اعتبر تقرير صادر عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن ممارسة حرية الصحافة والإعلام بالمغرب لم تعرف تغييرا جوهريا مقارنة بالسنوات السابقة، وظلت نفس المعطيات القانونية والسياسية تتحكم فيها، وكذا نفس المنهجيات العمومية في التعامل مع المشهد الإعلامي، والتي تؤكد على هشاشة الضمانات القانونية والمؤسساتية لممارسة حرية الصحافة، سواء تعلق الأمر بالقوانين المعمول بها في هذا المجال أو بتحكم السلطة في القضاء، أو بالتدخلات الأمنية خارج إطار القانون ضد الصحافة والصحافيين. وأضاف التقرير، التي تصدره النقابة بالموازاة مع احتفال الصحافيين باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من شهر ماي من كل سنة، أن السلطة السياسية ما تزال متحكمة في نبض ممارسة حرية الصحافة والإعلام في بلادنا، بالشكل الذي تراه منسجما مع توجهاتها، وتجلى ذلك من خلال عدد من المضايقات والاعتداءات ضد الصحافيين. وذكر التقرير بأن الحكومة الحالية لم تجر أي حوار مع ممثلي الصحافيين، منذ توليها المسؤولية، مشيرا إلى أن مشروع إصلاح قانون الصحافة المعمول به حاليا ما زال يراوح مكانه، رغم كل الجهود التي بُذلت من أجل التوصل إلى اتفاق. ويذكر أن الحكومة السابقة، التي كان يترأسها إدريس جطو، قبلت حذف العقوبات السالبة للحرية من هذا القانون باستثناء بعض الفصول القليلة جدا، بحسب النقابة الوطنية لصحافة المغربية، التي ظلت ترفض ذاك الاستثناء، داعية إلى مناقشة ما تبقى من فصول سالبة لحرية الصحافي بقبة البرلمان على أمل الحذف النهائي لتلك العقوبات. واعتبر التقرير أن ورود البند 41 من القانون، الذي ينص على «الثلاثية المقدسة»، أي عدم المس بالدين الإسلامي والوحدة الترابية والمؤسسة الملكية، بنوع من الإطلاقية والتعميم والشمولية، يناقض مبادئ حرية التعبير وحرية الفكر والمناهج العلمية في صياغة النصوص القانونية، لذلك فإنه ظل مثار جدل بين الحكومة والصحافيين، علاوة على أن هذه الثلاثية لم تكن واردة في النص الأصلي لهذا القانون عند صدوره في سنة 1958. وحذرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في تقريرها، من تمادي السلطات في نهج مثل تلك الأساليب، التي قد تؤدي إلى تشجيع «فئات مصلحية فاسدة»، على المرور من ردود الفعل تجاه الصحافيين إلى التخطيط وتدبير الاعتداءات ضدهم. إلى ذلك، اعتبرت خديجة رياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن واقع الصحافة بالمغرب عرف تراجعا ملحوظا منذ 3 ماي 2008، وهو ما عكسه تراجع المغرب من الرتبة 106 إلى الرتبة 122 على سلم احترام حرية الصحافة، الذي وضعته منظمة «مراسلون بلا حدود». وأضافت رياضي في تصريحها ل «المساء» أن هذا التراجع مس أساسا الصحافة الإلكترونية في ظل غياب قانون منظم لها، بعد الاعتقالات التي طالت كلا من محمد الراجي وحسن برهون وفؤاد مرتضى، إلى جانب «الحجب التعسفي»، وبدون أحكام قضائية، لعدد من المواقع الإلكترونية، مما يعتبر مسا بحرية التعبير. وطالب بيان للجمعية المغربية بإقرار قانون للصحافة يتلاءم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ويضع حدا لتجريم ما يسمى بالمس بالمقدسات وللعقوبات السالبة للحرية، إلى جانب ضمان الحق في الوصول إلى المعلومات. وأشار التقرير، في رصده وضعية الإعلام، إلى أنه في الوقت الذي لم يتطور فيه القطب العمومي في السمعي البصري، كما كان منتظرا، رغم التغييرات التي عرفتها، فإن المحطات الإذاعية تميزت بدينامية إيجابية، حيث تمكنت من تقديم برامج وحوارات ومنتوجات منفتحة ومتحررة. ودعا التقرير إلى تغيير الوضع القانوني للوكالة الرسمية للأنباء للتخلص من طابعها الرسمي وإتاحة الفرصة للصحافيين فيها، للتخلص من التأطير المهني المنغلق. وبخصوص الصحافة المكتوبة، ركز التقرير على المشاكل التي تعيشها عدد من المؤسسات الصحافية، إذ بالإضافة إلى ارتفاع أثمنة الورق والمواد الأخرى، هناك طريقة تسيير المؤسسة الصحافية التي ظلت تقليدية، مما انعكس سلبا على الوضع الاجتماعي للصحافيين، وهو ما يحول دون تطورهم المهني، مشيرا في نفس السياق إلى أن إخلال بعض الصحافيين بأدبيات المهنة لا يعكس مهنية غالبية الصحافيين. وسجل التقرير أنه في الوقت الذي يجد فيه صحافيون مغاربة أنفسهم ممنوعين من خدمة بطاقة الاعتماد، فإن الصحفيين الأجانب، وخاصة الإسبان منهم، يتوفر لهم الدعم الدبلوماسي والضغط السياسي من طرف سفارات بلدانهم، مما يمكنهم من الحصول على هذه البطاقات، مسجلا في هذا السياق «التدخل الخطير» للسفارة الإسبانية باستمرار لصالح مراسلي بلدها في المغرب كقوة ضغط خارجية تجاه الحكومة المغربية، الشيء الذي يمس بسيادة الوطن. وأرفقت النقابة الوطنية للصحافة المغربية تقريرها بكرونولوجيا ل«الانتهاكات» التي مست الجسم الصحافي بالمغرب، والتي شملت صحافيين من مختلف المنابر لتطال حتى العاملين ببعض المنابر الرسمية، مذكرة ببعض قرارات المنع والمتابعات القضائية كمنع مكتب قناة الجزيرة من البث والحكم القضائي بتغريم «المساء» أكثر من 600 مليون سنتيم.