ما أن كتبت جريدة "التجديد" افتتاحية حول ما يسمى "ملكة جمال الدارالبيضاء" يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر يوليوز الماضي حتى قام وكيل الشركة الساهرة على تنظيم هذه السفاسف بتهديد الجريدة بالمحاكمة وتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقرها. وظهر هذا التهديد في يومية "الصباح" يوم الجمعة السادس والعشرين من الشهر نفسه. وبذلك انطلقت معركة جديدة بين مروجي الإباحية والنخاسين الجدد والمدافعين عن كرامة المرأة المغربية وسمعتها الحقيقيتين. "التجديد" من جهتها نشرت فتاوى لعلماء من المشرق والمغرب في النازلة، وكتبت افتتاحية بعنوان "أخرجوهم من قريتكم، إنهم أناس يتطهرون". وقد تابعت جريدة "البيضاوي"، وهي أسبوعية جهوية جديدة الموضوع من أوله وأنجزت تقريرا حول اليوم الأخير من تلك المسابقة في عددها 11، وفي العدد12 قامت باستجواب كل من وكيل الشركة المنظمة وسكرتير تحرير"التجديد" حسن السرات.أما الوكيل المدعو أنس الجزولي فقد كشف عن تناقضات كبيرة في تصريحاته، وتوهم أن المجتمع المغربي كله يقف إلى جانبه، وأنه قد تغير رأسا على عقب وذلك هو نفس ما صرح به لجريدة أجنبية قامت بنشره الأسبوعية الفرنسية"لوكورييه أنتيرناسيونال" في شهر أبريل الماضي ضمن ملف عن التغيرات الحاصلة بالمغرب، على إثر تأجيل اختيار "ملكة جمال الرباط" من شهر أبريل إلى شهر شتنبر القادم أو إلى ما بعده، تجنبا لمواجهة مع الإسلاميين قد يستغيدون منها في حملتهم الانتخابية. ونفس المزاعم كررها لجريدة "البيضاوي" فندتها "التجديد" في افتتاحية يوم السبت والأحد 3و4 غشت الحالي تحت عنوان "ديمقراطية النخاسة والمايوه". متابعة للقضية ننشر لكم الاستجواب الذي أجرته"البيضاوي" مع سكرتير"التجديد" : يتم اتهامكم بأنكم لم تحضروا للحفل في الوقت الذي نشرتم فيه افتتاحية تنعتون فيه مسابقة "ملكة الجمال" بالنخاسة وبالقوادة. بأي وجه يتم اتهام المشاركات بالقوادة؟ من المعلوم على الصعيد الدولي أن مسابقات ما يسمى ملكة الجمال تخضع لتنظيم دولي تشرف عليه جمعية ما يسمى "ملكة جمال الكون" وهي منظمة أمريكية. وهي تجري مباريات إقصائية في البلدان والجهات والقارات، مثلها في ذلك مثل إقصائيات كأس العالم في مختلف أنواع الرياضة، وبالتالي فهي تفرض شروطا وقوانين لابد من التقيد بها على وكالاتها والوكالات الموازية لها أو التي تعمل معها بطريقة غير مباشرة. ومن المعلوم دوليا أن "فائزة" هذه السنة كانت من روسيا، وصفها الإعلام الروسي بأنها عاملة في جهاز الأمن وأنها صديقة للرئيس بوتين. غير أن المغرب لم يسجل مشاركته للمقاومة التي وجدها نواب المنظمة الدولية الغربية الإباحية في بلادنا. وبالفعل ذلك ما تم عندما أجل اختيار "ملكة جمال الرباط" في شهر أبريل الماضي تخوفا من ردة فعل الإسلاميين والاستغلال الانتخابوي لها كما يصف وكيل المسابقات الرديئة بالمغرب . فالقوانين والمساطر معروفة وأنتم في جريدة "البيضاوي" حضرتم ورأيتم ووصفتم ما في الحفل من عري ورقص ماجن.. فما يدور إذن واضح، ولابد فيه في المرحلة الحاسمة من الاختيار