تشكل مجزرة سوق الخميس بسلا، فضاء "تحالف" فيه الغش واللامبالاة للنيل من صحة المواطن وبيئته، "التجديد" رافقت "خبيرا"، وخالطت العمال في لباسهم وأنشطتهم وعاينت ذبح رؤوس الماشية وتهريب اللحوم، وعمليات دبح في شروط كارثية، كما عاينت كيف يتم نقل تلك اللحوم في وسائل نقل للتوزيع لا تقل فظاعة عن مكان الذبح، المجزرة المعنية لا يقتصر "الذبح" فيها على الصحة والبيئة بل تشهد ذبح حقوق الأطفال من خلال معاينة صور صادمة لعمالة الأطفال . تهريب "المريضة" منذ الساعة السادسة من صباح يوم الخميس كما سابقيه تنطلق عملية الذبح بمجزرة سوق الخميس بحي القرية بسلا، وفي هذه الفترة التي لا تكون الشمس قد أرخت سدولها بعد على المكان فصل الشتاء، تنتعش عملية ذبح البقر والمواشي التي تكون غالبا معيبة أو بها هرس أو شديدة النحافة والضعف كما عاينت "التجديد" ذلك، وبعد السادسة صباحا بساعة قد تقل أو تزيد، تنطلق حالات لتهريب اللحوم إلى خارج المجزرة تهربا من المراقبة الطبية، أو أن يعترض سبيلها أحد، لكن المفارقة أن ذلك يتم بشكل عادي لا يحرك احدا، في وقت قال "الغيور"، اسم مصطنع للخبير بالمجزرة الذي رافق "التجديد"، أن هم بعض مسؤولي المجزرة هو استخلاص مبلغ 250 درهما عن كل رأس بقر يلج المذبحة و 20 درهما عن كل رأس غنم مع مراعاة حجم الشاة، موضحا أن معدل الذبيحة اليومية بهذه المجزرة كل يوم خميس يقدر ب 150 رأس من الغنم والماعز و 100 رأس بقر. هكذا يتم تزويد سوق الخميس المحادي للمجزرة والعديد من الجزارات وأصحاب المقاهي وبائعي "الصوصيص" والطيحان بأحياء مدينة سلا بلحوم هذه المجزرة ، بل إن تلك اللحوم حسب شهادات عدة تنقل إلى الرباط وتمارة وتصل حتى الدارالبيضاء أحيانا، غير أن أغلبها تباع أساسا بسوق الخميس. "التجديد" وللوقوف على حالة هذه المجزرة "الكارثة" كما يصفها المهنيون ومن زارها، تنكرت في لباس أهل الحرفة ووزارت المجزرة لعدة مرات حيث عاينت وبشكل جلي الضعف البادي على لحوم عدد من الأغنام والأبقار وأيضا ميل لحوم بعضها إلى الإصفرار وهي مظاهر، حسب بعض الجزارة، تثير شبهة مرض بعضها. ووقفت "التجديد" خلال زيارتها كذلك على الظروف غير الصحية التي يتم بواسطتها نقل اللحوم من هذه المجزرة إلى الشاحنات ووسائل أخرى حيث يعمد أفراد بعضهم بذلهم ملطخة بالدماء والأوساخ وأشياء أخرى إلى حمل اللحوم على أكتافهم أو معانقتها بنفس الثياب بل أحيانا ينال التراب من جزء منها، فضلا عن لحظة وصولها للشاحنة التي تعرف حالة من الأوساخ بدورها لكنها تبقى أقل من عمليات نقل اللحوم بالهوندات أو بدرجات النقل الصينية ثلاثية العجالات المعروفة ب "تريبورتور". وعلى الرغم من أن معايير إنشاء الجزارات التي حددها ظهير 1914 واضحة ويصنف المجازر ضمن المنشآت الخطيرة من الدرجة الأولى، وعلى الرغم من السلطات الواسعة لمجلس المدينة والبلديات وأن مختلف القوانين ذات الصلة تخول لها صلاحيات عدة تصل حد إنزال العقوبات واستخدام القوة، وعلى رأسها القانون رقم 78.00 (الميثاق الجماعي)، والذي تعطيها حق إغلاق المجزرة في حالة ثبوت حدوث الإضرار بصحة المواطنين أو التأثير السلبي على البيئة بشكل مباشر أو غير مباشر، رغم ذلك فإن هذه السلطات لم تحرك ساكنا في هذا الاتجاه اللهم بعض الإصلاحات الترقيعية التي قام بها مجلس المدينة منذ شهور. ووفقا لمعطيات استقتها "التجديد" من مصادر بمجلس المدينةبسلا، فإن سوق الخميس وهذه