قال محمادين الاسماعيلي مدير مكلف بتدبير الحياة المدرسية بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني إن الوزارة تعمل على مراجعة استراتيجيتها في مجال الصحة المدرسية والأمن الإنساني، وذلك عبر إدماج المواضيع ذات راهنية والمقاربات التربوية والتقنيات الحديثة وتطوير آليات التنسيق البين قطاعية، بهدف ضمان حق المتمدرسين في الصحة وكذا الوصول إلى المعلومة. وأوضح محمادين في حوار مع جريدة "التجديد" أنه رغم المجهودات المبذولة من أجل النهوض بصحة التلاميذ وحمايتهم داخل وفي محيط المؤسسات التعليمية؛ إلا أن برامج السلامة والصحة المدرسية تظل غير كافية ولا تستجيب لكل الحاجيات المعبر عنها من طرف التلميذات والتلاميذ وأوليائهم والأطر التربوية والإدارية. * ما هي المعطيات التي تتوفر عليها وزارتكم بخصوص التلاميذ الذين تشملهم أنشطة الصحة المدرسية؟ ** تشمل أنشطة الصحة المدرسية، سواء الطبية منها أو الوقائية كل الأطفال المتمدرسين وكذا جميع الأسلاك التعليمية. وفيما يخص الفحوصات الطبية المنتظمة يستفيد منها التلاميذ المسجلين الجدد بالتعليم الأولي والسنة الأولى من السلك الابتدائي والسنة الأولى من السلك الإعدادي؛ إلا أن هناك بعض البرامج الخاصة التي يتم اعتمادها ببعض الأكاديميات الجهوية حسب خصوصيات المنطقة وكذا حسب الفئة العمرية. فيما يخص عدد التلاميذ المستفيدين من هذه الأنشطة نذكر على سبيل المثال: برنامج الارتقاء بالتربية على الصحة الإنجابية والذي استهدف تلميذات وتلاميذ التعليم الثانوي الإعدادي، فقد استفاد منه 3 مليون و500 ألف تلميذة و300 ألف أم 140 ألف تلميذ منذ انطلاقه سنة 1998. وبرنامج التربية الغذائية والذي يهم تلميذات وتلاميذ التعليم الابتدائي العمومي والخصوصي استفاد منه ما يفوق أربعة ملايين و500 ألف منذ انطلاقه سنة 2003 ، ثم برنامج إعداديات وثانوياث بدون تدخين استفاد منه أزيد من مليون و200 ألف متعلم ومتعلمة منذ انطلاقه سنة2007. * ما هي أهم الإشكالات الصحية التي تم رصدها لدى فئة التلاميذ؟ ** يعتبر الحق في التربية والصحة من الحقوق الأساسية للمواطن، إذ يمثلان وسيلة ضرورية للمشاركة الفعالة في المجتمعات الاقتصادية العصرية، لكن العديد من الأطفال والشباب في العالم، ومن بينهم المغرب يعانون من تعثر في مسارهم الدراسي بسبب نقص في مجال التغطية الصحية وتبني سلوكات مولدة للخطر. وقد أثبتت الدراسات والبحوث المنجزة من طرف وزارة الصحة أن 15.5 بالمائةمن الأطفال والشباب يتعاطون للتدخين و5.5 بالمائة يستهلكون المشروبات الكحولية و14.6 بالمائة يعانون من الزيادة في الوزن، و72 بالمائة من الأطفال أقل من 12 سنة يعانون من تسوس الأسنان إضافة إلى مجموعة من الأمراض المنتشرة في الوسط المدرسي كأمراض العيون والاضطرابات النفسية والأمراض المزمنة. وبالتالي تشكل الصحة المدرسية أحد أولويات قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني لأنها تمكن المتعلمين من اكتساب ثقافة صحية، ومن تنمية مهاراتهم الحياتية وبالتالي جعلهم فاعلين في نشر مبادئ التربية الصحية داخل المؤسسة التعليمية ومنها إلى الأسرة والمجتمع. * ما هي طبيعة الأنشطة الوقائية والصحية التي تشرفون على تنظيمها داخل المؤسسات التعليمية؟ ** ترتكز أنشطة الصحة المدرسية على ثلاث محاور: - الأنشطة الطبية: و تهدف إلى تعزيز الأنشطة الموجهة لدعم صحة التلاميذ بتنسيق مع وزارة الصحة وتتضمن: تتبع برامج الوقاية الصحية؛ المساهمة في عملية الفحوصات الطبية وحملة التلقيح؛ توفير الملف الصحي؛ حملة محاربة أمراض العيون... - التربية الصحية من خلال تنظيم حصص تحسيسية وإنجاز وثائق تربوية (ملصقات و دلائل، ومطويات، وكتيبات ....)