عبد القادر محمد علي شخصية معروفة في الحياة السياسية في مدينة مليلية المحتلة منذ عدة سنوات.مسلم يبلغ 24 عاما، متزوج وأب لطفل. يعتبر من بين الفعاليات النشيطة في حركة الدفاع عن المجتمع الإسلامي في مليلية، الشيء الذي انتهى بحصول المسلمين مع نهاية الثمانينات على حقوقهم المدنية.هذا التآزر والوحدة مع المسلمين، جعلته دائما يحمل هم توحيد الصفوف ولم الشمل بين مختلف فعاليات وأطر الحركات الإسلامية في مليلية. في سنة 1996 اختير مرشحا للبرلمان الأوروبي على قائمة حزب يساري، وقد كانت له جولات في البرلمان الأوروبي، وخاض مجموعة من الصدامات والنزاعات في قضية الإسلام وأوروبا، التي كلف بإعداد تقرير فيها لم يرض بعض الجهات في البرلمان الأوروبي. حاليا ابتعد عن أي عمل سياسي وأصبح يعمل في مشغله الصغير، ويتحرك في خط الدعوة الإسلامية، ويترأس جمعية بدر الإسلامية في مليلية. "التجديد" التقت هذه الشخصية الفريدة التي بفضل تجربتها الأوروبية تمنحنا رؤية أكثر عمقا ووضوحا ودقة للوجود المليلي. نود منكم الحديث عن الإسلام والمسلمين في أوروبا، وخاصة عن تجربة جمعيتكم. يعيش العالم الإسلامي في العصر الراهن صراعا من الإديولوجيات والأفكار. المسلمون يمثلون النسبة العالية في كل العالم، هذا الكم الهائل يحاول بكل الطرق إيجاد حل بديل لمفهوم العولمة الذي أصبح يكتسح ويغزو كل بلاد العالم. أما عن تجربتي في جمعية بدر التي نؤسس فيها لخطاب ثقافي جديد، فرغم قلة الإمكانات وعدم الاستفادة من الدعم الذي تقدمه الحكومة للمنظمات غير الحكومية (لأننا في خياراتنا دائما نكون خارج نطاق تحكمها وسيطرتها) مع كوننا نتمتع بالحق في الاستفادة من الدعم لأننا نؤدي الضرائب، ولكن رغم ذلك نعتمد على التمويل الذاتي وعلى منح المحسنين. الإسلام يمكن أن يعيش في كل منطقة من مناطق العالم، لذلك انطلاقا من تجربتنا المتواضعة في أوروبا نؤكد بتفاؤل بأن الإسلام دين الانتصارات، رغم كل العوائق. والجمعية تعطي الأولوية للأطفال والنساء، فنضع لهم برامج للتكوين والتعليم الدينيين. لأن أبناءنا يعيشون في الواقع بعيدين عن الإسلام، لذلك يحتاجون منا إلى مجهودات جبارة. في أفق أن نبني مدارس إسلامية خاصة نسيرها ونضع برامجها. أما مدرسة البعثة المغربية، فهي صغيرة وأوضاعها مختلفة ومرافقها في حالة يرثى لها، لذلك ليس هناك إقبال عليها. في عام 2991 تم عقد اتفاق بين الحكومة الإسبانية ولجنة مسلمي إسبانيا قانون إطار تقرر فيه أن الإسلام ديانة لها نفس حقوق الديانات الأخرى، مثلا التدريس في المدارس الخاصة الاستفادة من الدعم الحكومي كما هو الحال عند الجالية اليهودية التي تستفيد من هذه الحقوق. ما هي الخدمات التي قدمتها جمعية بدر في مليلية؟ نقدم عدة خدمات في الميدان الاجتماعي والدعوي والثقافي لفائدة المسلمين في مليلية، ونحن في هذه السنة خلدنا الذكرى العاشرة لتأسيس الجمعية. وقررنا أن نركز في المرحلة المقبلة على التأسيس الثقافي والعلمي للإسلام في عقول وأفئدة الناس. نصدر مجلة "القبلة"، حاليا وصلنا إلى العدد السابع، وهو منبر مفتوح للدعوة والتثقيف نفتحه في وجه جميع الطاقات للكتابة. كما ننشط عدة محاضرات وعروض يكون فيها الحوار بصراحة ويقع نقاش حر لا نداهن فيه أحدا ونوصل كل أفكارنا بحرية. تمارسون الدعوة داخل القانون الإسباني، الذي مرجعيته الفكرية تؤطرها مقولة الصدام بين الحضارة الأوروبية