قالت تقارير صحفية إن أكبر صدمة عانى منها الاقتصاد العالمي هذا العام تتمثل في أزمة انخفاض أسعار النفط. وأوضح تقرير نُشر بموقع صحيفة "Fainancial Times" المعنية بالشؤون الاقتصادية العالمية، أنه رغم مواجهة العالم لأحداث مشابهة من قبل إلا أن هذه الصدمة سيكون لها عواقب وخيمة وطويلة الأمد سيعاني منها العالم أجمع. وشدد التقرير على أن حجم الصدمة النفطية أكبر من أن تتم المبالغة فيها، فبينما استحوذت الأسواق العالمية على أهم أسباب تصاعد التوترات الجيوسياسية وأحداث التقلبات في سياسات البنوك المركزية في الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان، أصبح هناك عدد من الأسواق الكبيرة في مجال النفط غير مرئية وغير مؤثرة. وأدى ارتفاع الإنتاج وانخفاض الطلب إلى تنافس الموردين على العملاء المستعدين للحصول على النفط. وأضاف التقرير أنه برغم التأثير الكبير لانخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي، إلا أن هناك بعض الدول المستفيدة من هذا الوضع وأغلبها من الدول التي تستهلك كمًا كبيرًا من النفط وتعتمد في الحصول عليه على الاستيراد. وبالنسبة لمصدري النفط، فإن الوضع مظلم للغاية، وبحسب التقرير فإن الدول التي تميل إلى إنفاق عائدات النفط – مثل دول الخليج وأهمها السعودية وغيرها من مصدري النفط – بدلًا من الحفاظ عليها سيكونون الأقل قدرة على التكيف مع الواقع الجديد الذي تفرضه أسعار النفط. وكتبت وكالة "ستاندرد آند بورز" في تقرير عن منطقة الخليج، أن "التراجع الأخير في سعر المحروقات، وفي حال استمراره لفترة طويلة، سيكون له تأثير كبير"، وتشكل العائدات النفطية لدول مجلس التعاون الخليجي الست 46% من الناتج المحلي الإجمالي. واعتبرت ستاندرد آند بورز، حسب وكالات إخبارية، أن سلطنة عمان والبحرين الأكثر تأثرا، وحسب الاختصاصي في الأسواق الناشئة لدى مصرف "إتش إس بي سي" كريستيان ديزيغليز إن نصف الدول الناشئة ستتأثر سلبا بتراجع أسعار النفط. فالبرازيل استثمرت بكثافة في المنشآت والبنى التحتية النفطية التي سيكون من الصعب عليها استعادتها، كما حددت روسيا ميزانيتها على أساس سعر مائة دولار للبرميل، ويضيف أن "التراجع الكبير في سعر الروبل سيخفف الضغوط على الميزانية"، وتبدو المؤشرات كلها سلبية في فنزويلا التي تعاني أساسا من اختناق مالي ويشكل النفط 96 بالمائة من مصادرها من العملة الصعبة. كما يؤثر تراجع النفط على استخراج الوقود الصخري في الولاياتالمتحدة الذي يحتاج لاستثمارات ضخمة للحفاظ على وتيرة الإنتاج، ويعتبر المحللون أن الاستثمار في الوقود الصخري ليس مجديا عندما يكون سعر برميل النفط بين 65 وسبعين دولارا. ويرى محللون أن خطر الانكماش (الذي يعتبر دوامة من انخفاض الأسعار والعائدات) يؤدي إلى شلل اقتصادي، وهذا الخطر جاثم تحديدا على منطقة الأورو حيث تراجع التضخم إلى 0.3بالمائة في نونبر الماضي. ويسعى البنك المركزي الأوروبي للحيلولة دون دخول منطقة الأورو في الانكماش. ويتوقع أن تستفيد الكثير من الدول خصوصا المستوردة للنفط من انهيار الأسعار في السوق الدولية إلى مادون 59 دولار للبرميل( أول أمس الاربعاء) ، إذ ينجم عن انخفاض أسعار النفط انتقال للثروة من البلدان المنتجة إلى البلدان المستهلكة، متمثلة بكبرى الاقتصادات العالمية مثل الولاياتالمتحدة ومنطقة الأورو واليابان والصين. وتحصل الشركات كذلك على هامش أكبر وتتحسن القدرة الشرائية للمستهلكين. فأسعار الوقود في محطات الوقود تتراجع في المغرب مثلا سجلت الاسعار تراجعات متتالية منذ شتنبر 2014