عرف مسجد عقبة ابن نافع بالبيضاء الأسبوع الماضي حفلا قرآنيا أحياه طلبة كتاب المسجد، وذلك بحضور الشيخ الداعية محمد زحل والخطيب الدكتور محمد عز الدين توفيق والقارئ عبد الإله مفتاح وبعض أهل القرآن من الأساتذة والقراء والضيوف بالإضافة إلى السيد مصطفى بن عمور بن المحسن المعروف بالحاج بن عمور الذي لازال ابنه يتكفل بمصاريف المسجد مواصلا ما بدأه أبوه من حرص على رعاية هذه الصدقة الجارية. فبعد عصر يوم الجمعة 91/70/2002 زار خطيب المسجد الدكتور عز الدين توفيق الكتاب القرآني التابع للمسجد، وألقى كلمة توجيهية أمام حفظة القرآن الكريم، أوضح فيها بأن الهدف من توزيع الجوائز على طلبة القرآن الكريم هو تشجيعهم على الاستمرار في الحفظ وضرورة الاستفادة من العطلة، وخاطب الخطيب عز الدين توفيق الأطفال واليافعين بقوله: «أنتم رجال الغد.. وأنتم محظوظون، ونريد منكم أن تعرفوا قيمة القرآن الكريم وفضل الله عليكم، حيث تيسر لكم ما لم يتيسر لأبناء آخرين..» وحثهم على أن يكونوا قدوة في المواظبة على الحضور والحفظ، وذكرهم بأنهم لا يحفظون قصائد كبار الشعراء أو قطع الأدباء، بل يحفظون كلام الله عز وجل، وأضاف أنه لولا القوة التي زودنا الله بها لنقرأ كتابه لن نستطيع قراءته ولولا أن الله تعالى أعطانا القوة لحفظه وفهمه لما فعلنا ذلك، وحفزهم على استغلال وقت الصغر لحفظ كتاب الله وأن يكون هدف كل واحد منهم، هو الوصول إلى حفظ القرآن الكريم كاملا وأن يكون حاملا لكتاب الله. وأشار عز الدين توفيق إلى أن تكريم طلاب العلم وخصوصا الذين يشتغلون بكتاب الله علما وفهما وتدبرا، أولى من تكريم الرياضيين والتفاهين والسخفاء. وعبر عن فرحه بهذا الحفل القرآني التكريمي لطلبة الكتاب القرآني مذكرا بأن القرآن الكريم هو خير كله، فيه خير الدنيا وخير الآخرة، فيه أحكام ديننا وفيه أخلاقنا وأدابنا وفيه الحلال والحرام.. وفيه كل شيء يحتاجه المسلم وختم كلامه بحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات. وبعد صلاة المغرب بدأ الحفل التكريمي داخل مسجد عقبة بن نافع، حيث بدأ بكلمة ترحيبية من خطيب المسجد أوضح فيها أن تنظيم هذا الحفل القرآني جاء في إطار تشجيع الأبناء على الاستفادة من العطلة الصيفية في أفضل عمل وهو حفظ القرآن الكريم، وأشار إلى أن السياحة لها مستويان اثنان: أولهما بدني والثاني روحي مضيفا أن السياحة الروحية أفضل من السياحة البدنية ،لأن دليلها ومرشدها هو القرآن الكريم الذي يرشد إلى سياحة النظر في ملكوت الله ومخلوقاته. ثم تناول الكلمة الشيخ الداعية محمد زحل أوضح في بدايتها بأن الحديث عن القرآن الكريم هو حديث ذو شجون، مؤكدا أن "القرآن هو مصدر عزنا وضمان وجودنا وكرامتنا" وذكر بأن للقرآن علينا حقوق ومن أهمها: إنشاء المراكز التي يتعلم فيها الأبناء القرآن الكريم، وأضاف أن الأمة إذا أرادت أن تسترجع عزها ومجدها