لا صيام لجماعة الزور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". الحديث رواه البخاري في كتاب الصوم (باب من لم يدع قول الزور) الزور مرض خبيث يصيب النفوس كما يصيب السرطان بخبثه الأبدان. الزور إصرار دائب على قلب الحقائق رأسا على عقب، وإعدام الشهادة من الواقع والمجتمع. لذلك عدت من أكبرالكبائر الموبقة المهلكة، ولذلك أيضا كان رسول الإسلام مرة يحدث الصحابة واعظا متكئا، فلما وصل إلى شهادة الزور في موعظته، جلس وجعل يكرر قوله «.. ألا وشهادة الزور.. ألا وشهادة الزور.. ألا وشهادة الزور..» حتى قال الصحابة «ليته سكت». ومن أكبر مشاهد الزور قلب حقيقة الصوم، فترى أحدهم جائعا منقطعا عن الطعام والشراب والجماع، لكنه مغرق في الكذب على الناس والحياة، عامل به في أيامه ولياليه. والحديث الذي بين أيدينا يهدينا إلى فائدتين ظاهرتين، الأولى وهي أن الزور قول وعمل به. فقوله صلى الله عليه وسلم «من لم يدع قول الزور والعمل به» إشارة إلى تلازم القول والعمل في آفة الزور، كما يتلازم القول والعمل في الإيمان. ومن الزور الغيبة والنميمة وقذف المحصنات، والشهادات المقلوبة.. الثانية وهي علاقة الصيام بقول الزور والعمل به.. فقوله صلى الله عليه وسلم «...فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» هداية إلى أن الزور قولا وعملا من أكبر مبطلات الصيام. فلا يجني المريض العليل بزوره من الصيام إلا التعب والجوع والمشقة. هو يقوم بتعذيب ذاتي لنفسه، بحرمان نفسه من الطعام. فكم من صائم ليس له من صيامه سوى الجوع والعطش ، وكم من قائم ليس له من قيامه سوى التعب والسهر. تلك مصيبة المصائب. أن تعمل عملا تحسبه عبادة مقبولة عند الله، لكنه في الميزان الرباني مجرد عذاب وخواء وهباء. فكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإن الصيام الحق ينهى عن قول الزور والعمل به في الحياة العامة والحياة الخاصة. ما أحوجنا إلى الصيام في حملاتنا من أجل تخليق الحياة، فهو عبادة، إلى جانب العبادات الأخرى، كفيلة بتنوير حياتنا، وإسعاد أنفسنا والآخرين، دون غلاف مالي يرهق الميزانية العليلة. حسن السرات