المجزرة اتخذ في حقهما قرار بالنقل الكلي إلى فضاء آخر منذ أزيد من سنة، غير أن هذا القرار لم يجد طريقه للتفعيل حتى يوم الناس هذا. الميزان و"النعجة" التردد على مكان بيع اللحوم بسوق الخميس خلف "المجزرة" وبمساعدة "أهل مكة العارفين بشعابها" تكتشف حيلا في شعب الجزارة قد يصعب تصورها، فبعدما يغريك شكل السقيطة على هيئة المعزي وتطمع في زهيد ثمنها (بين 30 و 35 درهما) والذي يكاد يصل نصف الثمن الأصلي المعزي (65 درهما)، تكتشف أن الرأس الذي هو المعزي دون شك إنما هو مثبت بمسمار مثين يخترق أذن رأس المعزي ليستقر في رقبة الغنمي عفوا "العنكرة ديال النعجة الشارفة" كما يصحح أحد المهنيين. وما يكاد المرء "يهضم" هذه الحيلة التي لا يكشفها غير خبير، حتى يقف على قوم من المطففين في الميزان خاصة أصحاب الميزان التقليدي، حيث يعمد الجزار المتلاعب في الميزان، كما عاينت "التجديد" ذلك، إلى عدم تثبيت إحدى السلاسل الثلاثة في الكفة التي يضع بها "الصروفة" إلى جانب أختيها بل يمدها إلى فوق العمود الأفقي للميزان مما يكسبه تلقائيا بين 500 إلى 1000 غرام أو أكثر حسب الكمية المطلوبة يوضح العارفون بمثل هذه الخبايا. وطبعا في حالة اكتشاف الأمر فإنه يصحح ويتم التذرع بالنسيان أو السهو. وبين هذه الطريقة من الغش وتلك توجد صنوف مختلفة للنصب من طرف بعض الجزارة عديمي الضمير منها عملية نفخ الكبد بالماء مما يجعل حجمها أكبر و وزنها أثقل وهي المكيدة التي لا تكتشف إلى عند مرحلة الشي فوق الجمر الذي يطفئه الماء في كل مرة إيعد إشعاله، كما يشرح أحد الجزارين وهي حيل لا ينتبه لها إلا العارفون بها. ومن الملاحظات التي ما فتئ يؤكدها من إلتقتهم "التجديد" أن هناك طبعا، كما في كل العالم، الطيب والخبيث بين الناس، "عندنا الناس المعقولين تيدروا ما بينهم وبين ربهم، وكاين لخوايضية" يقول أحدهم. "لخشافة" أجرة الأطفال ضمن المشاهد الصادمة التي يمكن أن تستفز أي زائر للمجزرة هو وجود مجموعة من الأطفال في عمر الزهور، والذين ينخرطون في عمليات نفخ الغنم والماعز المذبوح ثم عملية السلخ فيما بعد، في شكل ترى فيه الأوداج منفوخة وظهور الأطفال تأخذ شكل الأقواس في انحناءات متعبة للظهر، فضلا عن الأوساخ التي ترسم حلقة دائرية حول أفواه الأطفال (أنظر الصورة) مع وضع الركبتين النحيلتين على إسفلت المجزرة القاسي بصلابته وبرودته وأوحاله. يحدث كل ذلك على الرغم من أن قانون الشغل يمنع تشغيل الأطفال أقل من 15 سنة فيما يطالب الحقوقيون وغيرهم اليوم بضرورة رفع هذا السن إلى 18 سنة. ومن الصور التي يمكن أن تصعقك بمجزرة سوق باب الخميس وجود طفل لم يتجاوز عمره الخمس سنوات ينتقل بين أرجل الأبقار المدرجة بدمائها بل إن عملية النحر تتم أمام عينيه في مشهد اغتصاب لطفولة قد لا يعرف مدى تأثيرها وخطورتها النفسية على الطفل إلا بعد حين، الطفل الذي منعت شدة الرغبة في تصويره شدة الخوف من انكشاف أمره. و حسب مصادر "التجديد" في المجزرة، لا يتعدى أجر أولئك الأطفال 50 درهما لليوم مع أخذهم لما يسمى "لخشافة" وتتشكل من ( لمصارن والطيحان والكرعين ولهبيلة)، وهو نفس الأمر تقريبا بالنسبة للسلاخ عموما الذي يتقاضى 60 درهما عن كل رأس بقر مع "لخشافة" أو 100 درهم دونها، و10 دراهم عن كل رأس غنم مع "لخشافة" كذلك. الأوساخ جزء من المكان بمجرد ولوجك لمجزرة سوق الخميس بالقرية ستلاحظ أن الأوساخ أصبحت جزء من المكان، وأنها