نشرت بعض المواقع الالكترونية خبرا مفادها سيطرة " جماعة بيت المقدس " على شمال سيناء . هذا الخبر نذير شؤم بالنسبة لمصر ومؤشر على ان سيناريوهات التفتيت والاشغال للمنطقة جارية على قدم وساق وقد تكون مصر واحدة من البلاد العربية المستهدفة لعدة اسباب : - هو مدعاة للتدخل في الشان المصري ان لم يكن بشكل مباشر كما هو الشان في العراقوسوريا فبطريقة غير مباشرة من خلال تبيض وجه الانقلاب وغسل يده الملطختين بالدماء المصرية تحت شعار : الحرب ضد الارهاب وقد تابعنا كيف ساوم قادة الانقلاب قيادة التحالف الدولي بالانضمام الى التحالف من خلال توسيع دائرة ما سمي بالحرب على الارهاب كي تشمل مصر وتشمل بطبيعة الحال وفي عملية خلط فجة الحركات المعارضة للاستبداد في المنطقة - نتذكر ان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق انما نشأ وتطور على يمين يمين الثورة السورية وفصائلها العلمانية والإسلامية المعتدلة . ونتذكر ان الثورة السورية قد نشأت في سياق انتفاضات الربيع الديمقراطي في المنطقة العربية ، ثورة مدنية سلمية قبل ان يفرض عليها القمع الدموي الوحشي للنظام السوري الانزلاق نحو المقاومة المسلحة ، وسرعان ما دخلت على الخط جماعات جهادية ثم تنظيم القاعدة ثم نشا على يمين تنظيم القاعدة تنظيم الدولة الاسلامية ( تنظيم البغدادي ) الذي خرج عن طاعة ايمن الظاهري ، وصار هم تنظيم الدولة مواجهة فصائل الثورة السورية و" تحرير" عدة مناطق سورية التي آلت الى الجيش الحر والفصائل المتعاونة او المنضوية تحت لوائه ، فكانت مواجهة القوات الأسدية اخر اهتمامها - تبين اصول تنظيم الدولة ان كثيرا من قياداته قد خرجت من سجون الاسد في دمشق بينما فريق اخر قد اخلي سبيله من سجون " المالكي " ، كما أن التقدم السريع وتساقط عدد من المناطق في العراق تحت سيطرته لم يكن بالضرورة نتيجة قوة ذاتية للتنظيم وانما عن طريق تواطؤ عدد من قيادات الجيش العراقي التي " انهارت " بسهولة منقطعة النظير مخافة وراءها خزائن كبيرة من الاسلحة فضلا عن تجاوب عدد من القيادات البعثية السابقة والعشائر التي عانت من الاستبداد الطائفي تحت حكم المالكي اي ان كل الشروط كانت قد هيئت لاستنبات تنظيم "الدولة الاسلامية " - تشير عدد من المؤشرات الى ان تنظيم" الدولة" قد استفاد في مراحل من مراحل تطور الصراع من تعاون عدد من دول الجوار في الوقت الذي كان هذا الدعم شحيحا بالنسبة لفصائل الجيش الحر الوطنية والإسلامية المعتدلة ، واليوم بدا الكل يبدي خطابا اخر وينظم الى التحالف وكان التنظيم الذي استخدم لغايات معينة قد انتهت صلاحيته !! وفي المحصلة فقد استخدم تنظيم الدولة او تم التغاضي عن تطوره لعدة دواعي وغايات استراتيجية منها: - التخويف من الثورة السورية وهو هدف مزدوج كان يخدم الغرب المنافق الذي لا يريد دولة ديمقراطية على الحدود مع اسرائيل بل يريد سوريا الى دولة ضعيفة مفككة الاوصال منهكة بالانقسامات الطائفية ومنشغلة الى الأبد بالبحث عن التوازنات الطائفية كما هو الشان مع لبنان ، كما يخدم نظام بشار الاسد الذي يقول : انتم مخيرون بين نظامي وبين دولة " داعش " يصاب المرء بالقرف وهو يرى كيف يتصرف الغرب المنافق بمعايير مزدوجة حين يتعلق الأمر بالأرواح البشرية : ظل الشعب السوري يقتل ويذبح لأكثر من سنتين وذهب اكثر من الف سوري رجالا ونساء ضحية السلاح الكيمياوي ، وأقيمت الدنيا ولم تقعد في مؤتمرات جنيف واحد وجنيف اثنين وسمعنا عن تدخل دولي وشيك وقف الفيتو السوري في وجهه وصوت البرلمان البريطاني ضد انضمام بريطانيا للتحالف ، ونسي العالم الحر المرهف " الإحساس " لصور الاعدام المصورة بطريقة سينيمائية مئات الآلاف من ضحايا القصف اليومي للطيران السوري ولقصق البراميل ثم القصف بالكيمياوي ، فتحرك ضميره فجأة لاستهداف لاستهداف نصارى سورياوالعراق والازيدية وبعض الصحفيين الغربيين المحتجزين ( مع وجود من يشكك في ذلك ومنهم