أعلنت الحكومة الإسبانية يوم الأحد الماضي أنها بصدد وضع خطة لتسوية وضعية المهاجرين غير القانونيين الموجودين فوق التراب الإسباني ابتداء من شهر سبتمبر القادم، وذلك في مبادرة لإنهاء الوضعية الشاذة التي يوجد بها هؤلاء المهاجرون منذ عدة سنوات، بسبب السياسة التي نهجها الحزب الشعبي الحاكم سابقا اتجاه ملف الهجرة. وقالت كاتبة الدولة في الهجرة، كونسويلو رومي، في تصريحات لها لإحدى الصحف الإسبانية يوم الأحد الأخير أن الحكومة الاشتراكية ستعمل على تسوية أوضاع المهاجرين الذين يعيشون بشكل غير قانوني داخل إسبانيا، والذين يثبتون أنهم يتوفرون على عقود عمل ويتواجدون في إسبانيا منذ وقت طويل، وعلى الأخص منذ مرحلةالفوضى كما أسمتها المسؤولة الإسبانية في عهد حكومة الحزب الشعبي. وقالت رومي إن هذا الإجراء الجديد يشكل جزءا من الإصلاحات الأخيرة التي أدخلت على قانون الهجرة الذي وضع في عهد حكومة ماريا أزنار عام ,2000 لكنها قالت بأن هذا الإجراء لن يشمل أولئك المهاجرين الذين دخلوا إلى إسبانيا مؤخرا أو يتواجدون فيهامنذ يوم أمس أو منذ ثلاثة أشهر، مشيرة إلى أن هدف هذه المبادرة هو حل الأوضاع الصعبة الموروثة عن حكومة الحزب الشعبي، الموجود في المعارضة حاليا. جدل حاد بين المعارضة والحكومة وترمي مبادرة الحزب الاشتراكي بتسوية أوضاع مئات الآلاف من المهاجرين السريين ، بحسب تصريحات المسؤولة الإسبانية، إلى القضاء على الاقتصاد السري والتشغيل غير القانوني للمهاجرين بهدف استغلالهم، بعد أن تلقت الحكومة طلبات من عدة جمعيات ومنظمات حقوقية واقتصادية وعمالية وسياسية وشركات تدعوها إلى تسوية وضعية المهاجرين السريين لتسليط مزيد من الضوء على الاقتصاد السري الذي يبتز هؤلاء المهاجرين. وكانت كاتبة الدولة في الهجرة قد وجهت قبل أربعة أيام توجيهات إلى رجال الحرس المدني بعدم اعتراض سبيل الزوارق التي تحمل على متنها مهاجرين سريين، من أجل عدم إضافة المزيد من الضحايا، بعدما غرق عشرات المهاجرين السريين الأفارقة والمغاربيين في عرض السواحل الإسبانية في الأسبوع الماضي، ومنعت المحكمة العليا في مدريد مؤخرا تجميع المهاجرين الذين يتم القبض عليهم في ملاجئ خاصة بهم، كما كان يحدث سابقا في عهد حكومة الحزب الشعبي. وقد فجرت تصريحات كونسويلو رومي معركة سياسية بين الحزب الشعبي المعارض والحكومة الاشتراكية، حيث اتهم الأول حكومة زباثيرو بالعمل على إغراق إسبانيا بالمهاجرين السريين وتشجيع المزيد من المهاجرين على دخول التراب الإسباني، فردت على تصريحات مسؤول الهجرة بالحزب أنخيليز مونوز بالقول أن مبادرة حكومتها تهدف بالدرجة الأولى إلى أنهاءالإرث الذي تركه حزبه، مضيفة لقد ترك لنا الحزب الشعبي وضعية كارثية، إنه لم يضبط تسلل المهاجرين ولم يشدد مراقبة الحدود، وقاد علاقات مواجهة مع المغرب الذي نحن بصدد توقيع اتفاق معه. الحزب الشعبي يهاجم المغرب من ناحيته، طالب الكاتب العام للحزب الشعبي، ماريانو راخوي، من الحكومة الضغط على المغرب باعتباره مصدرا للهجرة غير القانونية، وباعتباره البلد الوحيد الذي وقع حتى الآن اتفاقا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية يجعل منه الشريك الرئيسي لواشنطن بحسب قوله، في إشارة إلى اتفاقية التبادل الحر التي صادق عليها الكونغرس الأمريكي قبل أسبوعين. وكانت العلاقات المغربية الإسبانية في عهد حكومة الحزب الشعبي الذي تولى السلطة بين 1996 و2004 قد وصلت إلى حدود المواجهة والتراشق الإعلامي على خلفية عدد من الملفات العالقة بين البلدين، أبرزها ملف الهجرة الذي كانت حكومة الحزب الشعبي تتهم المغرب بكونه يتساهل مع المهاجرين السريين الذين يعبرون أراضيه إلى الأراضي الإسبانية. ومنذ تولي الحزب العمالي الاشتراكي الحكم في شهر مارس الماضي أعلن رئيس الوزراء خوسي لويس رودريغيث سباثيرو عن نية حكومته في تسوية وضعية المهاجرين غير القانونيين في إسبانيا، وفتح عهد جديد من علاقات التفاهم مع المغرب، ووضع حد لمرحلة المراشقات بين مدريد والرباط. وفي الشهر الماضي أعلن زباثيرو عن ما أسماهمخطط الصدمة الذي يهدف إلى حل معضلة المهاجرين السريين عبر إدماجهم في المجتمع الإسباني وتسوية أوضاعهم القانونية. ويقدر عدد المهاجرين السريين الذين سيشملهم الإجراء الجديد بنحو 400 ألفا، يمثل المغاربة حوالي 70 ألفا منهم. إدريس الكنبوريي