على الرغم من كون النقابات التعليمية اشتهرت بالدفاع عن المطالب المادية والمعنوية لرجال ونساء التعليم حيث خاضت عددا من الإضرابات والوقفات الاحتجاجية وربما لازالت تطالب الوزارة والحكومة بالاستجابة لعدد من المطالب التي تراها مشروعة،إلا أن هذه النقابات تولي أهمية أيضاً لإصلاح المنظومة التربوية خصوصا وأن مسألة إصلاح التعليم لازالت مطروحة منذ فجر الاستقلال دون أن تجد مختلف الحكومات والوزارات المتعاقبة الوصفة المناسبة لوضع عجلة الإصلاح على السكة الطبيعية وهذا ساهم في تصنيف المغرب في مراتب متأخرة في التربية والتعليم ناهيك عن استفحال ظواهر خطيرة كالهدر المدرسي والتكرار وكذا تراجع وضعف المستوى الدراسي والتعليمي للتلاميذ والطلبة الجامعيين على السواء. لجنة للإصلاح التربوي من أجل هذا طالبت النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية ،وهي النقابة الوطنية للتعليم(ك د ش)،والجامعة الوطنية لموظفي التعليم والنقابة الوطنية للتعليم(ف د ش) والجامعة الحرة للتعليم والجامعة الوطنية للتعليم،(طالبت) بضرورة إصلاح المنظومة التعليمية التكوينية ووافق الوزير رشيد بلمختار على تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض إلى جانب لجن أخرى معنية بالملف المطلبي والنظام الأساسي الجديد لرجال ونساء التعليم. لا إصلاح بدون حكامة شاملة خلال أول اجتماع للجنة إصلاح المنظومة استمع الوزيران بلمختار والكروج إلى مداخلة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والتي قدمها عبدالإله دحمان نائب الكاتب العام للجامعة وقد اشتملت رؤية النقابة على محددات ومداخل أولها ا?همية دور "المدرسة الوطنية والحياة المدرسية" كمحدد ا?ساسي للإصلاح، لكونها "ما زالت غير قادرة على ا?جرا?ة مستويات التفعيل العملي والميداني وتحقيق الغايات الأساسية الكبرى" من ترسيخ قيم المواطنة الحرة، وتنمية روح المسو?ولية، ودعم التنمية الثقافية. كما شددت رؤية الجامعة على ضرورة مواصلة تطوير البرامج والمناهج كمحدد ثان للإصلاح ، من خلال مراجعة المقررات وا?صلاح الكتب المدرسية والمقاربات البيداغوجية، والإسراع با?طلاق دينامية مشروع المناهج الجهوية، وتطوير الكفاءات اللغوية، وذلك من خلال دعم وتقوية حضور اللغة العربية، وتطوير تدريس اللغة الأمازيغية، وتقوية التكوين في اللغات الأجنبية، و دعم التعليم الأصيل ومنحه المكانة اللاي?قة به داخل المنظومة التعليمية . وتشكل الحكامة وا?شكالات تدبير المنظومة التربوية المحدد الثالث للإصلاح، حيث تعتبر الجامعة الوطنية لموظفي التعليم ا?ن لا ا?صلاح للمدرسة الوطنية بدون تطبيق متقدم لمفهوم الحكامة الشاملة في معانيها الحديثة. كما يمثل العرض التربوي المحدد الرابع للإصلاح، ا?ذ ترى الجامعة ضرورة تنويعه، وتقوية الدعم التربوي والاجتماعي للتلاميذ، وتا?هيل البنيات التحتية، ثم تطوير التعليم الأولي وتعميمه. أهمية الموارد البشرية وفي ذات السياق أكد دحمان على ا?همية عنصر تدبير الموارد البشرية كمحدد خامس، مذكرا بالصعوبات المطروحة وحجم القضايا المطروحة ا?ن على مستوى التوزيع والانتشار ا?و التحفيز والاستقرار. مستعرضا المداخل الأساسية لإصلاح منظومة التربية والتكوين، والتي لخصها في "المدخل القيمي الفكري الفلسفي والمرجعي" والذي تقصد به "الفلسفة الفكرية المو?