نددت منظمة "مراسلون بلا حدود" باستمرار تضمين قانون الصحافة المغربي بالفصل الواحد والأربعين القاضي بإنزال عقوبات حبسية من ثلاث إلى خمس سنوات في حق الصحافيين. ويتم تطبيق هذه العقوبات في حال المساس ب "الدين الإسلامي أو النظام الملكي أو الوحدة الترابية". وهي أمور تظل فضفاضة، وفق المنظمة، تحتمل تأويلات واسعة، وطالبت الهيئة الدولية في الصدد ذاته بتعديل هذه المادة من قانون الصحافة المغربي. واستنكرت المنظمة أيضا، في تقرير أخير لها حول حرية الصحافة بالمغرب عنونته ب "تنبيه الصحافة المستقلة"، الضغوطات التي تمارسها إدارة مراقبة التراب الوطني (دي. إس. تي) على الصحافيين، وقالت إنه على الرغم من قدرة الصحافة المغربية اليوم على الحديث عن "حميدو العنيكري" المدير العام للإدارة المذكورة وانتقاده، مازالت هناك العديد من المواضيع المتطرقة لبعض أجهزة هذه الإدارة تدرج ضمن قائمة المواضيع "الحساسة". ويتعرض الصحافيون تبعا لذلك، يضيف التقرير، لعدة متابعات ومضايقات من لدن هذه الأجهزة، مثلما يتم التنصت على مكالماتهم، بل وإصدار تهديدات في حقهم، واستشهدت المنظمة في تقريرها على هذه الممارسات بما تعرضت له مريم مكريم، (صحافية بأسبوعية "الأيام") من تهديد عبر الهاتف يحذرها من أن تكون ضحية لحادثة سير إن لم تكف عن التطرق لبعض المواضيع المرتبطة بأجهزة المخابرات المغربية، في إشارة إلى التحقيق الذي كانت أنجزته بداية العام الجاري حول مكان وجود معتقل سري بنواحي تمارة. كما رصدت المنظمة مثالا آخر عن استمرار المضايقات الأمنية للصحافيين المغاربة تمثل في الاعتقال الذي تعرض له كل من علي عمار، المدير العام لأسبوعية "لوجورنال" ومعاد غاندي، (صحافي بالأسبوعية نفسها)، وذلك لمدة ثلاث ساعات في مكتب للشرطة القضائية على الحدود مع سبتةالمحتلة، وتم استنطاق الصحافيين في قضية "مولاي الزين الزاهيدي"، المدير السابق للقرض العقاري والسياحي، حيث كانا أجريا معه حوارا في أمر الاختلاسات المالية الكبرى التي تعرضت لها مؤسسته وتورط سياسيين مغاربة كبار في القضية. وعبرت المنظمة الدولية، من جهة ثانية، عن قلقها إزاء الرقابة المستمرة التي تتعرض لها الصحافة المحسوبة على التيار الإسلامي، وخاصة منها صحيفة "رسالة الفتوة"، الصادرة عن حركة العدل والإحسان، التي ما فتئت منذ 2001 تلاقي كل أشكال الحصار والمنع والرقابة ومضايقة مسؤوليها وكذا الذين يعملون على طبعها وتوزيعها. ولاحظت منظمة "مراسلون بلا حدود" أنه، على الرغم من القفزة النوعية التي عرفتها الصحافة المستقلة بالمغرب في السنين الأخيرة وطرقها باب مواضيع كانت تدرج ضمن "الطابوهات" سالفا، فإن الدولة ما لبثت تريد كبح جماح الجيل الجديد من الصحافيين المغاربة، على حد تعبير المنظمة في التقرير نفسه، متوسلة في ذلك بعدة طرق، مشيرة إلى أن قضية "علي المرابط"، مدير أسبوعيتي "دومان" و"دومان ماغازين" الذي يتابع بعشرات المحاكمات، تفضح أهم العراقيل التي مازالت تشكل حجر عثرة في طريق الصحافة المستقلة والمتمثلة في غياب استقلالية القضاء وصعوبة التطرق للمواضيع التي تعد "حساسة"، فالتدخلات المتزايدة لرجال الأمن ثم الضغط على المعلنين وأصحاب المطابع، وكذا التضييق على هذه الصحافة بمنع حصولها على حصص الإشهار. وطالبت المنظمة في هذا الإطار إلى اعتماد الدولة معايير واضحة لتوزيع دعمها المالي وحصص الإشهار على الصحف الوطنية بكل شفافية. يشار إلى أن منظمة "مراسلون بلا حدود" كانت أنجزت تقريرها حول حرية الصحافة بالمغرب بمناسبة الثالث من ماي الجاري المصادف لليوم العالمي لحرية الصحافة، وأعدت هذا التقرير في إطار مهمة أنجزها ممثلون عن المنظمة بالمغرب نهاية شهر أبريل الماضي، حيث التقوا فيها بعدة صحافيين مغاربة وكتاب وحقوقيين ومحامين. كما كان هؤلاء طالبوا بإجراء مقابلات مع مسؤولي وزارة الاتصال ووزارةالعدل وكذا المدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني، لكنهم لم يلتقوا بغير مسؤولي وزارة الاتصال بعد رفض الآخرين المقابلة. يونس البضيوي