احتلت مساحات من بياض الزليج على الحائط والأرضية، وأنها وبفعل التراكم والإهمال أصبحت تكون طبقات، فضلا عن الأرض التي يتكدس فيها الدم وبها أكوام من الروث والجلود، وهو ما يصيب اللحوم ببعض الأوساخ والفضلات خاصة المقتربة منها من الأرض على الرغم من وجود من يحمل مكنسة ويحاول بها التغلب على فياضانات الدم والروث، فضلا عن رائحة المكان التي لا تقف عند حد زكم الأنوف. وبباب المجزرة أيضا يشكل روث البهائم وحمولة "الكرشة" التي يتم إفراغها أكواما على شكل تلال تتحلق فوقها مجموعات من الذباب والناموس على شكل غيمة بين الرمادي والأسود لا شك سينال المواطن والبيئة الكثير من "مطرها". يحدث ذلك على الرغم من المعايير الصارمة الواردة القانون رقم 12.03 والمتعلق بحماية البيئة من الأضرار المباشرة أو غير المباشرة والذي خول للسلطات المحلية ولجن وزارية مهمة المراقبة والزجر. شبهة الرشوة واقع المجزرة، والتي قد لا تكون استثناء عن مثيلاتها في مناطق أخرى، يكشف عن ما يمكن اعتباره حالة من التواطؤ الجماعي بين مختلف المعنيين في التلاعب بصحة المواطنين والبيئة على حد سواء، وفي هذا الواقع يتساءل أكثر من مصدر بعين المكان كيف يتم تهريب الحوم في الصباح الباكر قبل قدوم الطاقم الطبي بعد الساعة العاشرة، وأيضا مع ما يتم من إدخال لرؤوس تبدو عليها حالة المرض وأحيانا مكسورة ونحيفة، فضلا عن واقع الأوساخ التي تؤثث المجزرة بالداخل كما بالخارج. وهي كلها مؤشرات تعني لأزيد من مصدر وجود منافع ومصالح متبادلة. حقوق الحيوان ليس الإنسان والبيئة وحدهما المهددين أو المنتهكة حقوقهم بمجزرة سوق الخميس بالقرية في سلا، بل إن الحيوان أول الضحايا بحيث لا تراعى حقوقه في ذبيحة كريمة ولا مشاعره وعواطفه وغرائزه التي لا تختلف عن الإنسان في مجملها، فإذا كان الإسلام قد أوصى بالإحسان في الذبحة لقوله عليه الصلاة والسلام "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" فإن ذبح الرؤوس بهذه المجزرة كما تمت معاينة ذلك لا يبرهن على وجود حد أدنى من القيم المراعية لما سبقت الاشارة إليه. فالبقرة تذبح فوق بقرة أخرى أحيانا ويختلط دم المذبوحة بجلد أختها الحية بل إن مشاهد تخطي البقرة الحية لأخواتها المردية قتلا مشهد يتكرر باستمرار، وفي إحداها وضعت بقرة متوسطة الحجم "ضروبة" رجلها بمنحر بقرة أخرى مذبوحة. و نفس الأمر في ضرورة إخفاء مدية الذبح عن أعين الحيوانات المراد ذبحها، والتي هي من آداب الذبح بل إن الذبح يتم أحيانا في غير اتجاه القبلة كما تمت معاينة ذلك. وفي مشهد مؤثر تذبح مثلا أزيد من 10 أغنام وهي مربوطة الأرجل وواحدة ملقاة على الأخرى حيث يأتي ما يسمى بالفقيه ليقوم بعملية تنقل سريعة بين الشاة والأخرى ودم كل مذبوحة ينال من التي بجانبها وهكذا إلى أن يتم دبح السلسلة. ويتقاضى مقابل ذلك 5 دراهم عن كل رأس بقر و3 دراهم بالنسبة للغنم. مخالفات ثابتة وجزر غائب أمام كل تلك المخالفات التي تم الوقوف عليها لم تسجل للسلطات المعنية لأزيد من شهر من الرصد ولا قبله، كما يؤكد ذلك من تواصلت معهم "التجديد"، أي مبادرة لحجز اللحوم أو لإغلاق هذه المجرة "الكارثة"، على الرغم أيضا من أن الباب الرابع من القانون 12.03 حول ضبط المخالفات وحق التقاضي، يشير في المادة 14إلى أنه "يتولى ضباط الشرطة القضائية والأعوان المحلفون والمكلفون من طرف الإدارة والجماعات المحلية بمعاينة وضبط مخالفات". وتفصل