غيب الموت صباح يوم الخميس 18 شتنبر 2014، العلامة اللبناني هاني فحص، بعد صراع مع المرض. الراحل من مواليد بلدة جبشيت في النبطية عام 1946. وهو أديب وكاتب ومؤلف وناشط في المجتمع المدني، وداعية حوار بين الأديان، ومن أبرز المنظرين في مجال مقاربة الإسلام لمواضيع الحداثة المطروحة. له نحو 13 كتاباً مطبوعاً، منها "ماض لا يمضي"، و"ذكريات ومكونات عراقية"، و"تفاصيل القلب"، و"في الوحدة والتجزئة"، و"الشيعة والدولة في لبنان". هاجر إلى النجف في العراق عام 1963، حيث درس في حوزتها الدينية، ونال إجازة بكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية. وعاد فحص الى لبنان عام 1972 ليستقر في جبشيت بجنوب لبنان حيث مارس عمله إماماً للبلدة من العام 1972 وحتى العام 1975. شارك في تأسيس وتفعيل منتدى أدباء جبل عامل مع عدد من الأدباء والشعراء الجنوبيين، وانتسب إلى حركة فتح في تلك الحقبة، شارك في قيادة انتفاضة مزارعي التبغ المطلبية عام 1972. ترشّح العلامة الراحل للانتخابات الفرعية عام 1974 متحالفاً مع كمال جنبلاط، لا أنه انسحب من المعركة بسبب اعتراض الامام السيد موسى الصدر آنذاك. عام 1978 عمل فحص مع اندلاع الثورة الايرانية على تكريس التواصل بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك الراحل ياسر عرفات والسيد علي الخميني، وقد زار الخميني في منفاه الباريسي ورافق عرفات على نفس الطائرة التي زارت إيران بعد أيام من انتصار الثورة الإيرانية ضد الشاه. في العام 1982 سافر إلى إيران مع عائلته وأقام فيها حتى العام 1985، عمل خلالها مستشاراً في مكتب إعلام الحوزة في قم، ومشرفاً على مجلة الفجر كما أقام علاقات مع بعض المراجع فيها مثل الشيخ منتظري وغيرهم. عاد الراحل من إيران عام 1985 ليخوض عام 1992 الانتخابات النيابية في لبنان دون أن يحالفه الحظ فيها. بعد تلك الانتخابات تفرّغ فحص للحوار والكتابة والعمل الفكري والثقافي، فأسس مع النائب السابق سمير فرنجية المؤتمر الدائم للحوار اللبناني، كما كان عضوا في الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين واستقال منه بعد المؤتمر الأول، وهو عضو مجلس إدارة و عضو مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات الخيرية الثقافية. شجع الراحل أبناء الطائفة الشيعية في العديد من المرات على الإنخراط في المجتمعات العربية التي يعيشون فيها، بدلاً من أن يعتبروا أنفسهم إيرانيين خارج بلادهم. عُرف عن السيد هاني فحص معارضته الشديدة لمشاركة حزب الله بالقتال إلى جانب قوات النظام السوري، معتبراً أن هذه المشاركة ستؤثر سلباً على الطائفة الشيعة في المنطقة. وكان لافتاً البيان الذي أصدره عام 2012، الذي دعا فيه أبناء طائفته في لبنان إلى دعم الثورة السورية "التي بإذن الله سوف تنتصر"، مضيفاً بحسب البيان أنه "من بين العوامل التي تضمن لنا مستقبلاً جيداً في لبنان هو أن تكون سوريا مستقرة وحرة، تحكمها دولة ديمقراطية عصرية تقبل التعددية". أصدر مع السيد محمد حسن الامين غشت عام 2012 بياناً جاء فيه: "من دون تفريق بين ظالم وظالم ومستبد ومستبد وشعب وشعب.. ندعو أهلنا الى الانسجام مع أنفسهم في تأييد الانتفاضات العربية والإطمئنان اليها والخوف العقلاني الأخوي عليها.. وخاصة الانتفاضة السورية المحقة والمنتصرة بإذن الله والمطالبة بالاستمرار وعدم الالتفات الى الدعوات المشبوهة بالتنازل من أجل تسوية جائرة في حق الشعب السوري ومناضليه وشهدائه مع ما يجب ويلزم ويحسن ويليق بنا وبالشعب السوري الشاهد الشهيد من الغضب والحزن والوجع والدعم والرجاء والدعاء، أن يتوقف هذا الفتك الذريع بالوطن السوري والمواطن السوري.. وبنا في المحصلة قطعاً.. لأن من أهم ضمانات سلام مستقبلنا في لبنان أن تكون سوريا مستقرة وحرة تحكمها دولة ديموقراطية تعددية وجامعة وعصرية."