على غرار مسلمي العالم الذين يقيمون خارج الدائرة الإسلامية، يجد مسلمو إيطاليا من أصل أجنبي أنفسهم خلال شهر رمضان الفضيل أمام التزام مزدوج يتمثل في تدبير الإكراهات التي يمليها عليها مقامهم في بلد الاستقبال، وفي طموحهم المشروع إلى ممارسة شعائرهم الدينية خلال شهر الرحمة والغفران. ويجد المسلمون بإيطاليا أنفسهم مجبرين أحيانا على تقديم تضحيات إضافية من أجل أداء شعائرهم الدينية مع الالتزام بالقواعد التي يضعها مشغلوهم والحفاظ على المستوى المعهود ذاته من الحذر والإنتاجية في العمل. ويضطر البعض إلى تناول وجبة الإفطار في مكان العمل إذا كان يسمح لهم بذلك، أو الانتظار إلى حين مغادرة العمل من أجل الإفطار. ولا يمكن لمسلمي إيطاليا، الذين يقدر عددهم ب 2ر1 مليون نسمة، الاعتماد على الأذان لأداء الصلوات الخمس. فبدون الإقامة على مقربة من أحد المساجد (لا توجد إلا ثلاثة مساجد كبرى على التراب الإيطالي في كل من روما وميلانو وكاتانيا "صقلية") أو بأحد المقار العديدة التي جهزت من أجل أداء الصلاة، يسعى المسلم غالبا إلى التزود بيومية لأوقات الصلاة تطبعها المساجد الكبرى أو الاعتماد على الأنترنيت في معرفة أوقات الصلاة وبدء واختتام ساعات الصوم. وفي روما، المدينة الكوسموبوليتية، حيث يقيم حوالي 400 ألف مسلم من بينهم 6000 مغربي، لا يطرح المشكل بهذه الحدة. فيومية الصلوات الخمس التي يطبعها المركز الثقافي الإسلامي متوفرة نسبيا. وعلاوة على توزيع هذه اليوميات بالمركز، فإنها متوفرة بالمراكز التجارية التي يسيرها مسلمون خاصة محال الجزارة "حلال" التي يسيرها، في الغالب، مصريون والمحال التي يتاجر فيها مسلمون من الجالية الأسيوية، كثيرة العدد، في اللباس والسلع الأخرى. وبعد الإفطار، يتوجه المسلمون، الذين تضع بلدية روما رهن إشارتهم حافلات، بأعداد كبيرة إلى مسجد المركز الإسلامي من أجل أداء صلاة العشاء وأداء صلاة التراويح. ويتراوح ما بين 200 و2500 عدد الأشخاص الذين يتوجهون يوميا في جو من الخشوع لأداء شعائهم الدينية إلى مسجد المركز الإسلامي الذي تظهر فيه مهارة الصانع المغربي وبراعته من خلال الزليج والفسيفساء والرخام والخشب والشمعدانات والثريات وغيرها. ولا يجد المسلم بإيطاليا مثيلا للراحة التي يجدها في هذا المسجد إلا في مسجد آخر بميلانو (شمال) الذي لا يتسع إلا ما يتراوح بين 200 و300 مصل، وهو عدد قليل اعتبارا للتدفق الكبير على المسجد طيلة شهر رمضان. وتتم الصلاة فيه عبر مجموعات من أجل التغلب على مشكل ضيق المكان بالنسبة لأعداد المصلين. ومهما يكن من أمر، فإن المسلم بإيطاليا، المتشبث بدينه من جهة وبالتزاماته إزاء بلد الاستقبال من جهة أخرى، يستقبل بخشوع شهر رمضان الكريم، شهر التوبة والغفران ولكن أيضا شهر الجد والعمل.