في عز السخط والغضب الشعبي بالمغرب إزاء ما يجري في عراق الحضارة من عدوان أمريكي ضدا على القانون الدولي ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، خرجت سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالمغرب ببيان للرأي العام المغربي يعد الأول من نوعه من حيث جرأته واستخفافه بالمشاعر الشعبية الوطنية والقومية والإسلامية. فقد دعت سفارة الولاياتالمتحدة في البيان المذكور المنظمات المغربية غير الحكومية إلى تقديم طلباتها للاستفادة من برنامج مساعدات مالية، وذلك تشجيعا للمواطنين، حسب تعبير البيان على المشاركة في الديمقراطية!! وحدد البيان الصادر عن قسم العلاقات العامة التابع لسفارة الولاياتالمتحدة قيمة تلك المساعدات بين 500 و 25000 دولارا. ويمضي البيان مدعيا أن الغرض من هذه المبالغ هو "المساهمة في مساندة المشاريع التي تخول للمغاربة الخوض إيجابيا في تطوير وتأسيس مجتمع مدني "ينهض" بمجالات حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، ودولة الحق والقانون، والتعددية السياسية والديمقراطية على مستواها الأساسي، خاصة وأن هذه المجالات يقول البيان تكرس الأولويات المغربية المتعلقة بالمجتمع المدني بخلق فرص العمل، والتنمية الاقتصادية والتعليم والإسكان والإصلاح الإداري. ويشترط بيان سفارة الولاياتالمتحدة أن تكون "أهداف المشروع واضحة، متضمنة طبع منشورات ودلائل لبرامج تدريبية، وتنظيم ورشات عمل من أجل الرفع من وعي المواطنين وصقل كفاءاتهم واقتناء التجهيزات الضرورية التي بموجبها يمكن أن تفعل المنظمات الحكومية في تحقيق أهدافها، كما يشترط البيان المذكور أن تستخدم تلك المنح للاستفادة من مصالح اجتماعية مباشرة مثل التغطية الصحية والمعدات الطبية، أو منح هبات لمؤسسات خيرية، أو لسداد أجرة الكراء أو فواتير الماء والكهرباء أو مصاريف النقل أو أداء الأجور. وتعليقا على مضمون البيان، أجمع كل من الأستاذ عبد الحميد الأمين (رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان)، والأستاذ خالد الشرقاوي السموني (رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان) على رفض هذه المبادرة من سفارة الولاياتالمتحدة واعتبرها الأول "مجرد تعتيم على دور الولاياتالمتحدة في العدوان على حقوق الإنسان وحقوق الشعوب الديمقراطية" واعتبرها الثاني، "أضحوكة وألعوبة تريد بها الإدارة الأمريكية شراء المنظمات الحقوقية". وأكد عبد الحميد الأمين والشرقاوي السموني رفضهما هذه المساعدات، ودعيا كل المنظمات والجمعيات الديمقراطية إلى رفض هذه "المساعدات المسمومة" انسجاما مع موقف الشعب المغربي الداعي إلى مقاطعة البضائع الأمريكية، واعتبرا أن كل هيئة تقبل بتلك المساعدات ستكون خائنة. يشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، كان قد أعلن منتصف دجنبر الماضي عن "مبادرة الديمقراطية في الشرق الأوسط" وكشف عن مبلغ 29 مليون دولارا مخصص لهذه المبادرة، والتي تشمل حسب إعلان كولن باول دعم برامج التعليم والإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز الديمقراطية وإصلاح أوضاع المرأة في العالم العربي. خلال إعلان باول عن المبادرة المذكورة أشاد بجهود قطر والبحرين والمغرب فيما أسماه بالإصلاحات الجزئية. المبادرة رحبت بها في حينها كل من قطر والأردن والكيان الصهيوني. في مقابل ذلك، انتقدتها مصر، وهي الحليف الأكبر للولايات المتحدة في المنطقة، وشددت على حل القضية الفلسطينية قبل أي مبادرة أخرى. فعلى من تضحك السفارة الأمريكية بالمغرب، وهل تستسيغ بعض الجمعيات المقصودة استلام أموال مسمومة مذمومة من أيدي أمريكية ملطخة بشلالات من دماء الأبرياء في العراق وفلسطين؟