ذلك أكثر المادة 15 من ذات القانون بالقول "في حالة ضبط مخالفة لمقتضيات هذا القانون ونصوصه التطبيقية، يحرر العون المكلف الذي عاين المخالفة محضرا يقوم بإرسال نسخة منه إلى السلطة المعنية مباشرة بالمشروع ونسخة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة وذلك داخل أجل لا يتعدى خمسة عشر (15) يوما. وتقوم هذه الأخيرة بعد إخبار السلطة الحكومية المعنية بإنذار المخالف وحثه على احترام القوانين الجاري بها العمل. وفي صلة بذات الخروقات وصلاحية التدخل تشير المادتين 49 و50 من القانون رقم 78.00 المتعلق ب"الميثاق الجماعي" إلى أن رؤساء الجماعات يمارسون وبحكم القانون مهام الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة. فيما تؤكد المادة 53 بكل وضوح أن للرئيس أن يطلب القوات العمومية بالتدخل بالقوة لاحترام مقرراته. كما تفيد المادة 39 من نفس القانون أن المجلس الجماعي هو من يقرر إحداث موافق عمومية منها الذبح ونقل اللحوم والأسماك، ومن بين القوانين أيضا المؤطرة لموضوع المجازر نجد مرسوم عدد 2.12.612 صادر في 19 من محرم 1434(4 ديسمبر 2012 ) بتغيير وتتميم القرار الصادر في 10 صفر 1375(28 سبتمبر 1955 ) بشأن مراقبة نظافة لحوم الأسواق. والذي يحدد شروط دخول وبيع اللحوم المنقولة بين الجماعات بقرار مشترك لوزير الداخلية ووزير الفلاحة والصيد البحري. والذي يؤكد أن اللحوم ينبغي أن يكون مصدرها مجازر معتمدة على المستوى الصحي طبقا للقوانين الجاري بها العمل. كما تنص مادته 4 على أن يتم نقل اللحوم طبقا للقوانين الجاري بها العمل المتعلقة بنقل المواد القابلة للتلف. على هذا المستوى أيضا أكد أكثر من جزار أن الأطباء النزيهين يتعرضون للتهديد أحيانا وتخاض معهم حرب ضروس تعتمد الوشاية الكاذبة والهجوم عبر الإعلام إلى أن تتوج بمغادرة الطبيب النزيه كما حدث بمجزرة باب الخميس قبل سنتين مع أحد الأطباء المعقولين يصف مصدرنا. الحل في التدبير المفوض؟ يسجل الفاعلون في المجال الجماعي والذين لهم صلة مباشرة بموضوع المجازر وتدبيرها أن القوانين ذات الصلة بموضوع المجازر وبالتدبير الجماعي بشكل عام تعرف نوعا من التقادم والتجاوز بفعل تتطور الممارسة وحيل الغش وأيضا التحولات السياسية والدستورية التي عرفتها البلاد، ولذلك يراهن الفاعلون في المجال على القانون التنظيمي الجديد المرتقب في هذه الولاية الحكومية والذي يهم "الجماعات الترابية" ليشكل مجال لإعادة النظر في العديد من القوانين القديمة، خاصة منها ظهير غشت 1914، والذي ينظم "إنشاء المحلات المضرة بالصحة والمحلات المزعجة والمحملات الخطرة" والتي منها المجازر التي يصنفها خطرة من الدرجة الأولى، وهو القانون الذي ما يزال يحمل توقيع المقيم العام الفرنسي اليوطي. كما يلاحظ الفاعلون والمشرفون على موضوع تدبير المجازر أنها في المجمل لا تخضع للتطبيق كما يؤكد ذلك حال مجزرة سوق الخميس وأيضا ملاحظات العديد من البرلمانيين وكذا متدخلين جماعيين بالمجال على واقع العديد من المجازر بالمغرب والتي اعتبر أن ثلتها لا تستجيب للظروف القانونية المطلوبة خاصة على مستوى الذبح والنقل والتوزيع. في هذا الاتجاه أكد ل"التجديد" أكثر من مسؤول جماعي أن القوانين تقادمت، وأن المجالس الجماعية وخاصة في المدن الكبرى لم تعد لها القدرة لا البشرية ولا المادية على تسيير جيد للمجازر، وأنه آن الأوان أن يشملها التدبير المفوض كآلية