قالت النقابة الوطنية للصحافة المغربية في تقريرها حول حرية الصحافة للفترة ما بين ثالث ماي 2008 وثالث ماي 2009 ،إن حرية الصحافة والإعلام بالمغرب، « لم تعرف تغييرا جوهريا» مقارنة مع السنوات السابقة. وأضافت النقابة في تقريرها بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة(3 ماي) أن مشروع إصلاح قانون الصحافة المعمول به حاليا، مازال يراوح مكانه، «رغم كل الجهود التي بُذلت من أجل التوصل إلى اتفاق، ورغم كل الوعود التي قُدمت في هذا الشأن». وفي تشريحه لوضع حرية الصحافة في القطاع السمعي البصري، أشار التقرير إلى أن «القطب العمومي لم يتطور كما كان منتظرا، بعد التغييرات التي عرفتها، على الخصوص الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة». وأكدت النقابة أنه بالرغم من المحاولات التي بذلت على مستوى تنويع المنتوج أو على مستوى مواكبة التطورات التكنولوجية وضخ دماء جديدة في الطاقم الصحافي والتقني، فإن إشكالية المضمون وكيفية ترجمة الخدمة العمومية على أرض الواقع، مازالت تحتاج الى مجهودات متواصلة. وبالنسبة للمحطات الإذاعية، اعتبرت النقابة أنه بالرغم من التفاوت الذي يمكن تسجيله في أدائها فإنه «يمكن أن نؤكد في هذا التقرير أن هذه المحطات تميزت بدينامية إيجابية، حيث تمكنت من تقديم برامج وحوارات ومنتوجات منفتحة ومتحررة، مما كان يطبع هذا القطاع في السابق». وتميزت هذه المحطات، على الخصوص، يضيف التقرير، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها كشفت عن إمكانيات هامة لدى صحافيات وصحافيين مغاربة شباب، يمكنهم أن يقدموا إسهامات مبدعة في مجالات العمل الإذاعي.ويمكن القول كذلك أن هذه الملاحظة تنطبق أيضا حتى على القطاع الإذاعي العمومي، الذي أبان عن جرأة في تناول الموضوعات، أكثر من نظيره التلفزي. وإذا كانت النقابة قد سجلت بعض هذه السمات الإيجابية في أداء المحطات الإذاعية، فإنها تسجل، مقابل ذلك، أن العديد منها لم يحترم بعض المقتضيات الواردة في دفاتر التحملات، وبالخصوص مسألة الانسجام اللغوي، حيث نجدها «تخلط في نفس البرنامج بين اللغة الدارجة العربية والفرنسية، كما أنها، في بعض الأحيان، تسقط في الإسفاف والانحطاط الأخلاقي». وأكد التقرير أن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري مطالبة بتصحيح هذه الإختلالات والسهر على احترام دفاتر التحملات والاهتمام بالمضمون وأسلوب المخاطبة ولغته. وفي ما يتعلق بالصحافة المكتوبة، ركز التقرير على المشاكل التي تعيشها عدد من مؤسسات الصحافة المكتوبة، والتي «تحد كثيرا من ممارسة حرية الصحافة، حيث سجلنا أن بوادر الأزمة التي ظهرت في السنوات الأخيرة، مازالت متواصلة، خاصة مع ارتفاع أثمنة الورق والمواد الأخرى، المرتبطة بإنتاج الصحف». وقد عمق من هذه الأزمة، يضيف التقرير، «الطريقة التي استمرت الإدارات تسير بها المؤسسات ، والتي لم تتطور في أغلبها، حيث ظلت تقليدية، مما ضاعف الإختلالات». وقد انعكس هذا بشكل واضح على الوضعية الاجتماعية للصحافيين وأصبح يشكل عائقا كبيرا أمام تطورهم المهني، حيث وجد الصحافيون أنفسهم في مؤسسات عاجزة عن تأدية أجورهم بشكل منتظم، بل منها من توقف، بشكل كلي أو جزئي، عن تحويل الاقتطاعات الى مؤسسات الضمان الصحي أو الصناديق الاجتماعية. وفي تقييمها لنتائج عقد البرنامج، الذي تستفيد بموجبه، عدد من المؤسسات، من دعم الحكومة، لاحظت النقابة أن هذا المجهود لم ينعكس على أوضاع الصحافيين، ولم يساهم بالشكل المطلوب في تحديث تدبير المؤسسات وترشيد تسييرها. وبالإضافة الى كل هذا، سجلت النقابة استمرار ضبابية توزيع الإشهار على الصحف، بدون معايير واضحة وموضوعية، بل إن هذا التوزيع «يخضع في الكثير من الأحيان لتدخلات لا علاقة لها بالقواعد المهنية المعروفة في مجالات الإعلام والتواصل ، وتمتد هذه الضبابية والغموض الى تمويل بعض الصحف، حيث يلاحظ أنها تتمتع بامتيازات ودعم غير واضح، مما يناقض مبادئ الشفافية الضرورية في تمويلات كل المقاولات». وحسب التقرير فإنه «بالرغم من هذا الواقع، فإن المشهد الإعلامي المغربي يتميز بدينامية تحررية، يلعب فيها الصحافيون دورا رئيسيا، بمساندة قوية من المجتمع المدني ومن الرأي العام، الذي أصبح متجاوبا أكثر فأكثر مع الالتزام الاجتماعي للصحافة و الحرص على حريتها». واعتبر التقرير أن إشكالية احترام أخلاقيات المهنة، «ما زالت مطروحة بقوة» و»تمثل ضربا لمصداقية الصحافة، وإخلالا خطيرا بالدور الاجتماعي والإنساني الذي من المفترض أن تعززه ممارسة حرية التعبير، عن طريق الصحافة والإعلام»