في هذا الشهر الكريم من عامنا هذا، وفي العام الذي مضى، لوحظ التدفق المتزايد على بيوت الله لإقام الصلوات المكتوبة ونافلة التراويح. تدفق يصل إلى حده الأقصى حتى لا يجد المتأخرون مكانا لهم داخل المساجد، فيضطرون إلى الصلاة خارجها، أو يبحثون عن مسجد آخر، أو يعودون من حيث أتوا لأدائها في بيوتهم والمكاتب. ولا يقتصر الأمر على صلاة التروايح فقط، ولكنه يمتد ليشمل صلاتي الظهر والعصر أيضا وكثيرا ما شوهدت جماعات أخرى تقيم صلاتها في الساحات المحيط بالمساجد والشوارع . ولا يقتصر الحال على المغاربة فقط، بل يتكرر المشهد الجميل أينما وليت وجهك قبل المشرق والمغرب، لترى أفواجا من الركع السجود يكبرون ويهللون ويسبحون الله ويستغفرونه. ترى لو أن جميع هؤلاء المغاربة أسعفتهم الأيام والأوقات ليحافظوا على صلواتهم في بيوت الله، هل ستكفيهم تلك المساجد التي داهمتها وهدمت بعضا منها فرق التفتيش باحثة عن خيوط من الدخان. وفي محراب كل مسجد وبيت يذكر فيه اسم الله يتغنى قراء، ما أحسن أصواتهم، بآيات الله وسوره، جيء بهم من كل فج عميق ليكونوا أئمة يصلون بالناس إيمانا واحتسابا. ويعتبر شهر رمضان موسما سنويا لحركة دائبة نشيطة لانتقال الأئمة القراء إلى المساجد، لإقام الصلوات، وأعراس القرآن في المنتديات المحلية والوطنية والدولية يتوج فيها قراء مهرة بررة، إذا سمعتهم حسبتهم يخشون الله. المشهد العام للقائمين المقيمي الصلاة الرافعين أصواتهم بالقرآن الكريم في الدنيا كلها، وقد حفت الملائكة بهم متنزلة من كل أمر، مشهد رائع ومدهش . ألم يخبرنا الله ورسوله أن الملائكة تعشق المجالس التي تتلى فيها الآيات ويتدارس فيها القرآن ؟. وفي مثل هذا الشهر من كل عام ، يلتحق بأفواج المؤمنين كوكبة من العتقاء الذي أكرمهم الله وأنعم عليهم بالتحرر من التيه والهوى والضلال، رغم مكرالماكرين وكيد الكائدين من عصابات الخمور والفجور وعظائم الأمور، ورغم حملات التجفيف والتمشيط التي تنظمها الأجهزة الأمنية الاستئصالية لكبح جماح التدين العالمي تحت الرعاية، اليقظة للولايات المتحدةالأمريكية. وهل يستطيع أحد أن يطفئ نور الله وقد أبى المولى إلا أن يظهره على الدين كله ولو كره الفاسقون؟ ألم تر إليهم وقد أمروا بمنع مسلسل " فارس بلا جواد" وهو الذي يمجد المقاومة، ويفضح استبداد الصهيونية، في حين يمولون الأفلام الإباحية المكشوفة من أموال الشعوب لتمجيد الفاحشة وإشاعتها في المستضعفين لتخديرهم والتحكم في رقابهم. القرآن أقوى وأعلى وأحلى، ولذلك فهو الأبقى. وماسواه أضعف وأدنى . ماأنزله الله على رسوله إلينا لنشقى، ولكن تذكرة لمن يخشى. من تمسك به سعد واهتدى. والأشقى الذي تركه أو وقف في وجهه احترق وهوى.