غربيون ) وكان الدم غير الدم والإنسان غير الانسان . - التنظيم بصور الوحشية التي تنتشر عنه يقدم فرصة مواتية لدعم التوجهات الاسلاموفوبية التي تغذيها الأوساط المخترقة من اللوبيات المتصهينة والتي تسعى الى محو الصورة المضيئة التي رسخها الربيع الديمقراطي في المنطقة من ان الشعوب قادرة من خلال تحركها السلمي على مواجهة الاستبداد والفساد بوسائل سلمية وأنها قادرة على ان تصطف صفا واحدا بعيدا عن التصنيفات الأيديولوجية لست من دعاة نظرية المؤامرة ولا ازعم ان هذا التنظيم صناعة أمريكية او إيرانية كما يقول البعض ولكن ما يمكن قوله ان تنظيمات الغلو والتطرف لها قابلية للاختراق والتوجيه ، ومن ثمة لها قابلية كي تتحول الى معول يستخدمه خصوم الامة لتشويهها والى جزء من ادوات التفتيت والتجزئ للمنطقة واشغالها وصرف شعوبها عن قضاياها الحقيقية اي قضايا التحرر السياسي والاجتماعي ( مطلب إسقاط الاستبداد والفساد وإقامة العدالة الاجتماعية ) ويستطيع اليوم كل ذي عقل سليم ان يقارن بمرحلة الربيع الديمقراطي حيث كان الحراك وطنيا سلميا جامعا ، وهو الحراك الذي اثار تعاطف شعوب العالم وتوارى خطاب " القاعدة " والخطاب " الجهادي " كي تصبح فيه الكلمة الفصل للنضال المدني السلمي الذي وضع الاستبداد والمستبدين والفساد والمفسدين محاصرين في الزاوية ، وبين الصورة التي تقدم بها المنطقة العربية والإسلامية الى العالم من خلال مشاهد الرعب " الداعشي " اصبح اليوم للاستبداد والمستبدين وفلول الثورات صوت وموقع وصاروا يسبحون على امواج مواجهة الارهاب وخطر " الدولة الاسلامية في سورياوالعراق " اليوم يتكون حلف دولي مريب لمواجهة " داعش" لا احد يستطيع اليوم ان يؤكد فاعليته ونجاعته في مقامة هذا المارد الذي خرج من رحم مخابرات دولية وإقليمية او على الاقل تطور وترعرع تحت عينيها ودعمها واستخدمه كل طرف رغم تعارض مواقعهم لأغراض تتعلق بالنفوذ الاقليمي وتحجيم التحول الديمقراطي في المنطقة وتحريف مساره من خلال اختراقه والتحكم في مساره بالشكل الذي يخدم تلك المصالح الخلاصة انه هناك اليوم عملية خلط أوراق ، وهناك لعب في النار وحروب بالوكالة تجري في بلاد الرافدين ولا يبدو ان نارها الملتهبة ستقف هناك . وما هو واضح وبين جملة خلاصات على الشكل التالي : - اعلان سيطرة جيش أنصار بيت المقدس على شمال سيناء نذير شؤم لان دخول تنظيمات على شاكلة القاعدة او ما هو اكثر تطرفا منها مؤشر على مرحلة طويلة من عدم الاستقرار وعلى اقل تقدير تبييض للانقلاب او للاجهاز على الحقوق السياسية والمدنية تحت دعوى مقاومة الارهاب كما حدث منذ احداث الحادي عشر شتنبر الى يوم الناس هذا - استقراء تطورات الأوضاع في المنطقة منذ الغزو الامريكي لافغانستان ثم العراق وتدخل التحالف الدولي في ليبيا كان نذير شؤم على المنطقة ، فتاريخ التدخلات يبين انها بدل ان تقضي على الحركات الجهادية المتطرفة فإنها على العكس زادت من تغلغلها وانتشارها ووسعت مجال " الهامها" بأفواج من الشباب في العالم الاسلامي كما انها كانت سببا مباشرا في زرع اسباب عدم الاستقرار وعوامل التفتيت للمنطقة ، والتدخل الجاري اليوم في سوريا وفي العراق يخلق اليوم اسباب ميلاد أنماط جديدة من تنظيم القاعدة وداعش قد تكون اشد خطرا وعنفا وتطورا وابتكارا لاساليب جديدة . ومن الحزم ان تؤخذ تهديدات داعش بامكانية نقل المعركة خارج. العراقوسوريا بطبيعة الحال استراتيجية داعش والقاعدة تخدم في العمق انظمة الاستبداد والتحكم وسياسات الهيمنة الدولية لانها بدل ان تطرح اصل المشكلة وتواجهها باعتبارها مشكلة ديمقراطية وعودة السيادة الى مالكها الاصلي وان ذلك هو الطريق الى الاستقرار والتنمية وتجفيف منابع التطرف والإرهاب ، فان مما يسهل ترسيخ قدم الاستبداد وعودة قوى الثورة المضادة ومناهضة الاصلاح رفع فزاعة الارهاب . ولذلك فهناك تحالف ضمني طبيعي وخدمات متبادلة بين التطرف والاستبداد