ما إن ضغطت رابحة عند الماء على زر هاتفها المحمول وعرفت أن التجديد تريد منها تصريحا حول محنتها مع كابوس اسمه الالتحاق بالزوج، حتى تحول التصريح إلى تصريخ، وسبقت دموع عينيها كلمات لسانها، لنتابع تصريح الأستاذة رابحة (أستاذة التعليم الأساسي) وهي تلخص معاناة أسرتها التي شتتها الحركة الانتقالية (زوجها مدير مؤسسة تربوية ولهما أربعة أبناء): >منذ خمس سنوات وأنا آمل في الالتحاق بزوجي، الذي يبعد مقر عملي عن مقر عمله بحوالي 061 كيلومترا، إضافة إلى أن أبناءنا الأربعة بدورهم اضطرتهم ظروفنا إلى العيش مع جدتهم، أدعو وزير التربية الوطنية إلى قراءة ملفي، أمضيت إحدى وعشرين سنة من التفاني في العمل، لن تجدوا في ملفي ولو شهادة طبية واحدة، لم أكن أتغيب عن العمل إلا في فترات الولادة، أهكذا يجازى المجدون؟ ألا تستحق أسر رجال التعليم إلا التشتيت؟ اللحظات التي ألتقي فيها بزوجي وأولادي نقضيها فقط في البكاء والتحسر على أسرة ضائعة ومشتتة. لقد نفذ صبري ولم أعد أحتمل، أبنائي يعيشون في جحيم، منهم اثنان يخطوان خطواتهما الأولى في سن المراهقة، وهما معرضان للضياع، فبأي نفسية سأعمل؟ ما ذنبي وما ذنب أسرتي؟ لقد استنفذت كل الوسائل، حتى إن المفتشين أصبحوا يصرحون لي بأنه لم تعد هناك من جدوى لزياراتهم إلى حصصي، لأنهم أعطوني أعلى النقط الممكنة ولم تشفع لي في الانتقال، فلماذا سيزورونني إذن؟ أعلن أني مرضت وأصبت بالإحباط وربما سأصاب بالجنون، لا أطالب بأكثر من تمتيعي بحق الاقتراب من فلذات كبدي لأتمكن من رعايتهم، فلا يعقل أن أرعى أبناء الناس وأبنائي يضيعون مني".