ومكانتها التي كانت لها فالمنطلق هو العودة إلى كتاب الله بدءا بإنشاء المراكز لذلك، ومضى قائلا أن الوضع الذي تعيشه الأمة الإسلامية الآن مع القرآن "وضع شاذ" مشيرا إلى أن أهم مظاهر ذلك تتجلى في جعل القرآن شيئا ثانويا و"في مؤخرة شعورنا" وشدد على أن هذا الوضع غير مناسب للقرآن الكريم، وأن الأمة هي التي ستستفيد من إرجاع الوضع إلى طبيعته.. مضيفا أنه لا يخشى على القرآن من الضياع، لأن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظه، وقال الشيخ زحل بأن أضعف الإيمان ألا يخلو مسجد من مدرسة قرآنية، وألا تخلو حارة أو درب من مدرسة قرآنية، أما الوضع الطبيعي يضيف الشيخ زحل فهو أن يكون القرآن في جميع مدارسنا، على اختلاف مشاربها وتخصصاتها، وأن يأخذ التعليم الإسلامي الحيز الأكبر في مدارسنا من الروض إلى الجامعة، وانتقد الشيخ اعتبار القرآن الكريم تخصصا من ضمن التخصصات بل والتعامل معه بأدنى من ذلك! وأضاف بصراحة جارحة أننا أهنا القرآن وأهملناه، موضحا بأن هذا التعامل مع القرآن غريب عن المغاربة وذكر الحضور عن مشاهدته التي سجلها سنة 3691 حيث قدم إلى الدارالبيضاء فوجد أنه يوجد في جمع الأزقة والدروب وليس الشوارع الرئيسية كتابان أو ثلاثة وأضاف أنه بعد هبوب نسمات الاستقلال أصبح التعليم علمانيا من أقصاه إلى أقصاه وتحولت الكتاتيب إلى "مدارس نموذجية" أخليت من محتواها الحقيقي الذي هو القرآن الكريم. ونبه الشيخ محمد زحل كل المسلمين من الأغنياء والفقراء إلى هذا الأمر وحثهم على أن يولوه العناية اللائقة به، وقبيل أن يختم كلامه قال الشيخ زحل للحضور: «أنتم تعلمون الآن أنه قد أعلنت علينا الحرب.. وقد صرحوا بأنهم يريدون أن يجففوا ينابيع الثقافة الإسلامية.. وهذا لم يعد سرا» في إشارة إلى حملة أمريكا على ما أسمته ب"الإرهاب" بعد أحداث 11 شتنبر الماضي وختم الشيخ محمد زحل كلمته بقوله: إذا لم تكن لدينا غيرة فينبغي على الأقل أن نكون في عناد مع هؤلاء الصليبيين واليهود وأن نسير في عكس اتجاههم لأن مصلحتنا هي السير في الاتجاه المعاكس لما يريدون. وبعد ذلك استمع الحضور إلى قراءات بعض الطلبة كما قام تلاميذ الكتاب بتلاوة متن ابن الجوزية علي الطريقة المغربية. وبالمناسبة صرح الطفل الحافظ لكتاب الله: عبد الرحمان ألحيان(12سنة) للتجديد بالقول:» أحفظ القرآن كاملا، والآن أراجعه وأنا في الحزب 45 ، في البداية كنت أحفظ بالعصا ،أما الآن فأن أقرؤه بحب وأشعر بأني أفضل من أقراني ،أتمنى أن أصلي بالناس وأقدم الدروس كالأستاذ عز الدين توفيق ، كما أتمنى أن التحق بمسجد الحسن الثاني لأكمل ما ينقصني من الأشياء الأخرى كالرياضيات وغيرها»، أما صديقه إبراهيم أومالي فيتمنى أن يدخل الجنة ويشفع في سبعين من أقاربه . وختم الحفل بتوزيع الجوائز التشجيعية وبالدعاء الصالح لكل من يسعى في نشر كتاب الله وعنى به. إسماعيل العلوي