؛ تتعلق بنشر الوعي الصحي والسلوكيات المعززة للصحة في مواضيع مختلفة: الأمراض السارية والمعدية -التربية الغذائية- الصحة الإنجابية والجنسية مكافحة التدخين والمخدرات- التربية الاستهلاكية- التربية الطرقية - أهمية المواد الدقيقة - استعمال الملح المزود باليود- التربية على النظافة- الوقاية من أمراض الفم والأسنان- محاربة العنف بشتى أنواعه - أنشطة المراقبة: وتهدف إلى تعزيز مراقبة الوضعية الصحية للتلاميذ(ات) والمؤسسات التعليمية وتتضمن: تتبع برامج الوقاية الصحية؛ مراقبة الداخليات في إطار التعاقد مع الأطباء؛ تتبع مراقبة المطاعم المدرسية؛ المراقبة الصحية للمخيمات المدرسية؛ مراقبة الشواهد الطبية للتلاميذ.. * أين وصل مشروع تعميم الدفتر الصحي للتلميذ؟ ** اعتبارا لكون الدفتر الصحي المدرسي وثيقة ضرورية لتسجيل التلاميذ الجدد وأداة تمكن الفرق التربوية والصحية من تتبع الحالة الصحية للتلاميذ أثناء مسارهم الدراسي فقد تمت خلال الموسم الدراسي 2012-2013 مراجعة الدفتر الصحي المدرسي من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والمصادقة عليه من طرف وزارة الصحة وكذا طبعه في مليون و900 ألف نسخة؛ تبعا للحاجيات المعبر عنها من طرف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين التابعة للوزارة؛ ووزعت مجانا على المتمدرسين والمتمدرسات بدعم من منظمة اليونيسف. * تبنت وزارة التربية الوطنية مشروع إحداث النوادي الصحية بالمؤسسات التعليمية منذ سنة 1994 أين وصل هذا المشروع؟ ** تشكل الأنشطة التربوية الصحية على صعيد المؤسسسات التعليمية مجالا خصبا يساهم في إكساب التلاميذ ثقافة صحية، وبهدف إحداث آلية قارة لتنظيم هذه الأنشطة الصحية، عمدت الوزارة سنة 1994 إلى تبني مقاربة إحداث الأندية التربوية( الصحية)، حيث انطلقت المرحلة النموذجية بكل من جهتي الرباطسلا زمور زعير والغرب الشراردة بني حسن، وذلك عبر تكوين منشطين تم اختيارهم بناء على معايير تم تسطيرها لهذا الغرض. واعتبارا للدور الذي لعبته هذه الأندية، وبفضل دعم المنظمات الدولية تم توسيع شبكة هذه الأندية الصحية لتشمل تدريجيا 16 جهة، كما تم تجهيزها بناء على الحاجيات المعبر عنها من طرف هذه الأندية. كما تم في هذا الإطار تبني مقاربة التثقيف بالنظير، حيث تم تكوين 20 مثقف نظير عن كل مؤسسة محتضة لنادي تربوي صحي. وحسب إحصائيات الموسم 2013/2014 فقد بلغ مجموع الأندية الصحية 4379 من أصل25511 دون احتساب 2832 نادي للرياضة. وفي هذا السياق، وبغية تمكين الفاعلين التربويين بالمؤسسات التعليمية من أجرأة إحداث الأندية لتحقيق الأهداف المرجوة، وكذا توحيد الرؤى والمفاهيم المتعلقة بأنشطة الأندية التربوية تم إضافة إلى المذكرات المتعلقة بالحياة المدرسية إعداد مجموعة من الدعامات نذكر منها دليل الحياة المدرسية؛ دليل الأندية التربوية؛ دليل مراكز رصد العنف بالوسط المدرسي، دليل الأنشطة التربوية؛ مصوغة تنمية المهارات الحياتية. * كشفت تقارير وزارة التربية الوطينة عن وجود ثغرات عميقة في نظام الصحة المدرسية، من أهمها عدم توفر المدارس سواء في القطاع الخاص او العام على عيادات طبية أو صيدلية مدرسية إلى جانب غياب شروط النظافة داخل المؤسسة وخاصة في المرافق الصحية وضعف الإمكانيات المتوفرة لسلامة التلاميذ المؤسسات المدرسية، لماذا بنظركم لم يتم تجاوز هذه الثغرات، وما هي العراقيل التي تمنع ذلك؟ ** رغم كل المجهودات السالفة الذكر وأخرى قد لا يتسع المجال لذكرها والمبذولة من أجل النهوض بصحة التلاميذ وحمايتهم داخل وفي محيط المؤسسات التعليمية؛ بإشراك شركاء الوزارة في هذا المجال ودعم من كل الفاعلين، حيث تواصل الوزارة، على سبيل المثال لا الحصر، مجهوداتها من أجل تعميم خدمات الحراسة والنظافة بصفة تدريجية على المؤسسات التعليمية، مدعومة في ذلك باتفاقية الشراكة الموقعة مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية بهذا الخصوص، تظل برامج السلامة والصحة المدرسية غير كافية ولا تستجيب لكل الحاجيات المعبر عنها من طرف التلميذات والتلاميذ وأوليائهم والأطر التربوية والإدارية. وعلى مستوى آخر، في إطارتفعيل برنامج التعاون بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ووزارة الصحة، يتم وفق برنامج العمل السنوي الجهوي زيارة المؤسسات التعليمية ومختلف مرافقها الصحية من طرف ممرض الصحة المدرسية وذلك بغرض مراقبة نظافتها والعمل على تحسين شروطها الصحية. كما أنه من بين معايير بناء المؤسسات التعليمية توفير مصحة مدرسية يتم فيها القيام بالفحوصات الطبية المنتظمة وكذا الأنشطة الطبية بصفة عامة بحيث يتم تجهيزها بالمعدات الطبية الضرورية. والوزارة تنهج سياسة توسيع المصحات لتشمل كل المؤسسات مع العلم أن كل الداخليات تتوفر على مصحة. وبهدف جعل المؤسسات التعليمية فضاء للأمن الإنساني يوفر كل شروط الصحة ويحميهم من مختلف المخاطر وجب إعداد مشروع متكامل لبلورة العدة الصحية وتحسينها، وذلك بوضع أسس نظام للصحة المدرسية يضمن المساواة في الولوجية للعلاج بالنسبة للتلاميذ بجميع فئاتهم وذلك من خلال توظيف أطباء آخرين، والتعاقد مع مساعدات صحيات واجتماعيات وممرضين مختصين، وكذا وضع خطة لتجهيز المؤسسات بالمعدات الطبية والأدوية الضرورية. * ما هي أهم ملامح الاستراتيجية الوطنية للصحة المدرسية؟ ** تنبثق استراتيجية الصحة المدرسية وموقعها في العملية التربوية من معطى بديهي وهو أن مردودية االمتعلمين والمتعلمات في المجال الدراسي لايمكن أن تكون كاملة في ظل ظروف صحية ونفسية غير ملائمة، وبالتالي فإن أي خلل يمس الحياة المدرسية للتلاميذ ( تغيب، انقطاع عن الدراسة، ضعف المستوى الدراسي، سلوك غير قويم تنتج عنه الإصابة بعدة أمراض منها الأمراض المنقولة جنسيا/ السيدا) مرده إلى أسباب صحية ونفسية واجتماعية يمكن للصحة المدرسية أن تساهم في تجاوزها والحد من تأثيرها. فالتربية الصحية في الوسط المدرسي تمثل ضرورة ومحورا أولويا ضمن استراتيجية العمل التربوي بحيث تحمي المتعلمين والمتعلمات من مختلف الآفات والاختلالات التي تؤدي إلى فقدان صحتهم كما تمكنهم من اكتساب ثفافة صحية، وتنمي مهاراتهم الحياتية وبالتالي جعلهم فاعلين في نشر مبادئ التربية الصحية داخل المؤسسة التعليمية ومنها إلى الأسرة والمجتمع. و في إطار الرؤية الشمولية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، الهادفة إلى تخطيط وبرمج مجموعة من العمليات التي تضمن الارتقاء بصحة التلاميذ وحمايتهم من كل التهديدات والمخاطر والأمراض، ومساعدتهم على اكتساب مهارات حياتية في جميع المجالات التي تهم صحتهم النفسية والجسدية، تعمل الوزارة على مراجعة استراتيجيتها في مجال الصحة المدرسية والأمن الإنساني، وذلك عبر إدماج المواضيع ذات راهنية والمقاربات التربوية والتقنيات الحديثة و تطوير آليات التنسيق البين قطاعية، بهدف ضمان حق المتمدرسين في الصحة وكذا الوصول إلى المعلومة ويتمحور عمل الوزارة حول مجالات متنوعة منها: الأمن الإنساني السلامة الطرقية؛ تدبير المخاطر؛ الوقاية والحد من ظاهرة العنف بالوسط المدرسي؛ الوقاية والحد من التدخين والتعاطي للمخدرات، اليقظة والمراقبة الصحية، المراقبة الطبية المنتظمة؛ حملات التلقيح الوطنية؛وأيضا أنماط الحياة السليمة وتنمية المهارات الحياتية ثم الحكامة والشراكة عن طريق خلق بنيات وأليات التدبير والتنسيق؛ وتطوير الشراكات والتعاون. وتعتمد الوزارة في خطتها على الآليات والمداخل الأساسية التالية: مدخل المناهج؛ مدخل أنشطة الحياة المدرسية؛ مدخل التكوين الأساسي والمستمر؛الدراسات والأبحاث والتقويم. وكآليات التنزيل: الأندية التربوية وخاصة الصحية وخلايا الاستماع والوساطة ومراكز رصد العنف والإصدارات التربوية ذات البعد التأطيري والعملي البيداغوجي.