حيث إن إفريقيا لم تعد بحاجة إلى مساعدات تخصص فقط لتمويل الخبرة الأجنبية، بل إلى المواكبة في استلهام التجارب الناجحة وإلى الإرادة في التضامن لكي تتمكن من التحكم في مصيرها والاستفادة من إمكانياتها، مما يستدعي معالجة التفاوتات الموجودة، وإعطاء جولة الدوحة مضمونا فعليا للتنمية. كما أشار إلى أن هدا اللقاء يشكل مناسبة للتبادل والتشاور حول السبل والأدوات الكفيلة بالدفع قدما بوتيرة مفاوضات جولة الدوحة، ولتمكين القارة الإفريقية من التعبير مجددا عن التزامها لصالح النظام التجاري المتعدد الأطراف، واستعدادها للمساهمة الفعالة في البحث عن نقاط الإجماع التي ستضمن تقوية وتعزيز تحرير التجارة العالمية دون المساس بالحق في التنمية الذي تتطلع إليه الدول النامية، لاسيما دول القارة الإفريقية. من جانبه، أكد وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي السيد مولاي حفيظ العلمي، أن بناء منظمة للتجارة العالمية يعد أمرا أساسيا ومهما، مضيفا أن هذه المنظمة ملقاة على عاتقها مسؤولية كبيرة جدا. وأبرز أن المنظمة ومنذ تأسيسها بمراكش حققت نجاحا هاما كما قطعت أشواطا هامة وواجهت صعوبات، مما يعكس أن إبرام اتفاقيات ليس بالأمر الهين لأن المصالح لا تكون دائما موحدة ومتطابقة. وأضاف أن منظمة التجارة العالمية تواجه اليوم قضايا حاسمة تتطلب تدبيرا يستم بالجدية، معتبرا أن المنظمة لوحدها يمكن ويتعين أن تضطلع بدور مهم لإيجاد جواب ملائم لهذه القضايا في ظل نمط جديد من العولمة بشكل يجعل آلياتها أكثر نجاعة لإرساء تجارة أكثر إنصافا عبر العالم. وفي معرض تطرقه للقارة الإفريقية، سجل السيد العلمي أن القارة السمراء، التي تضم 16 في المائة من ساكنة العالم، لا تمثل سوى 3 في المائة من المبادلات الاقتصادية العالمية، معتبرا أن القارة تتيح فرصا هائلة تمكن من تدارك هذا التأخر. وأعرب عن الأمل في بناء انفتاح إفريقي حقيقي وتعزيز مبادلات البلدان الإفريقية مع العالم. من جهة أخرى، أكد الوزير أن اختيار المغرب لاقتصاد حر منفتح مكن المملكة من تعزيز نسيجها الاقتصادي، مبرزا أن نهج سياسة الانغلاق من قبل أي بلد يفرز فاعلين غير قادرين على التحرك في حين أن الانفتاح يتيح تعزيز قدرات ومكانة البلدان داخل المنظومة العالمية.