كلما ذكر مسجد الشهداء بالدارالبيضاء، إلا وذكر معه اسم مصطفى الغربي، الإمام الذي ارتبط به منذ سنة ,1982 واستطاع طيلة عقدين ونيف أن يستقطب الآلاف من المصلين في كل شهر رمضان بشكل كبير. يتوافد على مسجد الشهداء خلال صلاة التراويح حوالي 12 ألف مصل يملؤون قاعاته الداخلية المخصصة للرجال والنساء، التي لا تزيد طاقتها الاستيعابية عن 3 آلاف مصل على مساحة تصل إلى 500 متر مربع قاعة للرجال بسعة 2500 مصل، وقاعة للنساء بسعة أزيد من 500 مصلية، والساحات المجاورة الممتدة من حي جمال غربا إلى ملعب الصخور السوداء شرقا، على مساحة تقدر بحوالي 8 آلاف متر مربع. وبحسب العديد من المصلين فإن هذا الرقم مرشح للارتفاع إلى الضعف، مع انتشار خبر عودة القارئ مصطفى الغربي هذه السنة إلى أداء صلاة التروايح، بعد أن غاب عنها السنة المنصرمة. ومن جهة أخرى، يشهد فناء المسجد يوميا إفطارات جماعية يقوم بها محسنون لفائدة المتسولين وأصحاب بعض الحرف الذين يوجد ذويهم خارج الدارالبيضاء، والمصلين القادمين من المدن القريبة كبرشيد والمحمدية وحد السوالم.. ويسهر على تنظيم الصلاة بمسجد الشهداء طاقم من الشباب يتقدمهم المؤذن محمد ونائب الإمام يونس الغربي، إضافة إلى بعض النسوة المتطوعات اللواتي يعملن في الجناح المخصص للمصليات على مرور صلاة التراويح في أحسن الظروف والأحوال. قًدم الغربي، ذو 49 ربيعا، في بداية السبعينات إلى كريان سيدي عثمان، واحتضنه في بادئ الأمر مسجد الشباب ببلوك ,20 ثم مسجد المحسنين ببلوك ,2 وبعدها انتقل إلى مسجد كريان بن سليمان ببورنازيل في أواخر السبعينات. استطاع الغربي حفظ القرآن عن طريق السمع في قريته في ظرف أربع سنوات، من سن الثامنة إلى الثانية عشر، شأنه في ذلك شأن ابنه يونس الذي استطاع استكمال حفظ القرآن وبالطريقة نفسها وفي المدة الزمنية ذاتها، وهو ابن الحادية عشر. كانت رغبة الفتى الغربي كبيرة في التألق، خاصة أنه كان بعيدا عن أهله، ومصابا بعاهة ضعف البصر، وفي المقابل يتمتع بصوت شجي وجذاب. ثابر وتحدى إعاقته، فأصبح حديث البيضاوين والمغاربة وقتها، ودخل البيوت دون استئذان عبر تسجيلاته الصوتية التي، ولا شك، كان لها الأثر الكبير في الإقبال المتزايد للشباب المغربي والعربي على كتاب الله عز وجل. تمكن الغربي في ثمانينات القرن الماضي من أسر قلوب محبيه من خارج الدارالبيضاء الذين يعشقون رقة وعذوبة صوته، فكانوا يتجهمون عناء السفر يوميا للانتقال من الضواحي والمدن القريبة كبرشيد وبوزنيقة وحد السوالم... إلى مسجد الشهداء لشهود صلاة التراويح مع إمامهم المفضل، كما يحدث اليوم في محاكاة عجيبة مع القارئ عمر القزابري والعيون الكوشي وغيرهما. ارتبط مسجد الشهداء بالمقبرة التي تجاوره، والتي تحكي صفحات مجيدة من تاريخ وبطولات الشعب المغربي الأبي ضد المحتل الفرنسي. شيد هذا المسجد على مساحة تصل إلى حوالي 3 ألف متر مربع، ويضم مدرسة لتحفيظ وتجويد القرآن الكريم، تخرج منها العديد من الحفاظ والقراء وأساتذة في علم التجويد ودروس الوعظ والإرشاد من أمثال مصطفى الغربي وعبد اللطيف بكار. تناوب على الإشراف عليها أساتذة أجلاء كالشيخ عبد اللطيف محفوظ وأحمد لمفضل في فرع التحفيظ، وسعيد ربيع ومصطفى الغربي في فرع التجويد، وعبد الرحيم العليوي في فرع العلوم الشرعية.