أنصفت العدالة المغربية بالدارالبيضاء أخيرا الموظفتين (م.ح) و(م.أ) بتعويضهما بمبالغ مالية مهمة، لتعرضهما لطرد تعسفي بسبب إصرارهما على ارتداء الحجاب بالمختبرات الصيدلية كالينكا. وكانت إدارة المختبرات الصيدلية قد اتخذت، عقب أحداث 16 ماي الإرهابية، قرارا يلزم الموظفتين بإزالة الحجاب داخل المختبر، ووضع القبعة الواقية (البوني)، واتخذ في حقهما قرار تأديبي بفصلهما عن العمل بعد عشر سنوات من الخدمة. واعتبر مدير الموارد البشرية والشؤون القانونية في المؤسسة المذكورة أن إزالة الحجاب في المختبرات "لم تكن له علاقة بأحداث 16 ماي، وإنما تحتمه الجودة وشروطها الصارمة التي لا يمكن تجاوزها أو التهاون في تطبيقها في الميدان الدوائي"، حسب ما صرح به لأسبوعية البيضاوي في يونيو من السنة الفارطة، مشيرا إلى أن >طريقة اشتغال الموظفتين بحجابهما تتنافى مع ما يفرضه ظهير ثاني يوليوز 1947 من الفصل 24 منه في مجال توفير الصحة الضرورية لحفظ الأجراء". وأكد عبد المالك زعزاع، محام بهيئة الدارالبيضاء، ودفاع الموظفتين، أن "الحكم الابتدائي بتعويض الموظفتين بأكثر من ستين ألف درهم لكل واحدة منهما، مكسب كبير له دلالة رمزية أكثر منها مادية، وهو مكسب جديد لكل من يتعرض لمثل ما وقع للموظفتين، كما أن اللجوء إلى القضاء يرسخ الوعي الحقوقي والقانوني للمطالبة بالحقوق". وتمنى زعزاع أن تؤيد محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء الحكم الابتدائي، لأن قرار الطرد >لم يبن على سبب جوهري، وهو مخالف للفصل السادس من الدستور المغربي، الذي ينص على أنّ الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، والمادة 101 التي تؤكد عدم إمكانية مراجعة الإسلام والملكية في المغرب، كما أن الحجاب معتقد إسلامي ثابت في شريعة الإسلام بنص القرآن العظيم، ويدخل في مقتضيات النظام العام الذي يؤكد على الاحتشام". وأضاف زعزاع أن "كل الشروط التي يفرضها رب العمل، وتكون مخالفة للمقتضيات القانونية والدستورية والنظام العام بالمغرب، تعتبر باطلة". وذكر زعزاع بواقعة أنصفت العدالة صاحبها بالمحكمة الابتدائية والاستئنافية بالدارالبيضاء منذ أربع سنوات، إذ قضت بتعرض الأجير لطرد تعسفي وتعويضه، بسبب مغادرته للعمل لأداء صلاة الجمعة، لأن الطرد يخرق قرار الدولة بتقديم تسهيلات للموظفين لأداء صلاة الجمعة، وكان رب العمل قد اعتبر مغادرة الأجير تلقائية. كما ذكر المتحدث في اتصال هاتفي تم معه بنازلة قديمة بكلية الحقوق بمراكش بمنع شركة لارام مضيفات من لبس الحجاب، إذ اعتبر القضاء القرار باطلا لأنه يخالف النظام العام للمغرب. واعتبرت الموظفتان، من جهتهما، قرار الطرد، في شهادة نشرتها أسبوعية البيضاوي في يونيو من السنة المنصرمة، مجحفا وقالتا "إن القرار الذي اتخذته الإدارة مجحف في حقنا، فبعد رفضنا الامتثال لأوامر الإدارة المتمثلة في إزالة الحجاب داخل المختبر... وحيث تشبثنا بموقفنا حملتنا الإدارة مسؤولية ذلك، بدعوى أنها أصدرت قرارا تأديبيا في حقنا (الفصل عن المؤسسة)". وطالبت المتضررتان من العدالة بالعمل لإرجاع حقوقهما المهدورة وقالتا: "مهما يكن، لن نخلع الحجاب، ولن نرضخ لقرار الإدارة الجائر، ما دامت لدينا مبادئ نؤمن بها، ونعي أننا في بلد ديمقراطي يحترم حقوق الأشخاص الفردية، وأملنا كبير في العدالة المغربية التي حتما ستنصفنا". وقد تحقق للموظفتين أملهما في العدالة المغربية بإنصافهما وتعويضهما، وكرس الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء نزاهة القضاء المغربي. عبدلاوي لخلافة