سجلت في موسكو مظاهر للتعصب ضد المسلمين خاصة العرقيات الشيشانية والأنجوشية فيما تسود حالة من الرعب بين سكان العاصمة خوفا من تفجيرات جديدة، بالرغم من التأكيدات الرسمية الروسية بعدم مشاركة مسلمين من روسيا أو الشيشان أو من القوميات القوقازية الأخرى في واقعة احتجاز الرهائن بإحدى مدارس أوسيتيا الشمالية. ووفقا لمصادر الشرطة الروسية، فقد قام سكان موسكو خلال الأيام الثلاثة الأولى من سبتمبر 2004 بتقديم 852 بلاغا للسلطات الأمنية عن وجود أكياس مريبة في الميادين والشوارع العامة، وتم في كل مرة إرسال فرقة متفجرات، لكن في النهاية لم يتم العثور على أي مواد متفجرة. وعزز من تلك المخاوف ما ذكرته صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية السبت 4-9-2004 نقلا عن تقارير مخابراتية أن فتاة شيشانية تبلغ من العمر 21 عاما مختبئة في العاصمة، وتستعد لتنفيذ عملية تفجيرية في إحدى ساحات موسكو الكبرى. وكشفت جولة قام بها مراسل "إسلام أون لاين.نت" في موسكو الأحد 5-9-2004 داخل مترو الأنفاق بموسكو أن مناخا من التعصب يسود ضد المسلمين ولكن ليس على نطاق واسع. وفي إحدى المحطات وضع ملصق على أحد الجدران مكتوب عليه بخط اليد: "لا بد من التخلص منهم قبل أن يجهزوا علينا"، ورسم بجوار تلك العبارة الهلال (إشارة إلى المسلمين). وفي داخل إحدى عربات القطار كان عدد من المواطنين الروس يتجاذبون أطراف الحديث حول الأحداث الأخيرة التي وقعت في مدينة بيسلان بأوسيتيا الشمالية بجنوب روسيا وما سبقها من تفجير طائرتين روسيتين. وأخذ المشاركون في النقاش يوجهون أصابع الاتهام للشيشانيين، واعتبروهم مصدر كل الحوادث التي شهدتها بلادهم مؤخرا، وطالب أحدهم بإقامة طوق أمني حول الجمهورية الشيشانية بحيث يمنع أي شيشاني من عبور الحدود! غير أن رجلا كان يقف بجواره بادره بالقول: "الشيشان مثل الصراصير سينجحون في اجتياز ذلك الطوق الأمني، كما وقع من قبل!". وأثناء توقف القطار في محطة تالية دخل للعربة سيدات محجبات، فتركزت أنظار كل الركاب تقريبا عليهن، وبدت في أعينهم مشاعر الريبة والخوف في الوقت نفسه من أن تكون هؤلاء المحجبات من الشيشان ويستعددن لتنفيذ عملية. وردا على سؤال لشبكة "إسلام أون لاين.نت" كشف مسئول بالقسم الإعلامي لشرطة موسكو عن وقوع أحداث تعصب أو اعتداءات ضد المسلمين في المدينة خلال الفترة الماضية، وأوضح أنه وقعت أكثر من 30 حادثة تعصب عرقي وديني تمثلت في عمليات تحرش وسب مسلمين أغلبهم من قوميات خلال الفترة من 2 إلى 4 سبتمبر 2004، وتم الإبلاغ عنها وتحرير محاضر بذلك. وأوضح المصدر نفسه أن هذه الحوادث طالت فتيات محجبات تعرضن للسب والشتائم، ومسلمين ينتمون لقوميات قوقازية تعرضوا للشتائم أو للضرب أحيانا؛ وهو ما أسفر عن إصابة بعضهم إصابات طفيفة. جدير بالذكر أن الحكومة الفدرالية الروسية أشارت في البيانات الإعلامية المتوالية منذ النهاية الدامية إلى أزمة الرهائن في أوسيتيا إلى أن "أيديًا خارجية نفذت عملية إرهابية في مدرسة بمدينة بيسلان"، وأنه لا توجد صلات لهذه الأيدي بالمسلمين في جمهوريات روسيا. من جانبها ركزت وسائل الإعلام الروسية في تغطيتها للأزمة عما اعتبرته مؤشرات عن مشاركة 10 عرب في احتجاز الرهائن بالمدرسة. ولم تقتصر مظاهر التعصب داخل روسيا؛ بل امتدت أيضا لخارجها؛ فقد ذكر مراسل ل"إسلام أون لاين.نت" أن طائرة "شارتر" (طيران عارض) تأخر إقلاعها يوم الخميس 2-9-2004 من شرم الشيخ لموسكو إثر اعتراض ركابها وأغلبهم من الروس على صعود مواطن روسي مسلم كان يقرأ القرآن قبل دقائق من السماح للركاب بالصعود؛ ظنا منهم أنه بتأهب للقيام بعملية استشهادية. وتطلّب الأمر تدخل مسئولين أمنيين مصريين لإقناع الركاب بأن الطائرة مؤمَّنة تماما، وأنه تم التأكد من أن جميع الركاب لا يحملون أسلحة أو آلات حادة بحوزتهم. وتفجرت الأزمة الشيشانية في عام 1999 حين غزا 80 ألف جندي روسي جمهورية الشيشان في إطار ما أسمته موسكو توجيه "ضربة سريعة ضد عمليات الإرهاب"، استهدفت قمع رغبة غالبية الشيشانيين بالانفصال عن الاتحاد الروسي، ولكن هذه الضربة السريعة ما لبثت أن تحولت إلى حرب ضروس مع المقاتلين الشيشان لا تزال تداعياتها مستمرة إلى اليوم. وتقدر جماعات حقوقية عدد القتلى من الجنود الروس في هذه الحرب بنحو 12 ألفا، إلا أن هناك تقديرات أخرى تخفض العدد إلى 5000، بينما تقدر أعداد الضحايا من المدنيين الشيشانيين بعشرات الآلاف، في الوقت الذي قادت الحرب إلى ما يشبه عملية تهجير قسري لنحو 50 ألف شيشاني إلى الجمهوريات القوقازية المجاورة. وتلقى الانتهاكات الروسية لحقوق الإنسان في الشيشان -مثل خطف مدنيين واحتجاز السيدات كرهائن- انتقادات حادة دورية من منظمات حقوقية غربية ودولية إسلام أونلاين