وذلك بما يضمن النظافة وصحية اللحوم المنقولة للمواطنين وأيضا حقوق المجالس في علاقتها بالخواص وأن يكون كل ذلك بضمانات قوية. ومن خلال المعاينة تأكد أن القوانين ذات الصلة بالمجازر ومراقبتها واحترامها للشروط البيئية والصحية تعرف مشاكل عدة فوواقع مجزرة سوق الخميس نموذجا تؤكد ذلك، حيث نجد مثلا أن قانون البيئة-الذي يحمل رقم 12.03 المتعلق بدراسات التأثير على البيئة يتحدث في بابه الثاني والثالث عن "ضرورة التقييم الممنهج للآثار المحتملة المباشرة وغير المباشرة، المؤقتة والدائمة للمشروع على البيئة، وبشكل خاص تقييم آثاره على الإنسان والحيوان والنبات والتربة والماء والهواء والمناخ والوسط الطبيعي والتوازن البيولوجي والممتلكات والمآثر التاريخية، وعند الاقتضاء، على الجوار والنظافة والأمن والصحة العمومية مع مراعاة تفاعل هذه العناصر فيما بينها"، وهي الحالات التي وقف الاستطلاع على جزء كبير من عدم توفرها. مجزرتان فقط بالمغرب! في صلة بوضعية باقي مجازر المملكة والبالغ عددها 722 مجزرة، منها 182بالمدار الحضاري و540 مذبحة قروية، أكد عبد الرحمن بن لكحل، رئيس قسم سلسلة الإنتاج الحيواني بوزارة الفلاحة والصيد البحري، في ندوة أخيرة حضرتها "التجديد" أن المغرب لا يتوفر حاليا إلا على مجزرتين يمكن اعتبارهما تتوفران على معايير السلامة الصحية وأن باقي المجازر تعرف عددا من التجاوزات على هذا المستوى. وفي ذات الندوة التي نظمتها "الفدرالية البيمهنية للحوم الحمراء" بسلا، قال محمد كريمين، الكاتب العام للفدرالية، إن ثلث اللحوم التي تسوق في المغرب لا تستجيب للظروف المطلوبة خاصة على مستوى النقل والتوزيع، مشيرا إلى غياب المبردات في جل المجازر من خلال الحالة المتقادمة وغير الصالحة لتجهيزات الذبح على الصعيد الوطني. ونبه بدوره للأوضاع التي تعرفها المجازر والمذابح التي يقع جلها وسط المدن وفي الأسواق الأسبوعية، مشددا على ضرورة الرفع من وتيرة تعاون كافة المتدخلين ومهنيي سلسلة اللحوم الحمراء بغية تحقيق تأهيل حقيقي للقطاع. و نبه المتدخلون في الندوة ذاتها، للأوضاع غير الصحية التي تعرفها جل المجازر والمذابح على المستوى الوطني، مما يستدعي، بالنسبة لهم، تنزيل مضامين عقد البرنامج الموقع بين الحكومة وفدرالية تنمية سلسلة اللحوم الحمراء في إطار المغرب الأخضر، الرامي إلى إنتاج 500 ألف طن من اللحوم في أفق 2020 أي بزيادة 124 ألف طن. أمام هذا الواقع فإن المغرب يعتزم رفع إنتاجه من اللحوم الحمراء إلى نصف مليون طن سنويا بحلول عام 2020 مقابل 376 ألف طن خلال العام المنصرم، ووفقا لمعطيات تضمنها المخطط الأخضر فأن تحسين إنتاج اللحوم سيفضي إلى إحداث نحو 100 ألف فرصة عمل جديدة بقطاع إنتاج اللحوم الحمراء، مشيرا إلى أن القطاع يحقق رقم معاملات سنوي يقدر ب 22 مليار درهم كما هو الشأن لسنة 2011. تفيد العديد من المعطيات أن واقع المجازر بالمغرب وظروف الذبيحة وأيضا توزيع اللحوم ليس على ما يرام، كما تؤكد ذات المعطيات أن حال مجزرة سوق الخميس بسلا الصادم ليس وحيدا، ففي جهة الرباطسلا زمور زعير تفيد معطيات أن مجزرتي سوقي الأحد ببولقنادل والكاموني لا تقل رداءة عن مجزرة سوق الخميس، لكن يطرح السؤال حول وجود إرادة قوية تضع حدا أو تخفف من ظواهر تستهدف صحة المواطنين وحقهم في بيئة نقية أم أن هذا الاستطلاع وغيره سيبقى مجرد صيحة في واد وأن الوضع سيستمر من سيئ إلى أسوء؟