والفوز من الكشف عن كل شيء باستثناء مساحات قليلة من عورة الفتاة، فماذا يسمى هذا إن لم يسم نخاسة مثل نخاسة القرون السالفة. أما القوادة فهي الوساطة بين العارضات والطالبين والعاريات والناظرين، وهي أيضا دولية ومنظمة تنظيما محكما، وتقاومها عدد من الدول والأجهزة الأمنية والجمعيات المدنية في العالم كله، نظرا لجرائمها الفظيعة التي تتجاوز البيع والشراء، إلى الاختطاف والتعذيب والقتل. والعروض المذكورة مناسبة من المناسبات المفضلة عند زعماء القوادة الدولية ووسطائها. وهناك دول أصبحت تقوم بهذا الأمر تحت غطاء قانوني. أما المشاركات فلسن سوى فتيات بئيسات فقيرات وضعيفات يتم التغرير بهن عن طريق عدة وسائل، وعن طريق تيار عالمي من الإباحية الدولية. يرد عليكم منظمو المسابقة أنكم تستغلون التظاهرة لأغراض انتخابوية، وعندما يتم القيام بمبادرات مشابهة في فترات عادية لا تبدون أي احتجاج؟ ليس للأمر أي علاقة بالانتخابات ومناسبتها، فنحن دائما ننكر الفساد والعري والدعارة والقوادة كيفما كانت وأينما كانت، وذلك انطلاقا من ديننا الذي هو دين جميع المغاربة دون استثناء تاريخا ودستورا وواقعا، والمتهمون الحقيقيون هم الفاسدون المفسدون الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع لخدمة أغراض الاستعمار العالمي والاستكبار العالمي، وتمكين الكبار من الصغار. فلا يوجد في الإسلام إلا الدعوة إلى الحشمة والتعفف والأخلاق العالية النبيلة وحفظ الأعراض والأنساب وستر العورات، وليس هناك عالم واحد في الأقدمين إن كانت لديهم مثل هذه المهازل ولا في الآخرين المعاصرين من أفتي بعرض الأجساد الأنثوية ولحومها ومفاتنها على أنظار المشاهدين تحت غطاء مسابقات في الجمال. ولذلك فسنظل نرفض ونقاوم مثل هذا المنكر حتى نلقى الله. ولو جمعوا الشمس في يميننا والقمر في شمالنا على أن نترك ذلك فلن نتركه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا. وإذا كان الاعتراض والمقاومة سيؤديان بنا إلى المحاكمات والمعتقلات فذلك شرف عظيم لنا، وكما سبق أن قلنا في "التجديد" سابقا إن كانت الغيرة والشرف إرهابا فنحن أوائل الإرهابيين. هناك الآن دعاوى قضائية مرفوعة ضدكم من طرف أولياء المشاركات والشركة المنظمة، بالإضافة إلى وقفة احتجاجية مرتقبة أمام الجريدة، ماهي حججكم أمام المحكمة؟ بالنسبة للدعاوى القضائية التي يقال إنها مرفوعة ضد جريدتنا من طرف أولياء المشاركات والشركة المنظمة فذلك أمر يخصهم، وهم أحرار، ونحن نقول لهم، إننا ندعوكم أولا وقبل كل شيء إلى الله، ندعوكم لمراجعة مواقفكم وما قمتم به، إن الله لا يحب الفحش والفحشاء والشيطان هو الذي يأمر بالفحشاء، ومغفرة الله واسعة ورحمته وسعت كل شيء، وهو يغفر الذنوب مهما كانت وعظمت. أما إذا أصروا على عملهم وموقفهم فنحن أيضا نرفع أمرنا وقضاءنا إلى الله، وإذا أجمعوا أمرهم لتنظيم وقفة احتجاجية أمام جريدتنا فإننا سنلقاهم بما يليق بهم. وسنرد لهم الوقفة بوقفات واحتجاجات، أما حججنا أمام المحكمة فسنظهرها للمحكمة عندما تستدعينا للوقوف بين يديها. ثم إن حججنا أوضح من الشمس. المسابقة رخص بها ممثل الملك، الذي هو أمير المؤمنين، فهل ممثل أمير المؤمنين لا يحرص على شرف العائلات والشركة؟ لا نعلم طبيعة الطلب الذي تقدم به المنظمون إلى ممثل الملك. وتحت أي غطاء أو اسم أو نشاط تم ذلك. وكم من ممثل للملك يقضي أمرا ما، أو يحكم باسم جلالته في المحاكم ثم يراجع أمره وحكمه. فليس معنى ذلك أن ممثل الملك يقضي بما يأمر به الملك شخصيا. وكم من الأخطاء والمظالم يرتكبها رجال سلطة يمثلون الملك، فهل يسمى الملك هو المخطئ والظالم. ثم إن الملك بصفته الدستورية كأمير للمومنين لا يمكن أن يخالف شريعة الإسلام وهداه. فالملك الراحل الحسن الثاني عليه رحمه الله، كان قد تدخل شخصيا في قضية ملكة "جمال الرباط" سنة 7991، وتعهد بألا يتكرر مثل ذلك، وباعتبار الملك رئيسا للمجالس العلمية بالمغرب فلا يمكن أن يحل ما حرم الله أويحرم ما أحل الله. ماهو المبرر الذي يجعل البعض ينتصب مدافعا عن الإسلام ومدعيا أن الآخرين غير مسلمين ولهم علاقة بالقوادة الدولية؟ المفروض أن يقوم جميع المغاربة بالدفاع عن حرمات الإسلام ومحارمه، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، ومن رأى منهم منكرا فعليه تغييره بيده أو بلسانه أو بقلبه حسب الاستطاعة، وليس وراء هذه الدرجة الثالثة حبة خردل من إيمان. والذين يفعلون المنكر قد يكونون مسلمين وقد يكونون نصارى أومجوسا أو ملحدين.. أو لا دينيين.. ومن الوارد جدا أن ينزلق المسلم تحت ضغط الفقر والغزو البورنوغرافي والسياحة الجنسية والشذوذ الجنسي إلى كل أنواع الانحراف، ويظل مسلما لا يخرجه أحد من الإسلام. وهذه المسابقات ننكرها ونعتبرها امتهانا وإذلالا للمرأة، ولو كانت بموافقة الآباء والأولياء، ونعتبرها كذلك بابا من أبواب النخاسة والقوادة، وتنكرها جمعيات ومنظمات غير إسلامية في الجهات الأربع من العالم، وتسميها نفس الإسم أو أكثر، وتقيم مسيرات ومظاهرات ووقفات ضدها، في فرنسا مثلا جمعيات ضد الاستغلال الجنسي للمرأة بمختلف أنواعه مثل جمعية النساء الصحافيات Association des femmes journalistes (AFJ) ومثل جمعية Chienne de garde وجمعية (La meute) وجمعية Résistance à lagression publicitaire (R.A.P) وجمعية (Fondation scelles) وجمعيات أخرى موجودة في أوروبا مثل لوبي النساء الأوروبيات (LEF) ومثل جمعية النساء التايلانديات، وجمعية "أساريس" بالكيان الصهيوني و"إيريتاج" بالولايات المتحدة.. و"أركاد" ولوني وLe bouclier... مئات وآلاف الجمعيات، فهل هذه الجمعيات إسلاموية أو أصولية.. هذه جمعيات تتقاطع معنا، ومع الأسف لا نسمع لبعض الجمعيات النسائية المغربية أي صوت أو موقف أمام هذه الإهانة والاحتقار والاختزال للمرأة. أم أن كرامة المرأة لا تهمهم. ولماذا لا تنظم هذه الشركة وغيرها مثلا مسابقات في الأخلاق والعلوم والعفاف والكرامة. ولماذا لا تصرف أموالها على الفقيرات البائسات العانسات، فلا معنى لأن تعرض الفتاة محاسنها لتأخذ على ذلك شيكا أو تاجا أو مالا. فماذا يسمى هذا إن لمن يكن نوعا من أنواع الدعارة وبابا من أبواب النخاسة والمتاجرة في اللحوم الأنثوية.