والإسلامية. حسب رأيي، الإسلام دائما يتواصل ويتحاور مع الجميع، وفي جميع الظروف، سواء كان في وضع الأغلبية أو في وضع الأقلية. الإسلام ينتشر في أجواء الحرية بسرعة، وفي أوضاع القمع والتخلف ينكمش، فالإسلام بدون حرية لا يتقدم. والعلمانية في الغرب قد تكون عائقا، ولكن هناك دائما منافذ للدخول، الإسلام في أوروبا هو الدين الثاني، فهناك أزيد من 51 مليون مسلم، وفي فرنسا خمسة ملايين، وفي إنجلترا مليونان، وفي إسبانيا 008 ألف، وفي ألمانيا أربعة، وفي إيطاليا مليون. والدين الإسلامي يتحرك ويكتسح كل الساحات في المستقبل، شريطة أن نطور استراتيجياتنا في الدعوة في المناطق التي تسمى "بدار الحرب"، ولكنها اليوم أصبحت من أهم المناطق التي ينشر فيها الإسلام. على الآباء أن يقوموا بواجبهم نحو الأبناء بتعليمهم اللغة العربية والقرآن. وفي ما يخص النساء، هناك لجنة للتوعية الدينية. هل ستشاركون في الانتخابات الإسبانية القادمة ومع أي لون سياسي؟ على جمعية "بدر" أن تتواصل مع الجميع، في إطار خدمة مصالح المسلمين والدفاع عن حقوقهم. والشيء الأساسي هو الإخلاص في خدمة قضايا المسلمين. حين تحين الاستحقاقات سنحدد مع من سنكون، ولكن هنا في مليلية لم نستغل بالشكل الكافي الظروف التي مرت بنا في الحياة السياسية. وسائل الإعلام في الغرب تظهر الإسلام على أنه دين خطير يهين المرأة ويطمس حقوقها، ويدعو إلى الإرهاب والقتل. هل وسائل الإعلام الإسبانية تروج لهذه الصورة النمطية؟ هناك خط عالمي عدائي للإسلام، هو الذي يرسم هذه الصورة ويغذيها وينطلق من مرجعية المركزية الغربية. ليس هناك منصف في وسائل الإعلام الإسبانية، هناك خوف وعدم تفهم، بعد أحداث 11 شتنبر تخاف بعض الجرائد أن تتفهم قضايا المسلمين لكي لا تتهم بتشجيع الإرهاب. وهذا موقف طبيعي نابع من العقلية الغربية ولكل جريدة توجهها، لذلك لابد من غربلة ما ينشر، ونحن مطالبون أن نوجد من نحاور من المنصفين في الغرب من أجل تصحيح الصورة النمطية التي كونوها عن الإسلام. كنتم عضوا في البرلمان الأوروبي، مامدى الدور الذي قمتم به في مناصرة والدفاع عن قضايا المسلمين في أوروبا؟ المسلمون في أوروبا ليست عندهم استراتيجية موحدة للعمل، وللدفاع عن قضاياهم الحيوية، كنت من المحظوظين في الوصول إلى البرلمان الأوروبي (5 سنوات) وقد كانت هذه المدة للتدريب واكتساب ومعرفة آليات العمل التشريعية. ومع ذلك كلفت بإعداد تقرير عن العلاقة بين الإسلام والغرب، عارضه الحزب الذي كنت مرشحا على قائمته، وقوبل برفض شديد من طرف بعض النواب الذين وصفوه بالمتطرف والأصولي. على أفراد الجالية المسلمة في الغرب أن يستغلوا هذه المؤسسات والمنابر من أجل الدفاع عن حقوقهم وقضاياهم. ويجب عليهم كذلك تكوين اتحاد إسلامي يجمع جميع مسلمي أوروبا ليكونوا قوة يحسب لها الحساب من طرف جميع الحكومات الأوروبية، ولها صوت مسموع في الاتحاد الأوروبي. ما هي مشاريعكم الحالية والمستقبلية؟ أعكف على إنجاز مجموعة دراسات في السياسة والتجارب التي خضتها، أعيش اليوم مرحلة من حياتي تمنحني فيها روحانية الإسلام أجوبة لمجموعة من الأسئلة. الوقت يمر بسرعة، لذا يجب على المرء التعلم والقراءة خاصة في الإسلام بسرعة. "أنا" لا يجب أن تكون في قاموس المسلمين في حياتهم الدعوية. علينا أن نصنع رجالا مخلصين للدعوة. أشكركم في هذه الجريدة وأتمنى لكم التوفيق والنجاح. حاوره مراسل التجديد