طرة والموجهة للمنظومة التربوية. والمدخل الاقتصادي - السياسي الذي اعتبرته من المداخل الهامة للإصلاح، حيث ا?ن ربط التربية والتكوين بالاقتصاد المنتج، ضرورة حيوية. ويمثل المدخل البيداغوجي ا?هم مدخل بحسب المصدر وجب التفكير فيه و ا?يلاو?ه الأهمية التي يستحقها، ا?ذ دعا ا?لى ا?ن يتصدى لهذا الورش الخبراء والباحثون المغاربة لما يتوفرون عليه من قدرات ومقدراتهم، لبلورة نموذج تربوي مغربي ا?صيل،. ودعت هذه المنظمة النقابية ا?لى ا?يلاء المدخل الاجتماعي للإصلاح ا?همية بالغة من خلال ا?عادة رد الاعتبار للمو?سسة التربوية وللمدرسة وللجامعة بصفة عامة، من خلال تملك المدرسة لدورها في الترقي الاجتماعي وبالحركية الاجتماعية بين الأجيال. ويبقى المدخل الأخير الذي تقترحه النقابة لأي ا?صلاح تربوي هو المدخل الثقافي القيمي، نظرا للتحولات القيمية الكبرى التي وقعت في جميع ا?نحاء العالم وفي المغرب، والتي ا?ضحت تفرض ا?ن تستعيد مو?سسات التنشي?ة الاجتماعية، ومنها المدرسة دورها التثقيفي التنويري الهادف ا?لى الحفاظ على قيم المجتمع. الإصلاح له ثمن سياسي ومالي واعتبرت النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، وفق وثيقة أعدتها الوزارة وحصلت التجديد على نسخة منها ا?ن الإصلاح ليس خطابا بقدر ما يشكل العنصر الثقافي المركزي في بنية التفكير السياسي للدولة، وتساءل علال بلعربي الكاتب العام للنقابة الذي قدم مقترح هيئته عن ا?سباب عدم ترجمة مضامين التقارير الصادرة حول القطاع و مضامين الخطابات الملكية الترجمة العملية، معتبرا ا?ن، ما أسمته نقابته ب"المعضلة الكبرى" هي " معضلة التنفيذ " لكون معظم مشاريع الإصلاح لم يكتب لها النجاح وتحولت ا?لى وثاي?ق رتبت في الأرشيفات ". وا?وضح بلعربي ا?ن للإصلاح ثمنا سياسيا وثمنا ماليا، حيث يتحدد الثمن السياسي بحسبه، بالمنطلقات السياسية والديمقراطية والفكرية والتاريخية للمجتمع الذي نريده غدا، ويتمثل الثمن المالي في ضرورة الاستثمار في الإنسان بالتحفيز وتحسين الدخل المادي والاجتماعي وبتوفير شروط ووساي?ل العمل، وتوفير البنيات الاستقبالية المادية والتربوية والتعليمية للتلاميذ وضمان التكوين الجيد. محاربة الهدر المدرسي وتوفير البنيات التحتية ولتجاوز الاختلالات التي عرفتها جل الإصلاحات السابقة، دعت نقابة الأموي ا?لى تحديد الأسباب الحقيقية التي ا?دت ا?لى الإخفاقات في الماضي، مقترحة في ا?فق الإصلاحات المرتقبة، ا?يقاف "النزيف الذي ينخر الجسد التعليمي" والمتمثل في محاربة الهدر المدرسي، وتوفير بنيات الاستقبال المادية،والاهتمام بالأنشطة الموازية، وسد الخصاص المهول في الموارد البشرية، والنظر با?معان في وضعية الفتاة في العالم القروي، ومعالجة ملفات الفي?ات التعليمية و ظاهرة الاكتظاظ ، والتمكن من الكفايات المخصصة لكل مستوى وسلك تعليمي. كما اقترحت ا?يضا لتجاوز النقاي?ص، الاهتمام بقضايا الإصلاح ذات الطابع البنيوي، كالتعليم الأولي الذي يعتبر القاعدة الأساسية لكل ا?صلاح، واللغة كعنصر مركزي في منظومة الإصلاح، معتبرة ا?ن المقترح الوارد في الميثاق الوطني للتربية والتكوين هو الأنسب في عملية التدريس، مع الأخذ بعين الاعتبار ما جاء به دستور2011 بخصوص موضوع اللغات.